تقرير: قطاع الاتصالات العالمي يتجه نحو التعافي في 2010

أكد أن معظم النمو فيه سينتقل من الأسواق الغربية إلى البلدان النامية

يتوقع التقرير أن يكون عام 2010 عاما جيدا لقطاع الاتصالات العالمي («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن الركود العالمي الذي شهده العام 2008 - 2009 يتجه نحو التعافي، وقد تمكن قطاع الاتصالات، باستثناء مصنعي التجهيزات والهواتف handset، من تفادي أسوأ نتائجه. يفيد تقرير جديد لـ«بوز آند كومباني» تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن الإيرادات بين المشغلين قد حافظت على ثباتها على المستوى العالمي، باستثناء إيرادات التجوال من الشركات، وقد أسهمت الجهود المستمرة لتخفيض التكاليف في تمكين المشغلين من الحفاظ على الربحية.

بحسب كريم صباغ، شريك في «بوز آند كومباني»، ورئيس قطاع الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا العالمية في الشركة: «قد يكون العام المقبل مختلفا. فهذا القطاع يدخل في مرحلة من التغيير الكبير، حيث سيتم التركيز على خمسة تغييرات مختلفة على مستوى الجغرافيا والخدمات والانتقال نحو الرقمية والعمليات والتنظيم». وستحظى الشركات التي ستستفيد من هذه التغييرات بفرص حقيقية للنمو، أما تلك العاجزة عن ذلك، فستواجه تحديات عدة.

غير أن التقرير أكد أن معظم النمو في قطاع الاتصالات سيتحول من الأسواق الغربية إلى البلدان النامية. ويتجلى هذا التوجه بين مصنعي الهواتف، الذين يصنعون معظم أجهزتهم في آسيا والمحيط الهادئ. وحتى بين المشغلين، يُسجل معظم النمو على مستوى الاشتراكات خارج الدول الغربية. فخلال النصف الأول من عام 2009 مثلا، سجلت الهند 142 مليون اشتراك إضافي، والصين 87.4 مليون، فيما لم تسجل الولايات المتحدة سوى 14 مليونا. ويوضح هلال حلاوي، مدير أول في «بوز آند كومباني»: «سوف يشهد مطورو قطاع الاتصالات في القارة الآسيوية معدلات استثنائية من العائدات قبل احتساب الفائدة والضرائب والاهتلاك EBITDA – تتعدى الـ50% - وتولد مبالغ هائلة من السيولة».

تسهم معدلات النمو والسيولة هذه في تغيير مستوى عمليات الدمج والاستحواذ ونشاط التوسع على الصعيد العالمي. ففيما يعتبر النشاط عبر الحدود بالنسبة إلى المشغلين الأميركيين مهملا، ومتقطعا في أوروبا، لا تزال شركات الاتصالات في أفريقيا والشرق الأوسط والشرق الأقصى تعقد اتفاقات لتوسيع تأثيرها على مساحات أكبر من الأراضي، حتى في الغرب. ويضيف صباغ: «يبقى أن نرى إلى أي مدى سيشكل هؤلاء المطورون، الذين يتميزون بتوسع سريع، قوة عالمية معطلة».

وأشار التقرير إلى أن معظم عالم الاتصالات سيشهد حركة تسليع سريعة - من التوصيل والخدمات الأساسية إلى الهواتف ذات الأسعار المتدنية، مرورا بتجهيزات الربط الشبكي والشبكات بحد ذاتها – مما يشجع كل مطور في القطاع على السعي إلى إيجاد مصادر جديدة للقيمة. ويقدم مصنعو التجهيزات خدمات الربط الشبكي والعمليات الميدانية، فيما يصمم مصنعو الهواتف أجهزة ذكية ذات نوعية عالية مدعومة بخدمات إضافية وبمواقع إلكترونية لتحميل تطبيقات الهواتف (app stores)، ويتجه المشغلون نحو تأمين المزيد من التطبيقات على الإنترنت للعملاء، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات حول المحتوى الإلكتروني. وفي غضون ذلك، لا يزال مطورو الإنترنت أمثال «Google» و«Facebook» يبسطون أجنحتهم في سماء قطاع الاتصالات. ومن المتوقع دخول المزيد من وسائل الإعلام وشركات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية في هذا المجال.

