مؤسس «سيتي غروب»: كنت أظن أن هذه الشركة فوق الأزمات

ساندي ويل يعترف ببعض الأخطاء لكنه يلقي اللوم على المديرين التنفيذيين اللذين خلفاه

ساندي ويل «سيتي غروب»
TT

«هذا آخر اجتماع سنوي لي كرئيس للمجموعة»... كان هذا آخر ما قاله ساندي ويل وهو يقف بجوار نافذة مكتبه، ناظرا إلى صورة عتيقة له ولزوجته وهما يقفان على المسرح بقاعة كارنيغي قبل ثلاثة أعوام. كانا يبتسمان، وهما يقفان أمام حشد من مساهمي «سيتي غروب» المبتهجين. وكانت هناك لافتة ضخمة تتدلى من الشرفة مكتوب عليها «شكرا لك يا ساندي». حيث كان سعر السهم يبلغ في ذلك اليوم، 18 أبريل (نيسان) 2006، 48.48 دولار.

بعدما تأمل الصورة لعدة دقائق قال ويل بهدوء: «كنت أظن أن تلك الشركة فوق الأزمات».

وبالطبع يعرف ويل الآن أن ذلك لم يكن صحيحا.

فخلال العامين الماضيين، كان ويل يشاهد «سيتي غروب» - الشركة التي بناها حجرا حجرا خلال الخمسين عاما الماضية - وهي تنهار. وعلى الرغم من أن كل فرد من دافعي الضرائب أسهم بنصيب في تحمل الأخطاء الفادحة للمجموعة، فإن ويلات البنك اللانهائية - من وجهة نظر ويل - تعد تعليقا على عمله الشخصي. فيقول ميشيل أرمسترونغ (أحد أعضاء مجلس إدارة «سيتي» والرئيس السابق لـ«إيه تي آند تي»): «سيقترن اسم (سيتي غروب) إلى الأبد باسم ساندي، فقد وضع كل ما يملك في سبيل إنشائها».

لقد أسس ويل ثروته ووضعه الاجتماعي ونفوذه من خلال إنشاء ما كان في وقت من الأوقات أكبر بنوك العالم. ولكن الآن وفي الوقت الذي يواجه فيه البنك صعوبة في الوقوف على قدميه، لا يبدو الإرث الذي خلفه ويل طيبا للغاية. فعلى الرغم من أنه كان ينظر إليه قبل ذلك باعتباره صانع الصفقات الفذ، يصفه بعض النقاد في الوقت الراهن باعتباره المهندس الذي أسس سوقا مالية لا يمكن التحكم فيها، والذي أثرت عثراته على المستثمرين والموظفين بل المواطن العادي في أنحاء البلاد كافة.

من جهتها، تقول كريس والين المحررة بـ«تحليل المخاطر المؤسساتية» حول تطور «سيتي غروب» خلال العقد الماضي: «لقد كان إنشاء سوق عالمية هو الحلم أو السراب، ولكن ما حدث كان إنشاء مركز للتسوق. فيمكنك أن تتحدث عن التعاون والتكامل طوال اليوم، ولكن ذلك لم يحدث». وذلك حيث يبدو أن سبب إخفاق «سيتي» الأساسي يرجع في جانب كبير منه إلى فشلها في التكامل بين أفرعها المتفرقة في أنحاء العالم كافة أو فرض رقابة على الاستثمارات الخطرة أو العمليات غير الخاضعة للقيود. وهي تلك الزلات التي أدت إلى مليارات الدولارات من الخسائر والحاجة إلى الاستعانة بأموال الحفز عدة مرات، حتى أصبحت الحكومة تمتلك الآن ربع الشركة. كما انخفضت أسهم «سيتي» التي كان السهم فيها يبلغ 55.12 دولار في 2007 بما قيمته دولار في بداية الربيع الماضي حتى أصبحت الآن تساوي 3.31 دولار.

وفي إطارها جهودها للتعافي، تحاول «سيتي» تفكيك أصولها حيث إنها تبيع الكثير من الأصول التي كان ويل قد بذل أقصى جهده كي يجمعها معا.

ومن خلال الكثير من اللقاءات الحديثة، كان ويل يتحدث بصراحة حول الخسارة، والإحباط، والعار الذي خلفه انهيار «سيتي غروب»، فيقول: «أشعر بحزن عميق». وعلى الرغم من السيد ويل ما زال فاحش الثراء فإنه يقول إنه قد تحمل خسارة مالية قاسية، فيقول إنه حتى العام الماضي كانت معظم استثماراته مقسمة بين أسهم «سيتي» وسندات الخزانة المالية.

