الركود الاقتصادي يسيطر على الموسم الحالي

انطلاق موسم التخفيضات على أسعار السلع في معظم دول الاتحاد الأوروبي

يشهد موسم التخفيضات عادة إقبالا كبيرا من المستهلكين، إلا أن ما يميز هذه السنة هو الركود الاقتصادي («الشرق الأوسط»)
TT

مع بداية العام الجديد، يبدأ موسم التخفيضات في معظم دول الاتحاد الأوروبي، وغالبا ما نرى في دول مثل بلجيكا وهولندا، أن المهاجرين الأجانب وخاصة من المغاربة والأتراك هم الأكثر حرصا على التواجد في وقت مبكر من الصباح، أمام أبواب المحلات التجارية الكبرى، لحجز الأماكن والدخول مبكرا، للحصول على أكبر قدر من السلع التي عرفت تخفيضا في الأسعار. وبدأ موسم تخفيض أسعار مبيعات التجزئة يوم السبت الماضي في بريطانيا، لتكون بذلك الأولى في بلدان الاتحاد الأوروبي. ويشهد موسم التخفيضات عادة إقبالا كبيرا من المستهلكين، إلا أن ما يميز هذه السنة هو الركود الاقتصادي الذي لا يزال حاضرا بقوة. ويقول ريتشارد بيركس، وهو محلل اقتصادي «السنة المقبلة ستكون صعبة جدا. سترتفع أسعار الفائدة والبطالة والضرائب. المستهلكون يمتلكون المال هذه السنة، وهم يعتقدون أن عليهم اغتنام الفرصة لأن السنة المقبلة ستكون صعبة». ولا تختلف الدول الأوروبية حول انطلاق موسم التخفيضات فحسب، بل إن مناطق الدولة الواحدة تختلف حول ذلك مثل ألمانيا التي لدى كل ولاية من ولاياتها موعدا خاصا لبدئه. ويتوقع أن تحقق متاجر التجزئة أرباحا كبيرة وخاصة أن المستهلكين سيغتنمون انخفاض أسعار الفائدة وضريبة القيمة المضافة الذي لن يدوم طويلا. ويأتي ذلك في وقت سجلت فيه مبيعات التجزئة بإسبانيا خلال الشهر الماضي أكبر تراجع سنوي لها منذ مايو (أيار) المنصرم بسبب ضعف الطلب من قبل المستهلكين الإسبان الذين يفضلون توفير أموالهم على إنفاقها. ويتوقع أن يكون الاقتصاد الإسباني قد انكمش هذه السنة بنسبة 3.6 في المائة قياسا بالسنة الماضية. وتتولى إسبانيا مع بداية العام الجاري الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي التي تستمر لستة أشهر. بينما تسارعت وتيرة نمو أسعار المواد الاستهلاكية في أربع ولايات ألمانية خلال الشهر الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية نظرا لارتفاع أسعار الوقود والطاقة.

ويتوقع الخبراء أن يكون الارتفاع السنوي لأسعار المواد الاستهلاكية في ألمانيا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 0.7 في المائة. وسبق أن أشارت تقارير إعلامية مختلفة إلى أن منطقة اليورو خرجت رسميا من أسوأ فترة ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، بعد انتعاش في اقتصادات ألمانيا وفرنسا مما أنعش الآمال بأن تعافيا للاقتصاد العالمي بدأ يظهر بالفعل. وأظهرت تلك التقارير، ارتفاع معدل النمو في منطقة اليورو بنسبة 0.4 في المائة في الربع الأخير من عام 2009 بالمقارنة بانكماش وصل إلى 0.2 في المائة في الربع الثاني.

ويأتي ذلك بالتزامن مع أنباء مماثلة بالولايات المتحدة واليابان، تشير إلى أن البلدين استطاعا الخروج أيضا من الركود. وقالت تقارير إعلامية أميركية إن بعض المحللين يشعرون بالتفاؤل بأن الانتعاش الذي بدأ يظهر في بعض الاقتصادات قبل عدة أشهر بدأ يقوى حاليا. لكن الكثيرين منهم يحذرون من أن الانتعاش يصاحبه ضعف ومخاوف من انتكاسة. وأعادت إلى الأذهان أن معدل البطالة لا يزال مرتفعا في أوروبا وأميركا كما أن الدين القومي في كثير من الدول وصل إلى أعلى مستوياته في عدة أعوام. وسبق أن توقعت المفوضية الأوروبية أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي بمنطقة اليورو 0.7 في المائة في 2010 و1.5 في المائة في 2011 من انكماش يصل إلى 4 في المائة عام 2009. وقالت في بيان إن نموا أكبر من المتوقع في النصف الثاني من عام 2009 سيعقبه نمو أبطأ في أوائل العام الجديد. وتعد الأرقام الجديدة تعديلا كبيرا من توقعات نشرت في مايو (أيار) الماضي بانكماش بنسبة 0.1 في المائة في منطقة اليورو في 2010. وقال مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية بالاتحاد خواكين ألمونيا في بيان، إن الاقتصاد الأوروبي يخرج من فترة الركود وإن ذلك يعود إلى الإجراءات الطموحة، التي اتخذتها الحكومات والبنوك المركزية والاتحاد الأوروبي، التي لم تؤد فقط إلى منع الانهيار، ولكن ساعدت أيضا في دفع الاقتصاد إلى الانتعاش. وقالت المفوضية إن منطقة اليورو خرجت من الركود في الربع الثالث من عام 2009 بنمو وصل معدله إلى 0.5 في المائة ويتوقع أن يتباطأ إلى 0.2 في المائة في الربع الأخير. ولكي يتم التأكد بأن الانتعاش لن ينتكس، دعا ألمونيا الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، إلى تطبيق الإجراءات التي أُعلن عنها وإصلاح قطاع البنوك. لكن يبدو أن عملية النمو ستكون مضطربة، فالاقتصاد العالمي سيواجه وضعا صعبا في النصف الأول من عام 2010 وسينخفض نمو الاقتصاد بمنطقة اليورو إلى 0.1 في كل من الربعين الأول والثاني العام الجديد. وقالت المفوضية إن تعزيز الأوضاع المالية للحكومات مهم لاستعادة الثقة في الأسواق، وأضافت أن حجم عجز الموازنة لمنطقة اليورو سيصل إلى 6.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجديد و6.5 في المائة في 2011 من 6.4 في المائة لعام 2009، إلا إذا حدث تغيير في السياسات. وهذا يعنى زيادة من نسبة الـ3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، التي حددتها المفوضية.

وتوقعت المفوضية ارتفاع الدين العام في منطقة اليورو إلى 84 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 من 78.2 في المائة العام الذي سبقه، وإلى 88.2 في المائة في 2011. كما ذكرت المفوضية أن معدل البطالة في منطقة اليورو سيصل إلى 10.7 في المائة من القوة العاملة في 2010، وإلى 10.9 في المائة في 2011 من 9.5 في المائة عام 2009 كما توقعت أن يصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 1.1 في المائة في العام المقبل من 0.3 في المائة العام الذي سبقه و1.5 في المائة في 2011.