وعلى الرغم من وضوح هذا التوجه نحو الخدمات، فإنه لا يزال يُعتبَر في مراحله الأولية. ويقول حلاوي في هذا الصدد: «لذلك، يقدم هذا التوجه الكثير من فرص النمو لأكثر المطورين ابتكارا، بالإضافة إلى القدرة على تعطيل نشاط المطورين الآخرين العاجزين عن اللحاق بركبه». ويقول التقرير إنه فيما يتواجه المتنافسون في قطاع الاتصالات للتقدم في سلسلة القيم، ينتقل العالم بسرعة نحو نموذج «الرقمية في أي وقت». وأصبح العملاء يتوقعون الخبرة الرقمية (التراسل والربط الشبكي الاجتماعي والأخبار والمعلومات والأفلام العالية الدقة) في أي زمان ومكان. كما بدأ مطورو قطاع الاتصالات بمراجعة بوابات الإنترنت الخاصة بهم، كونها أصولا أساسية في سباق التزويد بالخدمات. ويعلق صباغ: «مع ذلك، سيؤثر هذا التوجه على كل جانب من جوانب قطاع الاتصالات، من الشبكات ذات السرعة العالية التي سيصر عليها المستهلكون، إلى مختلف أنواع الأجهزة التي يتوقع العملاء الوصول من خلالها إلى شبكة الإنترنت، مرورا بأنواع عدة من التطبيقات التي لا تنفك تتوسع، والتي لا يمانع العملاء تسديد ثمنها». ويضيف: «بذلك، سيزداد الطلب من قبل جيل «الرقميين الأصليين»، أي الذين لم يختبروا سوى عالم التوصيل المستمر».

ويذكر التقرير أن تسليع العديد من الجوانب في سلسلة قيم قطاع الاتصالات تجبر كل مطور في القطاع على اعتماد العمليات الأكثر فعالية لضمان الاستمرار على المدى القريب والاستعداد لمستقبل يتطلب مزيدا من التركيز والسرعة والابتكار. وينظر المطورون في هذا الإطار إلى التحديد الصائب لمنظماتهم على المدى الطويل، من خلال تعهيد الوظائف غير الرئيسية كالهندسة والعمليات ذات الصلة بالشبكة وبالخدمات الميدانية، والتخلي عن البنى التحتية الكامنة التي ما عادت أساسية لخلق القيمة، وإعادة النظر الدقيقة بإجراءات العمل المعتمدة. ويترافق ذلك مع سعي شركات اتصالات عدة إلى إحداث تغييرات في سلسلة الإمدادات ذات النطاق العريض وفي إدارة الأجهزة.

ويقول حلاوي: «يكمن الهدف المحوري في تحرير السيولة والموارد لمزيد من الاستثمار في أصول استراتيجية فعلية، كالخدمات والتكنولوجيات ونماذج العمل الجديدة التي ستميز المطورين المعنيين عن منافسيهم». وسيتحول ذلك إلى قدرة أساسية متزايدة مع تطلع المطورين إلى إحراز تقدم على مستوى سلسلة القيم.

ويشير التقرير أنه فيما يتجه مطورو قطاع الاتصالات نحو إضافة مزيد من الخدمات التي تتطلب شبكات ذات سرعة أعلى، يستعد عدد كبير من صانعي السياسات والهيئات الناظمة حول العالم إلى دعم هذه الجهود. فلم تعد آيديولوجية الأسواق الحرة هي صاحبة السيطرة المطلقة على الجهات الناظمة. بدل ذلك، أصبحت هذه الهيئات أكثر إرشادا وتدخلا في سعيها إلى تعزيز النمو الاقتصادي من خلال نشر شبكات النطاق العريض – والتدخل مباشرة في بعض الحالات في استثمارات كهذه. وفي الوقت عينه، تستمر الجهات الناظمة في عدد من المناطق ببذل جهود لتحرير أسواق محددة مثل خدمات الاتصالات بالتجزئة وبالجملة في أوروبا، وضمان مزيد من «الحيادية»، مما يحقق استخداما عادلا للإنترنت من قبل كافة المطورين.

ويوضح صباغ: «ستصبح إدارة التفاعل بين غياب التنظيم المستمر لخدمات الاتصالات بالتجزئة وبالجملة، والتنظيم الجديد للشبكات الوطنية قدرة استراتيجية أساسية لمطوري القطاع الذين يأملون بتحقيق النجاح في مستقبل يبدو أكثر إشراقا على مستوى التنظيم».