محللون: دبي قادرة على مواجهة الأزمة.. واستبعاد تأثر العالم من «ديون دبي»

قالوا إن جدولة الديون تعني أن السيولة غير متوفرة حاليا وربما تتوفر مستقبلا

TT

كما كانت دبي تملأ الدنيا وتشغل الناس بكل ما تخرج به من مشاريع وبحجم نموها الهائل قبل أزمة المال العالمية، تشغله اليوم أيضا في ظل الأزمة الخانقة التي يبدو الحديث عن أفولها عن اقتصاد العالم المرهق ليس بالأمر الدقيق، بعد ما فتحه إعلان دبي تأجيل سداد ديون شركة دبي العالمية لمدة ستة أشهر من شهية في الإعلام العالمي وأوساط المستثمرين يرى البعض أنه اخرج الأمور عن حدوده الطبيعية، فيما يميل الآخرون إلى صعوبة الأزمة ودقة المرحلة ومصيريتها.

فما الذي يعنيه قرار دبي تأجيل سداد ديون دبي العالمية مدة ستة أشهر برأي المحلل الاقتصادي أيمن عبد النور؟ إن ذلك يعني أن المبالغ التي كان من المفترض سدادها في التواريخ المحددة لم تتوفر لدى دبي، ولكن هذا لا يعني أنها لن تتوفر في المستقبل أو أن ليس هناك عائدات تمكن من الوفاء بالالتزامات، ولكن يعني أن هناك تغييرا في شروط العقد الذي تم إبرامه في فترة نهوض وازدهار دبي. هذا يعني أيضا برأيه أن لأي عملية اقتصادية بهذا الحجم تأثيرها السياسي في مفهوم الاقتصاد السياسي، لذلك يتوقع أن نشهد إعادة هيكلة اقتصادية ومالية، وهيكلة في طريقة التعامل واختيار الأشخاص والقيادات ومقاربة الانفتاح لمستقبل دبي، وهي كلها يفترض أن تتم معالجتها ضمن مطبخ صناع القرار كمنعكس سياسي للمفهوم الاقتصادي.

ويذهب المحلل الاقتصادي للقول بأن المشكلة في تحليلنا لمثل هذه القضايا يفترض أن يعطى بناء على معطيات وأرقام، وهذه جميعها غير متوفرة كنتيجة للتشابك في الشركات القابضة ومن يملك من ومن لديه حصة في أي شركة وكلها تتبع لمن، كما أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة تمكن من إعطاء تحليل اقتصادي دقيق.

ومع ذلك يرى عبد النور أنه لا توجد أي مشكلة لا يمكن الخروج منها إذا توفرت النيات وتوفر فريق مؤهل «لذلك يفترض بما أن هذه الأزمة ليست صغيرة يفترض أن الاستنفار سيؤمن الخروج منها من خلال تأمين هذه العناصر، وفريق العمل يجب أن يتضمن اقتصاديين وسياسيين وإعلاميين ومن يعملون على مستوى الأمن القومي وإلا ستكون المعالجة قاصرة» «مهما كان الوضع صعبا واستطعت أن تخرج منه فهذا سيمنحك مصداقية في الدخول في تحديات في المستقبل والخروج منها».

أما المحلل الاقتصادي حسن عبد الرحمن، فيرى أن على الجميع أن يتذكر أن أزمة دبي هي جزء من أزمة مالية عالمية، كما أن هناك أزمة سيولة حقيقية في كل العالم وكل شركات العالم الكبرى قامت بعمليات جدولة لديونها ناهيك عن الحكومات «فلماذا هذا حرام على دبي أن تطلب جدولة ديونها، فيما الأميركيون قاموا بجدولة أجزاء كبيرة من ديونهم وفي أوروبا أيضا».

ويسأل عبد الرحمن، لماذا أصبحت ديون دبي مؤشرا على تجدد الأزمة المالية؟ وهل نسي العالم ما حدث في أميركا من إفلاس أكثر من 200 مصرف؟! ولذلك من المنطقي أن لا يكون موقف دبي بأي شكل مفتاحا لتجدد الأزمة، والسبب أن لكل ظروفه «فلو أنهم أرادوا إعلان ذلك لأعلنوه، فهناك شركات كثيرة في أوروبا أعلنت إفلاسها وليس جدولتها. فلماذا إعلان الإفلاس لم يشكل أزمة وإعلان جدولة لمدة ستة أشهر يثير كل هذا اللغط».

ويذهب عبد الرحمن لتعليل الآراء الحادة من قبل الصحافة الغربية بالقول «الصحافة البريطانية تثور حميتهم عندما يطرأ أي طارئ في دبي، فهم لا يفهمون واقع المنطقة لا في السياسة ولا في الاقتصاد، أما نحن أبناء المنطقة وأنا واحد منهم، فأعتقد أن دبي قادرة على أن ترتب أمورها والأشهر الستة التي طلبتها لا تشكل مشكلة فالكل يفعل ذلك، فما قيمة 80 مليار دولار هي إجمالي ديون دبي أمام الترليونات التي ولدت أزمة العالم».

وفيما يتعلق بمدى صعوبة الأزمة، يرى عبد الرحمن أن الأزمة صعبة لدرجة التأجيل، ودبي هي جزء من الاتحاد الإماراتي، والجميع سمع عن مساعدة أبوظبي، ولكن ليس في كل شيء ودبي لا تريد المساعدة في كل شيء والمصرف المركزي الإماراتي يراقب الأزمة ولن يتركها تتفاقم».

ولكن أعتقد أن الأزمة قد تؤثر على ثقة المستثمرين ومنطقة الخليج كنتيجة للصدمة بين الواقع الحالي الذي يثيره الإعلام والمعلومات التي توفرت عند المستثمرين عن حجم الأزمة وهنا تولدت الصدمة ومع أن الصدمة أخذت اتساعا أكثر بكثير من الواقع من خلال تراجع الأسواق المالية، أعتقد أن تأثير الصدمة زاده أن دبي مركز مالي عالمي والعيون عليه والرأي هنا للمحلل الاقتصادي غسان خير.

أما كيف سيؤثر تأجيل الديون فبرأيه «سيؤثر على البنوك التي قامت بعمليات تمويل كبيرة لدبي، بالإضافة إلى الشركات العقارية النشطة خارج الدولة وحجم ديون دبي العالمية وما يشكله من إجمالي ديون دبي يثير شهية إعلام العالم».

ويرى الخبير الاقتصادي غسان خير، أن المراكز البحثية في هذه المرحلة تحاول أن تعطي نتائج غير متقاربة ولنقل كلاما بعيدا عن العاطفة، فقيادة دبي لا تزال قادرة على مفاجئتنا وامتصاص آثار الأزمة، ولكننا نحتاج إلى وقت لنلاحظ ذلك ومن خلال خبرتي مع دبي أعتقد أن القيادة ستفاجئنا وهي ليست المرة الأولى، كما أن الإمارات كلها سيكون لها دور كبير».

أما ما يقال عن أن دبي ستفتح الباب أمام أزمة جديدة، فهو برأي غسان خير، ناتج عن المبالغة بسبب الصدمة التي أثارتها الأزمة، أما التحامل فهو كنتيجة لأن دبي أعطت نمطا فريدا، فأي مشاكل تطفو على السطح تصبح بيئة خصبة للتهويل».