أثينا تناضل للخروج من نفق الركود

صندوق النقد الدولي سيساعد اليونان إذا طلب منه ذلك

TT

قال ماريك بلكا، رئيس الشؤون الأوروبية لدى صندوق النقد الدولي، إن الصندوق مستعد لمساعدة اليونان إذا طلبت أو طلب الاتحاد الأوروبي منه ذلك، لكن الاتحاد الذي يضم 27 دولة ينبغي أن يضع آليته الخاصة للتعامل مع مثل تلك الحالات.

وأضاف بلكا في مقابلة مع «رويترز» «ينبغي أن يضع الاتحاد الأوروبي آلية لمساعدة الدول التي تتعرض لموقف مشابه لموقف اليونان. لكن يمكن الاعتقاد بأن اليونان ستحل مشكلاتها وحدها».

وسئل إن كان الصندوق مستعدا للمساعدة في إنقاذ اليونان فرد بلكا قائلا «نعم. نحن مستعدون. لكن ذلك يتوقف على أن يطلب الاتحاد الأوروبي أو تطلب اليونان ذلك».

وتجدر الإشارة إلى أن ثلاث مؤسسات رئيسية للتصنيف الائتماني خفضت تصنيفها لليونان هذا الشهر بسبب ارتفاع العجز وتردي أوضاع آليات سداد الدين مما أسفر عن ارتفاع تكاليف اقتراض الدولة صاحبة أكبر دين في منطقة اليورو في 2010.

ويخشى المستثمرون أن تمنع مشكلات الديون اليونان في نهاية الأمر من الاقتراض من سوق السندات وهو ما قد يضطر الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ خطة إنقاذ مكلفة ويضر بالثقة في اليورو والأصول الأوروبية بوجه عام.

وأعرب بلكا عن تفاؤله بشأن الدول الأوروبية الناشئة من الكتلة الشيوعية السابقة، قائلا إنه واثق من أن رومانيا ستحصل على الشريحة التالية من الدعم بموجب حزمة قيمتها 20 مليار دولار يقودها الصندوق بعد موافقة الحكومة على ميزانية تقشف لعام 2010.

وقال «رومانيا عضو بالاتحاد الأوروبي ولها بنك مركزي قوي ومستقل ولا أرى أي مشكلات هناك. أتوقع آفاقا جيدة لرومانيا في الفصول القادمة».

كما عبر عن تفاؤله بشأن بلده بولندا وهي الدولة الوحيدة التي لم تتضرر بالأزمة الاقتصادية العالمية، قائلا إن اقتصادها قد ينمو بما يتراوح بين 1.5 و1.7 في المائة في 2009 وربما يتجاوز نموه تقديرات صندوق النقد الدولي التي بلغت 2.2 في المائة لعام 2010.

وفي تقرير عن الأوضاع في اليونان ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الهدوء يخيم، لأميال، خارج ميناء بيريه حيث تصطف مئات من السفن العادية وسفن الشحن والسلع السائبة وناقلات النفط في انتظار دورها للدخول إلى الميناء. ولم تعد الحجوزات ضرورة في غالبية الفنادق على الجزر اليونانية.

وحتى خلال الربيع الفائت كان قطاع كبير من اليونانيين يعتقدون أنهم أبعد ما يكون عن أسوأ ركود يشهده العالم على مدى عقود من الزمان. لكن الدول الصغيرة حسبما اتضح ليست مختلفة دائما عن بقية الدول الأخرى.

وأمضى المسؤولون في اليونان، التي تمتعت بسنوات من النمو الاقتصادي منذ تبني اليورو عام 2001، وقتا طويلا من عام 2009 يعانون من آثار الأزمة المالية.

وقال وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو «الوضع صعب.. والركود أعمق مما كنا نظن وآلية جمع الضرائب تعاني من الفوضى».

