مخاوف من حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي في كوسوفو نتيجة الأزمة الاقتصادية

ارتفاع نسبة البطالة وتدهور الوضع الاجتماعي في دول غرب البلقان

TT

ليس هناك أي مؤشرات على تحسن الأوضاع الاقتصادية في دول البلقان، في هذا العام (2010) بل إن المتشائمين يزيد عددهم يوميا مقارنة بالمتفائلين. ففي صربيا وصل عدد الذين فقدوا وظائفهم حتى نهاية 2009 نحو 723 ألف موظف، وفي البوسنة 70 ألفا، وفي كرواتيا نحو 400 ألف وفي ألبانيا 120 ألفا، وفي مقدونيا 54 ألفا وفي كوسوفو بلغت البطالة نحو 45 في المائة، وهو ما يهدد الاستقرار الاجتماعي، وفق تقارير مكتب الأمم المتحدة هناك. وقال مدير وكالة التشغيل في صربيا، فلاديمير إليتش «حتى نهاية 2009 فقد 723 ألف عامل وموظف وظائفهم، ولا نتوقع أن يتوقف التدهور في العام الحالي 2010». ودعا إيليتش لتضافر جميع الجهود الحكومية والنقابية من أجل إقناع المؤسسات والشركات وأرباب العمل لوقف تسريح العمال والموظفين، وبحث إمكانية فتح فرص عمل جديدة في البلاد. وقال رئيس اتحاد العمال في صربيا، ستيفن أفراموفيتش «فتح أماكن عمل جديدة رهن بمدى استعداد الحكومة لتطوير القطاع الصناعي، وكذلك الزراعي، وزيادة التصدير والحد من الاستيراد». وتابع «هذا رأي النقابات المهنية، فالحل يكمن في التصنيع والتصدير». أما القيادي في اتحاد النقابات المستقل ليوبيسلاف أوروبوفيتش فقد ذكر بأن «نطالب بوقف عملية تسريح الموظفين، فبعض الشركات تستغل الأزمة المالية لتصفية حساباتها مع بعض موظفيها» وأعرب عن أمله في أن «تفتح استراتيجية جديدة للحكومة، قوامها مساعدة الشركات الخاصة على الاحتفاظ بموظفيها، وفتح أسواق جديدة لبضائعها، في حلحلة الأزمة الحاصلة، ووقف نزيف البطالة، بل وفتح مواطن عمل للعاطلين». وتطالب النقابات بدفع رواتب بطالة للمسرحين من أعمالهم، لا سيما أن الكثير منهم، وهم نحو النصف، قد تجاوزوا سن الأربعين سنة، أي على وشك الوصول إلى سن التقاعد. وفي كرواتيا بلغت نسبة البطالة 17 في المائة. ولوحظ بروز ظواهر اجتماعية سلبية كالرشوة حيث أفادت دراسة صدرت حديثا أن 30 في المائة من الكروات مستعدون لدفع رشوة للحصول على وظيفة، وهو ما يشير، وفق الدراسة، إلى أن الكسب غير المشروع سيبقى مصدر قلق رئيسيا في كرواتيا. وقد توقع نصف الذين شملهم المسح أن تبلغ الرشوة أكثر من 1600 دولار، وهو ضعف متوسط صافي المرتبات الشهرية. كما أظهر المسح أن 28 في المائة دفعوا بالفعل أموالا للحصول على وظيفة. وتعاني كرواتيا مثل مختلف دول يوغسلافيا السابقة من مشكلات اقتصادية بسبب تداعيات الحرب التي شهدتها المنطقة في تسعينات القرن الماضي، وديونها التي تجاوزت 40 مليار يورو، والفساد المستشري على أكثر من صعيد. ونتيجة للأزمة المالية تراجعت أنشطة البناء في كرواتيا بنسبة 12.1 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما تراجع الإنفاق الاستهلاكي في كرواتيا بشكل مطرد. وذكرت بيانات «معهد الإحصاء» الكرواتي أن «نسبة الاستهلاك انخفضت بمعدل 15.4 في المائة مقارنة بعام 2008 إضافة لارتفاع قيمة الضريبة المضافة، مما أسهم في السلوك المتحفظ للبنوك في منح القروض».

