رئيس هيئة الاستثمار الكردستاني لـ «الشرق الأوسط» : الفساد أكبر مشكلة أمام جذب الاستثمارات إلى العراق

العام القادم سيشهد تطورا بين الإقليم والمركز في المجال الاستثماري

هيرش محرم («الشرق الأوسط»)
TT

تتركز معظم النشاطات الاستثمارية في إقليم كردستان على القطاع التجاري والمشاريع الإسكانية الصغيرة والمحدودة في ظل غياب شامل لتطوير القطاعات الأساسية التي تحتاج إلى مشاريع استراتيجية، مثل القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية، مع ملاحظة اقتصار الحركة الاستثمارية الناهضة في الإقليم على الشركات التركية والإيرانية.

وذلك بالإضافة إلى المشاركة الخجولة من الشركات الخليجية، وتغيب الشركات الكبرى والعملاقة عن سوق التنافس في العراق عموما وفي كردستان على وجه الخصوص، التي يؤكد قادتها وجود مناخ وبيئة جاذبة للاستثمارات العالمية فيها، ولكن رئيس هيئة الاستثمار في الإقليم يعزو ذلك إلى عدة أسباب يوجزها في الفساد الضارب بالعراق وكردستان، إلى جانب قصور في قانون الاستثمار الخاص بالإقليم.

ويحدد هيرش محرم رئيس الهيئة أساس المشكلة بغياب النظام المصرفي من حيث التعامل الشفاف مع المستثمرين، ويقول: «ليست لدينا مشكلة بنوك في كردستان، فهناك الكثير من البنوك المحلية وفروع البنوك الدولية في محافظات الإقليم، ولكن المشكلة تكمن في النظام المصرفي تحديدا، فالبنوك الموجودة حاليا لا تستطيع التعامل مع المستثمر من دون فوائد، والفوائد المصرفية بحد ذاتها مشكلة كبيرة، فهناك مشكلة الضمانات المصرفية والتحفظات الشرعية على مسألة الفائدة، لذلك نحاول في حكومة الإقليم معالجة هذه المشكلة عن طريق تقديم حلول واقعية وإن كانت بالالتفاف على النظام المصرفي السائد، وذلك بتحميل الحكومة دفعها لفوائد تلك الديون عن طريق الرسومات بدل تحميلها على المستثمر، وقد طبقنا هذا المبدأ على صندوق الإسكان الذي أنشأناه مؤخرا وأثبت فاعليته، وسنحاول تعميمه على الجوانب المتعلقة بالفوائد المصرفية كجزء من الحلول المقبولة».

واعترف رئيس هيئة الاستثمار في كردستان بقصور القانون في بعض الجوانب لتشجيع الاستثمارات، ولكنه أكد أن لدى الهيئة مشروعات لقوانين ستعرض على البرلمان الكردستاني لإجراء التعديلات الضرورية بما يضمن حقوق المستثمر الأجنبي، وقال: «هناك تعارض بين القانونين الاستثماري والقانون العام، فقانون الاستثمار على سبيل المثال يجيز للمستثمر حق امتلاك أراضي المشروع، ولكن القانون العام يمنع ذلك ويحدد هذا الحق بالمقابل، أي التعامل بالمثل، ويحصره بدولة المستثمر ومدى إمكانية المستثمر العراقي من حق التملك فيها بالمقابل». و«نحن في المؤسسة قدمنا مشروعا لقانونين سيعرضان على البرلمان الكردستاني، وهما: قانون حماية المنتج وقانون حماية المستهلك، ونتوقع أن يصدرا في فترة قريبة قادمة. إلى جانب تقديم مقترحات لمجلس الوزراء لإجراء تعديلات على قانون الاستثمار الحالي بما يضمن إعطاء حوافز إضافية للمستثمرين بهدف تشجيع الحركة الاستثمارية وجذب الشركات الكبرى إلى المنطقة».

وأكد هيرش محرم رئيس هيئة الاستثمار في كردستان أن «العام القادم سيشهد تطورا في التعاون الاستثماري بين الإقليم والعراق، وأنه سيشهد انفتاحا أكبر على السوق العراقية، وهناك مشروعان لفتح منطقتين للتجارة الحرة في كردستان، واحدة في السليمانية وافقت وزارة المالية العراقية عليها، والثانية في طور العمل بمحافظة أربيل. وسنحاول أيضا التركيز على الصادرات في العام القادم وليس إغراق الإقليم والعراق بالمواد الاستهلاكية المستوردة، وسنركز أيضا على تطوير القطاعين الزراعي والصناعي باعتبارهما قطاعين أساسيين بجاحة إلى النهوض والتنمية».

وفي معرض رده على سؤال عن أسباب إحجام الشركات الكبرى العالمية الأميركية والبريطانية وغيرها من الشركات العملاقة في دخول سوق الاستثمار بكردستان على رغم التأكيدات بوجود مناخ جاذب لذلك، قال رئيس هيئة الاستثمار: «هناك عدة أسباب تحول دون ذلك، في مقدمتها جهل الكثير من المستثمرين بحقيقة الأوضاع الأمنية المستقرة في الإقليم، فعندما يسمع المستثمر الأجنبي في الدول البعيدة عن العراق من شبكات التلفزيون العالمية بوقوع انفجار في شمال العراق، يتصور أن الوضع الأمني في كردستان مضطرب وغير آمن للاستثمار. في حين أن المقصود بشمال العراق في وسائل الإعلام الدولية هو الموصل أو كركوك وليس إقليم كردستان الذي يشهد جميع من زاروه أنه منطقة آمنة ومستقرة».

وأضاف أن هناك أيضا مشكلة كبرى وهي مشكلة الفساد المستشري في العراق، فحين يقرأ المستثمر تقريرا دوليا عن احتلال العراق للمرتبة الثانية للدول التي تعاني من الفساد، يتردد كثيرا في القدوم إلى العراق.