وكان الاقتصاد المضطرب هو القضية الرئيسية عندما ذهب اليونانيون إلى صناديق الانتخاب في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في انتخابات وضعت ورثة أكبر عائلتين سياسيتين في الحياة السياسية اليونانية في مواجهة كل منهما الأخرى. وكانت المواجهة بين الزعيم الاشتراكي جورج باباندريو والمحافظ كوستاس كرامنليس. وكان ينظر إلى الاثنين باعتبارهما أساسيين في الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها في ثاني أفقر دولة في منطقة اليورو.

وتأتي مشكلات اليونان عقب نهج استمر على مدى 35 عاما تناوب فيه الحزبان على الحكم ليجلبا معهما مشكلات طويلة الأجل مثل التهرب الضريبي والفساد والبيروقراطية.

ومع تكثيف المفوضية الأوروبية لضغوطها على اليونان لحملها على اتخاذ إجراءات جريئة لتقليل العجز في الميزانية، فقد أصر رئيس الوزراء المنتخب جورج باباندريو على أن إدارته ليست المسؤولة عن الوضع «المأساوي» لمالية البلاد.

وكانت البطالة بين الشباب هي دائما الأعلى في اليونان على مدى العقود القليلة الماضية لكن المشكلة تزداد سوءا تاركة الشباب يترنح تحت المعاناة الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة.

وتظهر أرقام البطالة الرسمية أن نحو 18 في المائة ممن هم في المجموعة العمرية 15/29 عاما هم من العاطلين، أي ضعف النسبة القومية للبطالة التي تبلغ 9 في المائة، الأمر الذي يترك قسما كبيرا من الشباب وقد تحرروا من الوهم بشأن المستقبل.

ووصف المعلقون في اليونان الجيل الجديد بجيل «العاملين من ذوي الـ 700 يورو شهريا» حيث يضطر الكثيرون للقبول بوظائف أقل أجرا ولبعض الوقت دون عقد أو ضمان اجتماعي.

وأدت هذه القضية، إلى جانب الاعتقاد الواسع بأن البلاد يعوزها نظام يرتكز فيه التقدم على القدرة الفردية أو الإنجاز، إلى إثارة أسوأ شغب تشهده البلاد على مدى عقود من الزمان بعد مقتل صبي على يد الشرطة قبل عام.

ومنذ إطلاق الشرطة النار، شن المتشددون من اليسار المتطرف والفوضويون موجة من إطلاق النار على الشرطة وهجمات بالقنابل أمام المباني الحكومية والبنوك في الغالب.

وبعيدا عن الاقتصاد فقد ازداد السخط الشعبي أيضا عام 2009 بعد أن وصلت حرائق الغابات ضواحي أثينا بعد الأداء الذي اتسم بالبطء لرجال الإطفاء في التعامل معها.

ويزعم باباكونستانتينو أن مشروع ميزانية الحكومة لعام 2010 قد وضع البلاد بالفعل على الطريق الصحيح. ويهدف وزير المالية لخفض العجز لنحو 9 في المائة بخفض الإنفاق العام والقضاء على التهرب الضريبي.

بيد أنه اعترف بأن الأمر سيحتاج إلى ما يتراوح ما بين 3 إلى أربع سنوات لخفض العجز إلى ما دون 3 في المائة.

ويتوقع أن تصل الديون العامة التي تقدر بـ 113.4 في المائة عام 2009 إلى 120 في المائة من الناتج القومي السنوي العام القادم وهي أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد إيطاليا.

وقال باباكونستانتينو «الدين العام هو قنبلة موقوتة تضرب في أسس الاقتصاد».

وتواجه الملاحة، وهي عادة تتذبذب بين صعود وهبوط، واحدة من أسوأ الأزمات على مدى عقود من الزمان.

وتؤثر تداعيات الأزمة المالية أيضا على السياحة، حيث فضلت شعوب أوروبا الشمالية توفير الأموال والبقاء بعيدا عن الجزر اليونانية.

ويحذر باباكونستانتينو قائلا «دون العودة فورا إلى معدلات نمو إيجابية عالية فإن الإنفاق العام اليوناني سيظل هشا بسبب مستويات الدين المرتفعة».