وعلى الرغم من أنه يعترف بارتكابه بعض الأخطاء التي أسهمت في أزمة «سيتي»، فإنه سارع إلى إلقاء اللوم على مديره التنفيذي السابق جون ريد وخلفه تشارلز برنس.

ويدافع ويل بقوة عن تاريخه، ويرد بالبينة والبرهان على منتقديه الذين يقولون إن «سيتي» كانت منشأة غير مستقرة من الأساس. فمن جهته، قال جودا كروشار مدير صندوق التحوط والمحلل المصرفي السابق الذي كان يعمل مع ويل على كتابة سيرته الذاتية إن مشكلة «سيتي» لم تكن أن المجموعة عصية الإدارة ولكن المشكلة كانت أن المجموعة تفتقر إلى المديرين الأقوياء، مضيفا أن ويل كان مديرا قويا. فيقول كروشار: «عندما غادرها ويل، كان لدى الشركة التفاصيل كافة المتعلقة بالطريقة التي كان يدير بها ساندي تلك الشركة، ولكن السياسة التي تلت ذلك كانت ضعيفة. وربما كانت الأمور قد أخذت منحى مختلفا إذا ما كان ويل قد اختار خليفة آخر».

وفي مرحلة ما، كان ويل يتمنى أن يعود ويساعد الشركة على التعافي دفاعا عن تاريخه. ولكن لم يعد بالبنك مكان أو حاجة إلى مديره التنفيذي السابق، وحاليا حاول ويل (76 عاما) أن يتابع حياته دون «سيتي»، فقد قال في أحد الأيام قبل أعياد الميلاد: «لن تعود تلك الشركة أبدا كما كانت». يحيط ويل وهو جالس في مكتبه الذي يقع بالطابق الرابع والستين من مبنى «جنرال موتورز» بمانهاتن الكثير من الأشياء التي تذكره بالحياة التي قضاها في وول ستريت، فالمكان يخلب الألباب بنافذته التي تمتد من الأرض إلى السقف والمطلة على سنترال بارك. وقد خُصّص أحد جدران المكتب للمقالات التي تؤرخ لحياة ويل المهنية. ومن بينها مقال كانت مجلة «فورتشن» قد نشرته في عام 2001 يعلن عن انضمام «سيتي غروب» إلى قائمة أفضل عشر شركات. وعلى الجدار المقابل قطعة من الخشب يصل عرضها إلى أربعة أقدام على الأقل، منقوش عليها صورة شخصية له، إلى جانب عبارة «محطم قانون غلاس ستيغل»، في إشارة إلى مساعيه لإبطال أحد القوانين المالية الذي كان يضع قيودا على السوق والذي صدر وقت الأزمة المالية في الثلاثينات والذي أبطل العمل به في 1999، مما سمح بتخفيف القيود المالية الأساسية وإنشاء «سيتي غروب» وأسهم في تعزيز ازدهار وول ستريت.

ومن جهة أخرى، يقول مايكل هولاند مؤسس شركة إدارة الأموال «هولاند كومباني»: «لقد استغل ساندي التغيرات التي طرأت على الصناعة المصرفية لإنشاء صرح مالي ضخم. ولكن الأمر لم يفلح في النهاية ومن تحمل ذلك هو دافعو الضرائب».

بالإضافة إلى تمثال نصفي في مكتبه يكرمه كمدير تنفيذي «التنفيذي الأفضل لهذا العام»، حصل عليه في عام 2002. وهناك عدة صور له مع بعض زعماء العالم مثل نيلسون مانديلا وبيل كلينتون وفلاديمير بوتين وفيدل كاسترو. بالإضافة إلى صورة إلى منزله المتواضع في بروكلين، مذكرا بحجم الإنجازات التي حققها ذلك الرجل.

وعلى الرغم من كل تلك الإكسسوارات التي تزين المكان، فإن أكثر ما يميز مكتب ويل هو أنك تشعر كأنه خاوٍ. فبخلاف عدد قليل من المساعدين، فهو دائما وحده. وفي نهاية الرواق، هناك بعض المكاتب المفروشة بالفعل بالأثاث والتي لا يوجد من يعمل بها، بالإضافة إلى قاعة مؤتمرات كبرى بما يكفي لعقد اجتماعات مجلس إدارة «سيتي غروب» بها. وتلتزم الهواتف المنتشرة في أنحاء المكان كافة بالصمت المطبق. حتى إن الأمر يبدو غير ملائم على الإطلاق لرجل كان يدير شركة عالمية كبرى يعمل بها أكثر من 200 ألف موظف.

