الكثير منهم تمكن من مضاعفة مدخراته التقاعدية خلال العقد الماضي

عقد أكثر ربحية للمدخرين الأميركيين

لا يشكل العقد الماضي للمدخرين عقدا ضائعا على الإطلاق («الشرق الأوسط»)
TT

إنه عصر اللا شيء، وعهد الإخفاق، وحقبة بدأنا فيها بشيء ولم نضف إليها أي شيء.

على الأقل هذا ما دأب معلقو سوق الأسهم على الحديث عنه على مدار العام الماضي، حيث أشاروا إلى أن العقد الماضي كان عقدا ضائعا. وبلمحة سريعة، قد يبدو أنهم على صواب تماما، فإذا ما كنت قد استثمرت 100.000 دولار في 1 يناير (كانون الثاني) 2000 في صندوق «فانغارد» التبادلي، الذي يعمل وفق مؤشر «ستاندرد آند بورز - 500»، لتناقصت أموالك لتصل إلى 89.072 بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2009. ولو قمت بتعديل هذا الرقم ليتناسب مع التضخم بحسابه بقيمة دولار عام 2000 لترك لك 69.114 دولار فقط.

لكن تلك ليست الطريقة الصحيحة التي يستثمر بها الأفراد ذوو الخبرة، فهم لا يستثمرون جل أموالهم في نوع واحد من الأصول، ومن ثم لا يضيفون إلى رصيدهم شيئا في عشر سنوات. وبدلا من ذلك، يشترون أسهما من كل الأنواع، وسندات، وربما أشياء أخرى أيضا. والملايين من هؤلاء الأفراد يضيفون إلى ثرواتهم بانتظام، عادة ما تكون إلى حسابات تقاعدهم، التي لن يقتربوا منها قبل عقد من الزمن على الأقل.

بالنسبة إلى هؤلاء الأفراد، لا يشكل هذا عقدا ضائعا على الإطلاق، حتى أن البعض ممن بدأوا العقد الحالي بأقل من مليون تمكنوا من مضاعفة حصيلة مدخراتهم خلال السنوات العشر الماضية.

كيف ذلك؟ بالنظر إلى عدد قليل من السيناريوهات التي حدثت على مدار العقد الماضي، التي طلبت إلى «فانغارد» إدارتها باستخدام مؤشر الصناديق التبادلية منخفضة التكاليف، ففي كل مرة نجد افتراض أن المال كان في حسابات متأخرة الضريبة، وأن مالك هذا الحساب أعاد استثماره في أية أرباح.

بداية، حتى الأفراد الذين وضعوا أموالهم كلها في الأسهم، نادرا ما يستثمرون في الشركات الأميركية الكبيرة التي تشكل مؤشر «إس آند بي - 500» فقط. لذا، فلنفترض أنك وضعت 50.000 دولار في صندوق «فانغارد» للأسهم الكلية في بداية العقد، ثم وضعت 50.000 دولار أخرى في صندوق «فانغارد»، لكي تقوم بالاستثمار خارج الولايات المتحدة، ففي منتصف ديسمبر ستنمو الـ100.000 دولار إلى 109.334 دولار، على الرغم من أنها ستكون 84.921 دولار فقط إذا ما وضعنا في أذهاننا التضخم. قد تبدو الصورة كئيبة، لكنها على الرغم من ذلك تؤكد أهمية التنويع حتى بين فئة واحدة ضخمة مثل الأسهم.

والآن، بالنظر إلى السيناريوهات الأكثر واقعية، فإن استثمار 50% من المال في السندات. وإذا ما بدأت العقد باستثمار 25.000 في الأسهم المحلية، ومثلها في الأسهم الدولية، و50.000 في صندوق مؤشر «فانغارد»، فسوف تنهي العقد بإجمالي يصل إلى 145.619 أو 112.972 دولار.

وبهذه الطريقة يمكن أن ينجح المتقاعدون، الذين يمتلكون ما يزيد على 50% من محافظهم المالية في الأسهم، لو أنهم ادخروا بعض الاستثمارات، عندما كانوا يعيشون على أموال الضمان الاجتماعي أو المعاش أو من دخل سنوي. «بالنسبة إلى أولئك الذين أنفقوا سنداتهم بهذه المخصصات الضخمة، لا توجد طمأنة سوى الأمل بأن تتحسن الأوضاع مرة أخرى».

لكن إذا لم تكن متقاعدا بعد، فربما تضيف مالا إلى محفظتك خلال العقد. ولنفترض أنك بدأت العقد بالمبلغ نفسه 100.000 دولار. وبالتقسيم السابق نفسه 25/25/50، يمكنك الافتراض الآن أنك أضفت 1.000 دولار شهريا، ثم أعدت توزيع أصولك سنويا حتى تبدأ كل عام بالمخصصات الأصلية. فما النتيجة؟ سيبلغ مجموع أموالك 313.747 دولار أو260.102 دولار بقيمة دولار يناير عام 2000. ربما يكون رصيدك أكثر اختلافا من هذا، لكن إذا ما كنت غنيا إلى حد ما، ومجتهدا إلى كبير، وبدأت العقد في عمر الثلاثينات أو الأربعينات «أو كنت أكبر قليلا، أو بدأت متأخرا في الجدية بشأن مدخرات تقاعدك» فإن السيناريو لن ينحرف بعيدا عما أسلفنا.

