ما الذي يربط بين أسعار النفط العالمية وأزمة ديون دبي؟

دبي لا تصدر سوى أقل من 30 ألف برميل يوميا.. وأزمة ديونها هبطت بأسعار النفط 5%

TT

خلال العام الماضي 2008 لم يشكل النفط سوى 2 في المائة من الدخل الإجمالي لإمارة دبي، ومع هذا فإن أسعار النفط العالمية تضررت كثيرا بعد إعلان دبي من أنها ستطلب من دائنيها في مجموعة «دبي العالمية» تأجيل سداد الديون لمدة ستة أشهر، وهو ما ألقى بظلاله على موقع دبي على خارطة أسواق النفط العالمية، فهل يستمر هذا التأثير أم أنه يتلاشى بدءا من تداولات اليوم؟

فقد بدأ التأثير واضحا على أسواق النفط في العالم التي تأثرت بقوة هي الأخرى، شأنها شأن أسواق المال العالمية، من أزمة «ديون دبي»، فتراجعت أسعار الخام الأميركي إلى 94. 73 دولار للبرميل بانخفاض بلغ 5 في المائة يوم الجمعة الماضي مقارنة بيوم الأربعاء، حيث كان يوم الخميس عطلة رسمية للأسواق بسبب عيد الشكر، وذلك بعد إعلان دبي طلبها تأجيل سداد ديونها.

وإذا كانت جارة دبي، وهي العاصمة أبوظبي تسعى لأن تصل بإنتاجها النفطي إلى 3.5 مليون دولار في نهاية العام الحالي، فإن كمية تصدير دبي للبترول لا تتجاوز 30 ألف برميل يوميا، بل إن النفط ليس ضمن أولويات إمارة دبي في دخلها الإجمالي، بالطبع بسبب محدوديته وليس كرها في الذهب الأسود، لكن كل ذلك لم يمنع من أن تتأثر الأسواق العالمية بأزمة ديون دبي، إلى الدرجة التي ينخفض فيها سعر البترول 5 في المائة دفعة واحدة، على الرغم أن دبي ليست من كبار مصدري النفط حول العالم.

يجيب على سؤال «الشرق الأوسط» طارق قيس الصغير، محلل اقتصاديات الطاقة في تريس داتا إنترناشيونال، بالقول إن ارتفاع أسعار النفط من 35 دولارا إلى 80 دولارا خلال عام 2009 كان بسبب المراهنة على عودة الانتعاش للاقتصاد العالمي، «والذي لا يعدو كونه سوى تفاؤل مفرط، ولا يؤخذ بعين الاعتبار استمرار الضغوط الانكماشية التي ستبقى إلى نهاية الربع الأول من 2010».

ويعتقد المحلل الصقير أن أسعار النفط الحالية تعكس التفاؤل المفرط في أسواق المال، وأنها لا تمت لواقع أسواق النفط بصلة، «ولهذا سوف نشهد تصحيحا قويا لتلك الأسعار خلال الربع الأول من 2010 تدفعنا للعودة إلى مستويات الـ30 دولارا خصوصا أن معدلات الطلب، التي تعكس عمليات تخزين للمضاربة على ارتفاع أسعار النفط، بدأت تنخفض بشكل كبير.