وهنا ومن ذلك المكان الهادئ، كان ساندي ويل يشهد صرحه وهو ينهار. فيقول ويل مستدعيا الأيام الأخيرة من صيف 2007 عندما ساعد انهيار سوق الاقتراض على إظهار المشكلات التي كان يعاني منها «سيتي» التي كانت كامنة: «في البداية كنت أعتقد إننا قادرون على تخطي تلك الأزمة».

وكانت التحذيرات الأولى مؤلمة ولكنها لم تكن قاضية: 6 مليارات دولار من التخفيضات، و2.8 مليار كخسائر عن الربع الثالث للسنة المالية، بالإضافة إلى الإعلان عن خفض قيمة الأصول بما قيمته 55 مليار دولار للبيع. وفي تلك المرحلة كان ويل يعتقد إن الشركة بإمكانها إعادة الأمور إلى نصابها وكان يرغب في الإصلاح.

ولكن ويل لم يعد له أي منصب رسمي في «سيتي غروب»، فقد تقاعد عن العمل كرئيس للتنفيذيين بالمجموعة في 2003، وكرئيس عام لها في 2006.

ولكنه ظل أحد المستثمرين الرئيسيين بالمجموعة، فقد كان يمتلك أكثر من 16 مليون سهم في 2006، وفقا لآخر تقاريره الرسمية كرئيس لـ«سيتي»، وقد اشترى في يناير (كانون الثاني) 2008 المزيد من الأسهم. وفي الوقت نفسه، ظل ويل قريبا من الموظفين بـ«سيتي»، والمساعدين وأعضاء مجلس الإدارة، والذين كانوا بدورهم يبقونه مطلعا على كل ما يحدث في الشركة. فيقول تود تومسون الرئيس السابق لإدارة الأموال بسيتي: «لقد كان الناس يتصلون به طوال الوقت، كي يثيروا غضبه».

وعندما أُجبرَ تومسون على المغادرة في 2007، سارع بالاتصال بويل حيث يقول تومسون: «لقد شكوت همومي لساندي».

وبالنسبة إلى ويل، فإن مثل تلك المكالمات - التي تزامنت مع انهيار سعر السهم - كان تثير غضبه لأنها تجعله راغبا في أن يفعل شيء حيال ما يحدث.

وفي أواخر 2007، كان قد بدأ في التواصل مع بعض أعضاء مجلس إدارة «سيتي» بشأن عودته لمساعدة البنك على التعافي. حيث بدأ محاولاته عندما كان مجلس الإدارة يبحث عن بديل برنس كمدير تنفيذي، ثم حاول مرة أخرى بعدما حصل فكرام بانديت على المنصب الشاغر.

وفي ذلك الوقت، كان ويل يعتقد أنه سوف يكون محل ترحيب، فيقول: «لدى خمسون عاما من الخبرة، وأعتقد أنني كنت تلميذا نابها في ما يتعلق بالأسواق المالية، ولدى حدس قوي في ما يتعلق بالسوق. ولا يعني تقاعدي أن عقلي قد توقف عن العمل. فقد أستطيع المساعدة».

ولكن لم يستجب أحد لتلك الطلبات التي كان يقدمها ويل. وبالطبع كان ذلك الرفض قاسيا بالنسبة إليه، فقد كانت «سيتي غروب» لمدة طويلة هي المحور الأساسي لحياته. فلم يكن سهلا أن يتقبل أنه لم يعد له سيطرة أو نفوذ على «سيتي غروب». فتقول جوان ويل، زوجته منذ ما يقرب من 54 عاما: «كان الأمر مؤلما للغاية، ولكنه رغم ذلك كان يقول: (لا، لا، كل شيء على ما يرام). ولكنني أعرفه جيدا، فقد كانت تلك الشركة تمثل الكثير بالنسبة إليه، فهي كابنه تماما».

لقد استمر ويل في متابعة الشركة بدقة، فيقول مايك ماسين صديقه والرئيس السابق لمكتب عمليات «سيتي غروب»: «لقد كان يراقب كل حركة للأسهم، وكان يقرأ كل شيء. وكنا نتحدث كثيرا حول ضرورة أن يتخلى بعض الشيء عن اهتمامه بـ(سيتي)».

