المصارف اللبنانية تستأنف زخم التوسع في الأسواق الخارجية

الهيئات الاقتصادية اللبنانية تؤكد أولوية تطوير العلاقات مع سورية

TT

يُتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة الإعلان رسميا عن توسعات مصرفية لبنانية جديدة في أسواق خارجية. من بينها تحقيق اختراقات في أسواق لم تصلها المصارف في توسعاتها السابقة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مصرفين، على الأقل، من لائحة أكبر عشرة مصارف، أنجزا الإجراءات القانونية والترتيبات الفنية والإدارية، بما فيها الحصول على الرخص اللازمة من السلطات النقدية في لبنان والخارج، ويستعدان لإطلاق مصرفين تابعين: الأول في بلد إفريقي (غير عربي) والثاني في أوروبا.

وعلم أيضا، أن الكثير من المصارف أعاد تفعيل برامج لتزخيم انتشاره الخارجي والسعي لدخول أسواق جديدة خصوصا في القارة الإفريقية. فيما تسعى مصارف أخرى لتحقيق أول انتشار لها خارج السوق المحلية. وذلك بعد انكفاء نسبي فرضته الأزمة المالية وتداعياتها خلال العام الماضي. ويدعم البنك المركزي سياسات انتشار البنوك اللبنانية خارج الحدود ضمن ضوابط وأهداف محددة اكتساب مرونة إضافية في الالتزام بالمعايير المصرفية. وفي مقدمها متطلبات «بازل2». وتوزيع الأنشطة والأعمال والمخاطر. سيما أن السوق المحلية لا يمكنها استيعاب الحجم المتنامي للقطاع المصرفي. والذي تفوق أصوله الحالية، داخل لبنان وخارجه، نحو أربعة أضعاف الناتج المحلي.

وحققت المصارف اللبنانية، خلال السنوات الأخيرة، توسعات خارجية كثيفة ونوعية أعادت البريق إلى الوجود الخارجي التاريخي. وتركز أغلب هذه التوسعات في الأسواق العربية المجاورة، حيث يشير أحدث المعطيات إلى أن 17 مصرفا لبنانيا يملكون 220 وحدة وفروعا تابعة ومكاتب تمثيل في 25 سوقا خارجية بينها 12 بلدا عربيا.

وتواكب المصارف، بشكل حثيث، الفرص الموجودة أو المرتقبة في أسواق المنطقة. وتسخر لهذه الغاية مزايا تنافسية نوعية تسهل الطريق أمامها لحيازة هذه الفرص. وهذا ما كرسته تجارب الوجود المصرفي اللبناني القوي في أسواق سورية والأردن ومصر. وبمستوى أقل في السودان والجزائر وليبيا. فضلا عن الوجود المباشر أو امتلاك شبكة علاقات المتميزة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما تستثمر المصارف ميزة إضافية ترتبط موضوعيا بالانتشار اللبناني الواسع في الخارج، حيث يضاهي عدد اللبنانيين المهاجرين أو العاملين في المنطقة والعالم أربعة أضعاف أعداد المقيمين والجزء الأكبر منهم في القارتين الإفريقية والأميركية. فضلا عن الوجود القوي في أوروبا. وهذا ما يحفز بعض المصارف للحاق بهم إلى أسواقهم في أميركا الشمالية والجنوبية، كذلك الأمر في الأسواق الأوروبية، حيث يتركز الوجود المصرفي اللبناني المباشر في فرنسا وبريطانيا وسويسرا وحديثا ألمانيا. مع ملاحظة وجود وحدات أو فروع لتسعة مصارف لبنانية في قبرص التي انضمت بدورها إلى الاتحاد الأوروبي.

ويأمل البنك المركزي أن ترتفع المداخيل الواردة من الانتشار المصرفي الخارجي تباعا من نحو 20 في المائة حاليا إلى أكثر من 40 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة. وهذا ما يساعد في تحسين تقييمها من قِبل مؤسسات التصنيف الدولية. من جهة أخرى اعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية وزير الدولة عدنان القصار أن «مبادرات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سورية مؤخرا يشكلان خطوة أساسية على طريق وضع رؤية واضحة لمقاربة العلاقة بين لبنان وسورية».

وقال في تصريح له بعد اجتماع دوري للهيئات الاقتصادية أمس: «للبلدين مصلحة كبيرة في تعزيز علاقات مشتركة تحقق مصالحهما في مختلف المجالات الحيوية وقد أظهرت التجربة مدى تضرر العلاقات الاقتصادية والتجارية خلال فترة تردي العلاقات السياسية بين سورية ولبنان وأن العمل المشترك على تطوير الاتفاقات المعقودة من شأنه خدمة مصالح الجانبين ويمثل انعطافة تاريخية لرسم الآفاق المستقبلية لتطوير العلاقات على أسس سليمة تساعد على تطبيق الفعلي للاتفاقيات».