أما في ما يخص تزامن هبوط أسعار النفط مع تطورات ديون إمارة دبي، فبحسب محلل اقتصاديات الطاقة طارق الصقير، فإنه مرتبط بمخاوف المراقبين من أن تشكل تلك التطورات بداية لسلسلة من البيانات الاقتصادية السلبية، التي قد تدفع إلى تدني التفاؤل في تعافي الاقتصاد العالمي خلال 2010 بعد توقف عجلة الإقراض، خصوصا، كما يقول الصقير، إن عجلة الإقراض ساهمت في خلق طلب على النفط قائم على معدلات الإقراض المرتفعة مما أدى إلى ظهور حالة الطلب المفرط على النفط في الفترة ما بين 2003 إلى 2008. ويضيف «لا أتوقع عودة الطلب على النفط إلى مستوياته السابقة خصوصا أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة ضغوط انكماشية إلى نهاية الربع الأول من 2010 بالإضافة إلى وصول مستويات المخزون التجاري لدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى خمسة مليارات برميل تقريبا، أي ما يعادل 62 يوما من الطلب العالمي على النفط، وهو أعلى مما تستهدفه أوبك بنحو عشرة أيام، وعلى منظمة أوبك أن ترفع نسبة الالتزام بحصص الخفض المقررة، من 60 في المائة إلى 90 في المائة، وإذا لم تقم أوبك برفع نسبة الالتزام بالخفض، فسيشهد انخفاض أسعار النفط مستويات الخمسين دولارا وإذا كانت دبي لا تصدر البترول بكميات تجارية، فإنها سعت للاستفادة من موقعها الجغرافي بطريقة أخرى، عندما أسست بورصة دبي للطاقة، التي تعد البورصة الأولى لعمليات التداول الآجلة للسلع والطاقة في الشرق الأوسط، حيث توفر بيئة تجارية تتسم بالشفافية والأمان المالي وتخضع لقوانين محكمة. ويمتلك المساهمون الرئيسيون في البورصة حصة الأغلبية وهم شركة «تطوير»، العضو في «دبي القابضة» التابعة للحكومة المحلية، ومجموعة بورصة شيكاغو للسلع، وصندوق الاستثمار العماني. كما طرحت البورصة حصة من أسهمها بنسبة 20 في المائة للبيع في شهر أغسطس (آب) 2008 لمجموعة من المستثمرين الاستراتيجيين تضم مجموعة من المؤسسات المالية العالمية الكبرى وشركات تداول الطاقة، بما في ذلك «غولدمان ساكس، ومورغان ستانلي، وجيه بي مورغان، وفيتول، ومجموعة شل، وكونكورد للطاقة».

ويوم أمس أعلنت بورصة دبي للطاقة، أن حجم التداول في مؤشر عقد عمان الآجل للنفط الخام، قد تجاوز حاجز المليون عقد، وهو ما يمثل تداول مليار برميل من النفط الخام، وذلك منذ إطلاق عمليات التداول في البورصة بتاريخ 1 يونيو (حزيران) 2007.

وفي نهاية عمليات التداول ليوم أول من أمس، وصل إجمالي حجم التداول في عقد عمان الآجل للنفط الخام إلى أكثر من مليون عقد، أي ما يعادل أكثر من مليار برميل من النفط الخام، حيث يمثل كل عقد 1000 برميل. وتعتمد دبي في تسعير نفطها في بورصتها للطاقة على عقد عمان الآجل للنفط الخام.

ويقول مسؤولون في بورصة دبي للطاقة إن عقد عمان الآجل للنفط الخام في بورصة دبي للطاقة، شكل منذ إطلاقه، «الآلية الأكثر شفافية وعدالة من حيث تسعير النفط الخام في أسواق شرق السويس». وأنه انعكاس للسيولة المتزايدة الناتجة عن عقدها الرئيسي، سجلت بورصة دبي للطاقة ارتفاعا بنسبة 60 في المائة على أساس سنوي في متوسط حجم التداول اليومي خلال عام 2009، الذي بلغ 2.037 عقد.

ويقول أحمد شرف، رئيس مجلس إدارة بورصة دبي للطاقة، إنه تداول مليار برميل من النفط الخام في البورصة، «يؤكد للأسواق والمساهمين ومختلف الجهات المرتبطة بعمل البورصة أننا نعتمد الأسس السليمة لضمان النجاح على المدى الطويل بالنسبة لعقد عمان الآجل للنفط الخام، العقد الرئيسي في بورصة دبي للطاقة، ونجاح البورصة عموما». اما كريغ دونوهو، الرئيس التنفيذي لمجموعة بورصة شيكاغو فقد قال، إن وصول البورصة لتداول مليار برميل «يعكس القبول المتزايد لعقد عمان الآجل للنفط الخام بين أهم المتعاملين في أسواق الطاقة حول العالم، وخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ونحن نتطلع إلى مواصلة التعاون الناجح القائم بين مؤسستينا اللتين توفران للعملاء أهم ثلاثة عقود معيارية للنفط الخام، التي تخدم منطقة الشرق الأوسط، وأوروبا، وأميركا الشمالية عبر منصة عالمية تعمل على مدار الساعة».