وتضرر سوق السيارات بنسبة 63.7 في المائة وسوق السلع المنزلية بنسة 16.4 في المائة مقابل زيادة في تعاطي المشروبات الكحولية بنسبة 19 في المائة وهو ما اعتبر مؤشرا على استفحال المشكلات الاجتماعية نتيجة للأزمة المالية. وتراجع الاستثمار في تعبيد الطرق إلى النصف تقريبا حيث كان مقررا تخصيص مبلغ مليار ونصف المليار يورو لتعبيد طرق سريعة جديدة بين 2010 و2012. مقابل ذلك ارتفع عدد المتقاعدين في كرواتيا بنسبة 20 في المائة، منهم من أحيلوا إلى التقاعد المبكر بسبب الأزمة المالية العالمية. فإلى جانب 100 موظف هناك 75 متقاعدا، وتخصص كرواتيا 34 مليار يورو سنويا كرواتب للمتقاعدين.

لكن ذلك ليس سوى أحد وجوه الصورة في كرواتيا التي تبلغ عائداتها من السياحة 6 مليارات يورو سنويا، وفق وزارة السياحة الكرواتية مما يعتبر أكبر زيادة في الدخل منذ الاستقلال الذي مضى عليه أكثر من 15 عاما. ويزور كرواتيا سنويا أكثر من 9 ملايين سائح ويقضون أكثر من 52 مليون ليلة. كما أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد يبلغ 63 في المائة، وهو يفوق 5 دول أوروبية من بينها ليتوانيا (62 في المائة) ورومانيا (47 في المائة) وبلغاريا (42 في المائة). وتعتزم كرواتيا تخصيص صندوق لإنقاذ الشركات الخاصة التي تواجه صعوبات نتيجة للأزمة المالية العالمية للمحافظة على مواطن العمل المتوفرة، ووقف ارتفاع نسبة البطالة. ومن المتوقع أن تبلغ ميزانية الصندوق 1.3 مليار يورو منها مليار يورو من الدولة. وكانت رئيسة الوزراء الكرواتية، يادرانكا كوسور، قد أكدت في وقت سابق أن بلادها ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2012 م. وأن جميع الاستعدادات من الجانبين الكرواتي والأوروبي أشرفت على الانتهاء للاحتفال بهذا الإنجاز وهذا التقدم على صعيد التكامل الأوروبي على حد تعبيرها. وقالت كوسور «في السنوات المتبقية سيتم تخطي كل العقبات التي لا تزال قائمة أمام انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي، وحتى نهاية العام سيتم الانتهاء من 17 مسألة، وفتح 31 مسألة جديدة تتعلق بالإصلاحات المطلوبة» وتابعت «في هذا العام أنجزنا إصلاح 82 قانونا وبقيت مسألتان على هذا الصعيد سننتهي منها قبل نهاية العام، وهذا يعني أن عملا كبيرا قد تم إنجازه».

وفي البوسنة يتوقع أن يكون عام 2010 أشد صعوبة من 2009، وقال رئيس نقابة الصلب، عصمت بيراموفيتش لـ«الشرق الأوسط» «2010 ستكون أصعب من 2009 م، وذلك على مختلف الأصعدة الاقتصادية» وتابع «الأزمة المالية لا تزال تفعل فعلها في العالم وبالتالي في البوسنة ويعلق بيراموفيتش الأمل على توسيع نشاطات الشركات البوسنية في الخارج مثل، «إنرغو إنفست»، التي وفرت في دول أخرى وظائف للبوسنيين بقيمة 50 مليون يورو خلال العام الماضي. وطالب بمساعدة تقدر بـ 20 في المائة من رواتب العمال والموظفين لبقاء الآلاف في وظائفهم كما فعلت سلوفينيا على سبيل المثال. ووفقا لتقرير أعدته وكالة العمل البوسنية يوجد 505.444 ألف عاطل عن العمل في البوسنة، وذلك حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، منهم أكثر من 70 ألفا فقدوا وظائفهم في سنة 2009. ومن بين الباحثين عن عمل هناك 255.129 امرأة أي 50.38 في المائة.