فمن السهل أن تدخر الألف دولار شهريا إذا ما كان رب عملك يسهم في مدخراتك، والمدخرات الثابتة تعتمد بصورة كبيرة على تجنب البطالة، وهو أمر لم يكن سهلا. وحتى إن استقر دخلك على ثباته، فلن تفقد أعصابك أيضا، فالكثير من الناس يستعيدون أموالهم من الأسهم، ويحتفظون بها نقودا سائلة عندما تنخفض أسواق الأسهم، ولا يعيدونها مرة أخرى إلا بعد فترة طويلة بعد أن تنتعش الأسواق مرة أخرى. يمكن أن يكلفك ذلك نسبة كبيرة من العائدات السنوية التي تضاف إلى مئات الآلاف من الدولارات مدى الحياة. وبالفعل، فإن المستثمرين في الصناديق الرائجة في ذلك الوقت غالبا ما يجنون عائدات أقل مما تزعمه إعلانات الصناديق، على الرغم من أن مستثمري صندوق مؤشر «فانغارد» يميلون إلى أن يكونوا أكثر بطئا وحذرا.

والتركيز الذي حدث في الآونة الأخيرة على أداء العقد الماضي مضلل لأسباب عديدة. بداية، إن 10 سنوات ليست بالفترة الطويلة. ومستثمرو التقاعد ربما يكونون قد بدأوا مدخراتهم في سن الـ22، ولديهم أموال في الأسهم في سن الـ82. ومن يفتح حسابات مصرفية جامعية عند الميلاد، يحتفظ بها مفتوحة لعقد أو عقدين وربما أكثر. العقد فترة قصيرة من الزمن لأي شخص يحتاج إلى المال في آخره. إذا كانت تلك هي القضية، فإن غالبيته ربما يجب ألا يكون في الأسهم في المقام الأول، وهو ما سيجعل عائدات «إس آند بي - 500» خلال عشر سنوات أكثر ملاءمة.

وأخيرا، لقد بدأ العقد الحالي بلحظة تمت المبالغة في تقييمها، فبحسب البيانات التي قدمها روبرت شيلر، الاقتصادي بجامعة ييل، في يناير عام 2000 توقفت نسبة الأرباح للسعر لمؤشر «إس آند بور» على مدى 10 سنوات عند 43.77 في المائة شهريا مطروحا من أعلى معدل له.

ونتيجة لذلك، فإن الكثير من النقاشات الممتدة على مدار العقد الضائع نتيجة طبيعية لهذه المصادفة للتقويم. إحصاءات الأعوام العشرة قد لا تبدو كإحصاءات عقد ضائع بعد عام أو عامين من الآن، مع الحسابات التي افتتحت عام 2001 و2002، وكان مؤشر «إس آند بي» في مستوى منخفض جدا له. الخطر الحقيقي في الحديث عن العقد الضائع هو أنه قد يرعب الأفراد من التعامل في البورصة بصورة نهائية. ومرة أخرى، يكون المدى البعيد هو ما يهم غالبية مستثمري البورصة. وبحسب «فانغارد»، فإن أسوأ أداء لمؤشر «إس آند بي- 500» خلال 45 عاما كان عام 1974، حينما كان معدل عائده السنوي 6.53%. قد يستطيع الكثير منا التعامل مع هذا الأمر، لكن البورصات قد لا تستطيع ذلك بصورة جيدة خلال الـ45 عاما القادمة. وخلال الآونة الأخيرة أثار روبروت دي أرنوت، خبير أسواق الأسهم، رعب عدد كبير من القراء عبر الإشارة في مقال في صحيفة «جورنال أوف إندكسز» إلى أنه من فبراير (شباط) عام 1969 إلى فبراير عام 2009، كان المستثمرون في سندات الخزانة التي تبلغ مدتها 20 تفوقوا على المستثمرين في «إس آند بور - 500».

ومنذ ذلك الحين، بدأت الأسهم في التحرك قدما، لكن رأي أرنوت لا يزال ثابتا بأن المكافأة، التي قد تحصل عليها لقاء مجازفة مضافة للاستثمار في الأسهم المضافة، يمكن أن تكون مضللة إلى حد بعيد في بعض السياقات.

لا أحد يعرف نوع الأصول التي ستتجاوز الأخرى خلال السنوات العشر (أو الـ45) القادمة، ولعل ذلك السر وراء أهمية الاستثمار في الأسهم، والسبب في أن التمدد السيئ لبعض أنواع الأسهم قد لا يكون مهما كما يبدو لدى ظهوره للمرة الأولى. القليلون منا يمتلكون براعة الاستثمار طويل الأمد لاختيار اللحظة المناسبة للأسهم المناسبة. لكن المثابرة لها فوائدها. فالمدخرون ليسوا خاسرين على الدوام، حتى وإن خذلتنا بعض الأسهم على المدى القريب.

خدمة «نيويورك تايمز»