العراق: روسيا تطمح في عروض نفطية تفضيلية.. وأميركا تعده قطاف خسائر الحرب

خبراء في البصرة: «كسر العظم» هو المرجح بين بغداد وموسكو في جولة التراخيص الثانية

TT

أعلنت وزارة النفط العراقية، أنها ستطرح مزاد التراخيص الثانية لاستثمار حقول النفط يومي الجمعة والسبت المقبلين على شركات النفط العالمية.

ويضم المزاد حقلي غرب القرنة ومجنون، ويرى خبراء نفطيون في محافظة البصرة أنه إذا منحت وزارة النفط شركتي «لوكويل» و«غازبروم» الروسيتين عروضا تفضيلية باستثمار المرحلة الثانية من حقل غرب القرنة باعتبارهما حصلتا على عقد لاستثمار الحقل في زمن النظام السابق قبل إلغائه، فإن شركة «توتال» بالتعاون مع «شيفرون» (CVX) ستقوم بإشعال نيران المواجهة. وذلك باعتبار أن الأميركيين لم يخوضوا الحرب ويقدموا تضحيات جسيمة بأرواح جنودهم وأموال دافعي الضرائب، لكي يتقاسموا بعد ذلك المصالح مع أي كان ـ على حد وصفهم. ووصفوا في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التراخيص بالصعوبة كونها تشكل مفترق طرق في العلاقات السياسية والاقتصادية بين بغداد وموسكو، إن لم تحصل شركاتها على عقد غرب القرنة البالغ الأهمية.

وقال الدكتور عبد الجبار الحلفي (الخبير النفطي بجامعة البصرة) «حرصت الحكومة العراقية على تطوير التعاون مع روسيا والذي تمخض بتوقيع مذكرة التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني في 11 فبراير (شباط) 2008، وهي بمثابة خارطة الطريق لتطوير التعاون بين البلدين في المستقبل».

كما أنها فتحت الباب أمام الشركات الروسية للمشاركة في جميع المشاريع والمناقصات التي ستنظم في العراق.

وأشار إلى أن العلاقات الروسية ـ العراقية تستند على أساس المنفعة المتبادلة والتي تعد أهم شروط تفعيل العلاقات بين الطرفين، ومن بينها إحياء عقد شركة «لوك أويل» الذي يعد الاتفاق الذي وقعته مع الحكومة العراقية السابقة بقيمة 3.7 مليار دولار، الذي ما زال ساريا بمقتضى القانون الدولي، وإن ألغته بغداد من طرف واحد في أواخر عام 2002 قبل شهور من الغزو الذي أطاح بحكم الرئيس صدام حسين.

واتهمت الشركة بعدم تنفيذ التزاماتها ببدء العمل وإجراء اتصالات مع أطراف معارضة للنظام وقتذاك، فيما بررت الشركة موقفها بأن «يديها مغلولتان بسبب العقوبات التي كانت الأمم المتحدة تفرضها على العراق سارية المفعول».

وأوضح الحلفي أن «لدى الولايات المتحدة ما يكفي من قدرات بما فيها المالية لكي تستغل وحدها الاحتياطي النفطي العراقي الذي يعد الثاني في العالم بعد السعودية، في حين ليس من السهولة أن تتخلى موسكو عن امتيازها السابق والذي سيكلفها خسائر ملموسة ما بين 150 إلى 180 مليون دولار بغض النظر عن ما ستدره عمليات التنقيب والاستخراج في المستقبل والذي يمتاز بالتكلفة الواطئة».

وتبلغ التكلفة الاستثمارية لإنتاج البرميل النفطي العراقي ما بين دولار واحد ودولار ونصف الدولار في حين أن تكلفة إنتاجه في دول الخليج تصل إلى ما بين دولارين وثلاثة دولارات على أقل تقدير، وترتفع إلى سبعة دولارات في بقية دول العالم، وإلى عشرة دولارات في حقول المياه العميقة».

ويرى الدكتور عبد الهادي جبار (اقتصادي) أن «تلك التراخيص ستضع الحكومة العراقية وسط تجاذبي الشركات الروسية والأميركية المدعومتين من حكومتي بلديهما. ففي الوقت الذي تريد فيه حكومة بغداد عدم خسارة الجانب الروسي وإمكانية الاستفادة منه في تسليح جيشها بالأسلحة الروسية الرخيصة الثمن، وإسهامها في الاستثمار بمشاريع أخرى مهمة ومن بينها الكهرباء، ودورها في إسقاط الديون المترتبة بذمتها، ومنها شطب 93 في المائة منها والبالغة 12.9 مليار دولار. وإن كان يجري على بضع مراحل، إذ ستشطب روسيا في المرحلة الأولى 65 في المائة. وأن الـ4.5 مليار دولار المتبقية ستلغى على مرحلتين في إطار محادثات يجريها الطرفان فيما بعد.. في حين عدم قدرتها على إجراء تقاطع حاد مع الشركات الأميركية التي لا يزال جيشها قريبا من حقول النفط ولم يخرج بلدها من البند السابع، مشيرا إلى أن عدم حصول الجانب الروسي على العقد يمثل (كسر عظم) في العلاقات العراقية الروسية».

وأشارت نضال نوري مديرة مشروع غرب القرنة إلى أن «الحقل يعد واحدا من حقول النفط الرئيسية في العراق، ويجري حاليا استثماره وطنيا وبطاقة إنتاج تصل إلى 400 ألف برميل في اليوم قابلة للزيادة إلى 650 ألف برميل» وسيكون حقل غرب القرنة ـ المرحلة الثانية، ثاني أكبر الحقول النفطية مع احتياطي 12.9 مليار برميل، في طليعة حقول النفط والغاز التي سيصار إلى طرحها إبان اليوم الثاني لجولة استدراج. وقالت «إنه امتداد لحقل الرميلي الشمالي وجرى العمل فيه منذ عام 1973، ويبلغ طوله حوالي 40 كيلومترا، ومعدل عرضه 10 كيلومترات، والانغلاق التركيبي بحدود 200 متر في الأماكن الرئيسية فيه». ويعد واحدا من أكبر الحقول العملاقة في العالم، لاحتوائه على عدة طبقات للنفط الخام أهمها طبقتا «المشرف» و«اليمامة»، على أعماق تتراوح بين 2500 و4000 متر، ويمتلك مخزونا يزيد على 50 مليار برميل، وعند إكمال تطويره يصبح بالإمكان تحقيق إنتاج يصل إلى مليون برميل يوميا، ولعشرات السنين.

وكان مسؤولون في وزارة النفط قد أعلنوا يوم الأول من أمس «أن أربع مجموعات أخرى من الحقول النفطية ستطرح يومي الجمعة والسبت القادمين على 44 شركة عالمية تأهّلت للمشاركة في المزاد. يتوقّع مسؤولون عراقيون أن تحتدم المنافسة بين شركات النفط العملاقة حول حقلي مجنون وغرب القرنة ـ المرحلة الثانية الضخمين والواقعين جنوب العراق».