بعد عام صعب.. مغتربون في دبي ما زالوا يرون أملا في مستقبلها الاقتصادي

فيما يعتبر بعضهم أن هونغ كونغ أو الصين أو سنغافورة تعرض فرصا أفضل للأعمال

TT

بالنسبة للمحامي ويلفريد جوه ظهرت إشارة على أنه قد حان وقت مغادرة دبي مطلع 2009 عندما بدأت آثار الأزمة المالية تظهر لتدفع المؤشر الرئيسي للأسهم بالإمارة للانخفاض بنحو 70 في المائة خلال شهور. وبعدما تحدث مع أصدقاء ومسؤولين حكوميين قرر ويلفريد جوه العودة إلى آسيا معتقدا أن هونغ كونغ أو الصين أو سنغافورة تعرض فرصا أفضل للأعمال. وحصل جوه (47 عاما) في نهاية المطاف على فرصة عمل في وطنه سنغافورة. وقال جوه الذي يعمل لدى مؤسسة «سنترال تشيمبرز لو» القانونية في سنغافورة «شعرنا بأن المناخ الاقتصادي في دبي ليس جيدا بدرجة كبيرة كما أنهم بدأوا يقلصون العمالة». وبحسب تقرير لـ«رويترز» بدأ نزوح كبار الموظفين الأجانب المهرة من دبي - المركز المالي بمنطقة الخليج - مطلع عام 2009 وهدأ قرب منتصف العام مع استعادة السوق لعافيتها. إلا أن دبي فجرت مفاجأة بعد ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) بكشفها عن مساع لتعليق سداد ديون هائلة. وهوت أسواق دبي بسبب أزمة الديون البالغ حجمها 26 مليار دولار والتي دفعت الكثير من الموظفين الأجانب للتعجيل بالخروج من الإمارة بحثا عن الأمن الوظيفي. وعدد الوظائف المفقودة غير معروف على وجه الدقة غير أن تقديرات تقول إن آلاف الأجانب ربما تم تسريحهم أو اضطروا لمغادرة دبي هذا العام. ويجسد خروج المسؤولين التنفيذيين من دبي إلى مناطق مثل هونغ كونغ اتجاها عكسيا على ما يبدو لتوجه حدث قبل نحو أربع سنوات عندما تدفق مسؤولون تنفيذيون في القطاعين المالي والقانوني من آسيا على دبي للاستفادة من النمو الاقتصادي السريع. وساعد عدم فرض ضرائب في دبي على جذب المسؤولين التنفيذيين أيضا. غير أنه ليس كل العمال الأجانب يستعدون للرحيل. ولكن إذا تدهور الوضع فقد يحدث مزيد من هجرة العمالة الماهرة من دبي مما قد تكون له عواقب خطيرة على اقتصاد الإمارة. وتشير تقديرات إلى أن المغتربين يشكلون أكثر من 80 في المائة من سكان دبي البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة. وقالت دبي في 25 نوفمبر إنها ستطلب من دائني مجموعة «دبي العقارية» المملوكة لها ووحدتي «نخيل» و«ليمتلس» العقاريتين التابعتين لها تعليق سداد ديون بقيمة 26 مليار دولار.

وكانت تلك الأنباء سيئة بشكل خاص لنخيل التي ألغت في يوليو (تموز) 400 وظيفة علاوة على 500 أخرى في 2008 بعد التراجع الشديد للقطاع العقاري في دبي. وارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ ومومباي وشنغهاي بما لا يقل عن 50 في المائة هذا العام في حين ارتفع مؤشر دبي بنحو 13 في المائة. وقفز مؤشر أسهم دبي إلى مستوى 8500 نقطة في نوفمبر 2005 ثم انخفض قبل أن يعود للارتفاع إلى 6300 نقطة بحلول فبراير (شباط) 2008. ويحوم المؤشر حاليا حول مستوى 1800 نقطة. وانتقلت كارا كيوف (مديرة تسويق بشركة عقارية دولية) من دبي إلى سنغافورة في سبتمبر (أيلول) بعدما أكملت عقدا استمر ثلاث سنوات مع شركة تطوير عقاري كبرى. وقالت: «قررت أنا وزوجي تقييم الخيارات في المدى البعيد. تتقلص بشدة فرص العمل في دبي». وكانت كيوف (26 عاما) قد انتقلت هي وزوجها الذي يعمل في مجال التوظيف إلى دبي قادمين من برزبين في استراليا عام 2006. وقرر الزوجان في النهاية أن العيش والعمل في سنغافورة سيكون أفضل. ولا يزال آخرون يرون أملا في مستقبل دبي الاقتصادي رغم الاضطرابات الأخيرة. وقال ستيف برايس مدير الأسواق العالمية لدى «ستاندرد تشارترد» في جنوب أفريقيا، إن المخاوف بشأن نزوح جماعي للعاملين في قطاع الخدمات المالية مبالغ فيها. وأضاف «بفرض إمكانية احتفاظ المرء بوظيفته في دبي.. لا أرى أي مشكلة بشأن حيوية المنطقة في المدى البعيد». وكان برايس قد غادر سنغافورة إلى دبي في أغسطس (آب) 2005 ليعمل مديرا لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا لدى «ستاندرد تشارترد». وقال برايس الذي غادر دبي لأسباب شخصية «لا تزال أسعار النفط مرتفعة للغاية ولا يبدو أنها ستتراجع بشكل كبير خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة.. في ظل تلك الأجواء أعتقد أن المنطقة ستظل تزدهر وأن دبي ستظل المركز المالي والتجاري لتلك المنطقة». وعبر زميله فيليب دوبا با عن تفاؤله أيضا. وقال با، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى «ستاندر تشارترد»، والذي عمل في دبي لعامين: «رغم الصخب المحيط بأزمة ديون دبي.. لا تزال هذه المنطقة إحدى أشد المناطق صمودا وينتظرها مستقبل جيد في العالم». وفي الوقت الذي عبرا فيه عن تفاؤلهما كان آخرون يحزمون أمتعتهم. وقال مسؤول تنفيذي كبير بشركة متعددة الجنسيات وزوجته عملا وعاشا طوال حياتهما في دبي إنهما يخططان للانتقال إلى سنغافورة في 2010. وقالت الزوجة «من الأفضل أن نجرب أجواء العمل في آسيا». وقال مسؤول تنفيذي كبير في بنك أبوظبي الوطني انتقل إلى أبوظبي بعد 11 عاما قضاها في دبي إن التوقعات الخاصة بدبي قاتمة. وطلب المسؤولان التنفيذيان عدم الكشف عن اسميهما لحساسية المسألة. وقال المسؤول ببنك أبوظبي الوطني «الشركات عاجزة عن جمع تمويل.. اختفت فرص العمل.. القطاع العقاري غاص في مستنقع وتراجعت السياحة».