وعلى نحو خاص، مثّل له أحد الأخبار صدمة هائلة، فقد نشرت «نيويورك بوست» صورة ويل على صفحتها الرئيسية إلى جانب العنوان التالي: «عندما تطير الخنازير: مدير (سيتي) السابق يستقل طائرة (سيتي) إلى (منتجع) كابو». وذلك بعد أسابيع قليلة من قبول «سيتي» برنامج الحفز الذي يقدر بنحو 45 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب. فقد أثارت رحلة الطيران تلك غضبا عاما وهياجا إعلاميا.

ومن جهته، يقول ويل إنه كان مُرعَبا من فكرة أن ينظر إليه الناس باعتباره رجل وول ستريت الطماع عديم الإحساس الذي يستغل دافعي الضرائب. فتلك ليست هي الطريقة التي يرى بها نفسه، كما أنها ليست الطريقة التي يحب أن ينظر الآخرون بها إليه.

وفي الليلة التي نُشرت فيها تلك المقالة، أصدر ويل تصريحا رسميا يعد فيه أن لا يستخدم مرة أخرى طائرة «سيتي غروب».

وفي أبريل (نيسان)، اتفق ويل و«سيتي غروب» على أن يتم إنهاء العقد الذي كان يستعين بويل كمستشار للشركة والذي كان يستخدم بمقتضاه ويل تلك الطائرة بالإضافة إلى المكتب والسيارات والحرس.

ويبذل ويل قصارى جهده كي يثبت أن ما بناه في «سيتي غروب» يمثل قيمة ضخمة بالنسبة إلى الموظفين والمساهمين. وبعيدا عن ذلك، لويل جانب إنساني، فقد تبرع بنحو 800 مليون دولار للمؤسسات الخيرية خلال العقود الثلاثة الماضية. فيقول السيد ويل إن ذلك هو ما يحب أن يتذكره الناس به.

ومن جهة أخرى، تقول زوجة ويل التي ما زالت تشعر بالغضب بشأن الصورة التي يقدمها له الإعلام: «إن أهم شيء بالنسبة إلى زوجي هو سمعته. وهناك بعض الأشخاص الذين أرغب حاليا في قتلهم ولكنني لن أفصح عن أسمائهم».

وعلى أي حال، فما زال الكثير من الناس يعتقدون أن ويل كان هو السبب الرئيسي وراء الأزمات التي تعرض لها «سيتي»، فعلى الرغم من أنه هو الذي ساعد على نشر أفرع الشركة على مستوى أنحاء العالم من نيويورك إلى طوكيو إلى سان باولو، فإن منتقديه يقولون إنه لم يتمكن قط من أن يصهرها جميعا في بوتقة واحدة. وبالنسبة إلى البعض، كان ذلك هو جوهر الفشل، حيث أصبحت إنجازاته القديمة والتي كانت محل إعجاب الجميع هي سبب الانتقادات الموجهة إليه، فحتى تلك الضغوط التي مارسها ويل لإبطال قانون غلاس ستيغال تلقى حاليا انتقادات حادة. فلكي يتمكن الرجل من إنشاء «سيتي»، خاض معارك ضد القوانين التي تمنع البنوك وشركات التأمين وشركات السمسرة من الاندماج. ولكن الكونغرس قدم خلال العام الماضي، وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية، مشروعا لإعادة إقرار بعض أجزاء ذلك التشريع. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) أخبر جون ريد، المدير التنفيذي المساعد لويل بـ«سيتي»، بلومبرغ للأخبار بأنه يشعر بالأسف لأنه شارك في إبطال قانون غلاس ستيغال.

وعندما سؤل ويل حول اعتذار ريد قال: «لست موافقا على ذلك». مضيفا أن مثل تلك الاختلافات كانت «جزءا من مشكلاتنا».

وقد رفض ريد الذي خسر معركة خاضها إلى جانب ويل للسيطرة على «سيتي» التعليق على ذلك الموضوع.

ومن جهة أخرى، يقول ويل إن الخطأ لا يكمن في النموذج الذي أسس الشركة وفقا له، وإنما يرجع في الحقيقة إلى الإدارة. وبناء على ذلك فهو يقر بتحمل مسؤولية جزئية عما حدث، فيقول ويل عن خليفته الذي اختاره بنفسه والذي كان يدير الشركة في الفترة من 2003 إلى 2007: «لقد كان أحد الأخطاء الرئيسية التي ارتكبتها هو اختياري لتشارلز برنس». وذلك حيث يلقي ويل باللوم على برنس لأنه ترك ميزانية الشركة تتضخم كما أنه دخل في مخاطرات كبرى.

