ميزان المدفوعات اللبناني يسجل فائضا يفوق 6300 مليون دولار

مستوى تاريخي يكرس قوة التحويلات الخارجية

TT

سجل ميزان المدفوعات اللبناني فائضا تراكميا تاريخيا خلال العام الماضي. بلغ مجموعه نحو 6300 مليون دولار في أحد عشر شهرا. مقابل نحو 2750 مليون دولار للفترة ذاتها من العام 2008. وسط إشارات إلى تعاظم الرقم في الشهر الأخير من السنة الذي يشهد عادة دفقا إضافيا للتحويلات الخارجية من قبل اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين. ودخول ودائع جديدة إلى الجهاز المصرفي.

ووفق هذا الفائض بلغ المتوسط الحسابي للفائض نحو 570 مليون دولار شهريا، لكن معطيات تطور ميزان المدفوعات تظهر تباينا صريحا في حركته مع تغليب الاتجاه الإيجابي لحصيلة كل أشهر العام الماضي. باستثناء شهر مارس (آذار) الذي سجل نقصا بحدود 337 مليون دولار.

وتم تسجيل أعلى فائض شهري في العام الماضي خلال شهر يوليو (تموز)، أي في ذروة الموسم السياحي الصيفي، بحصيلة بلغت 1246 مليون دولار. تلاه شهر أكتوبر (تشرين أول). بما يوازي 1167 مليون دولار. ثم شهر أغسطس (آب) بفائض 1019 مليون دولار. لكن الفائض الشهري الأعلى يعود إلى يوليو (تموز) من العام 2008. بمبلغ 1528 مليون دولار.

وفي معادلة الفائض التراكمي الإجمالي لميزان المدفوعات مع الميزان التجاري خلال الفترة ذاتها. أي حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، يصل إجمالي التدفقات المالية الخارجية الوافدة إلى لبنان إلى نحو 18 مليار دولار. إذ سجّل الميزان التجاري في 11 شهرا من العام السابق، عجزا بقيمة 11.740 مليار دولار، في مقابل عجز بقيمة 11.773 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2008، أي بانخفاض قدره 33 مليون دولار، وما نسبته 0.28 في المائة.

ووفقا لإحصاءات تجارة لبنان الخارجية، نجم هذا الانخفاض الطفيف في العـجز عن تراجع فاتورة الاستيراد من 15.001 مليار دولار لغاية نوفمبر(تشرين الثاني) 2008، إلى 14.861 مليارا حتى نوفمبر 2009، أي بانخفاض قدره 140 مليون دولار، وما نسـبته 0.93 في المائة.

في المقابل، تقلّص الاتجاه النزولي للصادرات هذه السنة، حيث باتت متراجعة خلال 11 شهرا من 2009 بمقدار 107 ملايين دولار فقط، أو ما نسبته 3.3 في المائة، وتحديدا من 3.228 مليار دولار، إلى 3.121 مليار. وكان تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أكد أن تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج استقرت على حالها في عام 2009، وأنها تقدّر بسبعة مليارات دولار، أي بما يعادل 22% من إجمالي التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وذلك بخلاف التقارير السابقة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي كانت قد توقعت احتمال انخفاض تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج بنحو 12% بسبب التباطؤ الاقتصادي في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وبعد انقضاء الأشهر العشرة الأولى من عام 2009، اتضح أن هذه التحويلات المالية إلى لبنان ظلت قوية وأنها لم تنخفض إلا قليلا (- 2.5%) بالمقارنة مع مستواها القياسي المحقق عام 2008 (7180 مليون دولار).

وقد أشار البنك الدولي إلى أن لبنان هو أحد البلدان القليلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي سجلت نتائج أعلى من المتوقع على صعيد التحويلات المالية، علما أن لبنان يصنف في المرتبة الأولى في المنطقة المذكورة لجهة نسبة التحويلات المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام 2009، وفي المرتبة الثانية بالقيمة المطلقة. ويُعزى اطّراد تدفقات تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج بعد اندلاع الأزمة المالية إلى عاملين رئيسيين هما أولا الحركة الاقتصادية الناشطة في لبنان خلال عامي 2008 و2009 في الوقت الذي كانت اقتصاديات معظم البلدان الأخرى تعاني تباطؤا، ما شجع المغتربين اللبنانيين على تحويل أموالهم إلى الوطن، خصوصا أن القطاع المصرفي اللبناني برهن عن مناعة كبيرة حيال الأزمة المالية الدولية.