وبعدما كانا صديقين وزميلين لسنوات طويلة، لم يعد الرجلان يتحدثان معا. وفي آخر حوار تم بينهما - في خريف 2007 - حيث اتصل برنس برئيسه السابق، وهو قلق لأنه سمع أن ويل كان يحث المديرين على الاستبدال به. فيقول ويل: «لقد أغلق الهاتف في وجهي».

ومن جهته، رفض برنس التعليق على ذلك.

بالإضافة إلى دعمه الأولي لبرنس كمدير تنفيذي للبنك - على الرغم من أن السيد برنس لم يكن قد أدار بنكا قبل ذلك - فإن ويل قد عمل على دعم جامي دايمون المصرفي المرموق الذي يدير حاليا جيه بيه مورغان تشايس. كما أن ويل هو الذي عين بنفسه روبرت روبن في «سيتي» بعدما ترك وزارة المالية. وقد رفض روبن الذي ترك «سيتي» منذ ذلك الوقت التعليق على الموضوع. يذكر أن روبن كانت توجه له انتقادات حادة لأنه أخفق في مساعدة البنك على كبح تفاقم ميزانيته.

فيقول ويل إنه ليس آسفا على تعيين روبن وإنه يتمنى أن تكون الأمور سارت معه على نحو أفضل. فيقول عن ديمون: «لقد كانت المشكلة في عام 1999 تتعلق بأنه يريد أن يصبح التنفيذي بالبنك ولم أكن أرغب في التقاعد. أشعر بالأسف لأن الأمور وصلت إلى ذلك الحد، فأنا لا أعرف ما الذي كان يمكنني عمله حياله، لقد كان عليه التحلي بالصبر». وقد قال المتحدث الرسمي باسم جي بي مورغان إن ديمون رفض التعلق.

ويقول المحللون إن المشكلات الإدارية التي عمت إمبراطورية «سيتي» ومجلس إدارتها نشأت عن فترة ويل وإن لم تكن قد تجلت خلال وجوده. فيقول والين: «لقد كان ساندي يحيط نفسه برجال موالين له، فلم يكن يرغب في أن يحيط به من له رأي مخالف له».

وخلال الأيام الحالية، فإن ويل مشغول بأعماله الخيرية واستثماراته الشخصية. فهو يستيقظ في الخامسة صباحا، يقرأ الصحف كافة، ثم يشاهد شبكة «سي إن بي سي».

يتقلد ويل حاليا منصب رئيس قاعة كارنيغي، وويل كورنيل ميديكال كوليدج، و«ناشيونال أكاديمي فاونديشين»، كما أنه أحد أعضاء مجلس الإدارة لست مؤسسات أخرى.

وقد تبرعت مؤسسته خلال الشتاء الماضي بنحو 170 مليون دولار نقدا لويل كرونيل، مما أكسبه شعبية على ذلك الصعيد. كما أنه أضاف 950 مليون دولار لويل لحملة تمويل ويل كورنيل التي كانت تقدر بنحو 1.3 مليار دولار، كما أنه قدم عرضا بسندات قيمتها 110 ملايين دولار بكارنيغي هول، فيقول: «لقد كان الأمر كأنني عدت للعمل مرة أخرى، فأشعر بنفس النجاح عندما أحثّ شخص آخر على أن يسهم بتبرع خيري كبير. إنه نفس النوع من اندفاع الأدرينالين في عروقك».

ومثل تلك التبرعات تُظهِر أن ويل أفضل حالا من الكثير من المستثمرين الآخرين لـ«سيتي». وعلى الرغم من أن فوربس قد أخرجته من قائمة أكثر 400 أميركي ثراء - كانت المجلة تقدر قبل ذلك صافي ثروته بنحو 1.5 مليار دولار - فإنه ما زال واحدا من الأثرياء؛ لديه منزل قيمته 42 مليون دولار بمانهاتن، وعدة منازل أخرى بغرينتش، وكونيتيكات، وجبال أديرونادكس، بالإضافة إلى يخت.

وفي نفس الوقت، أظهر «سيتي» بعض علامات التحسن مؤخرا، فقد حقق أرباحا في الربع الثالث من السنة المالية، بالإضافة إلى أنه قام بسداد ما قيمته 20 مليار دولار أميركي إلى الحكومة خلال الشهر الماضي. ولكن بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص الذين يعتمدون على «سيتي»، فإن البنك قد تسبب في أضرار لا يمكن تجاوزها.

* خدمة «نيويورك تايمز»