القضاء المصري يرفض عرض شراء «موبينيل» ويتهم الهيئة و«فرانس تيليكوم» بمخالفة اللوائح

قبل يوم واحد من انتهاء عرض الشراء

نجيب ساويرس عقب خروجه من مقر المحكمة («الشرق الأوسط»)
TT

رفضت دائرة منازعات الاستثمار بمحكمة القضاء الإداري في مصر السماح باعتماد عرض الشراء الإجباري المقدم من شركة «فرانس تيليكوم» للاستحواذ على أسهم شركة «أوراسكوم تيليكوم» للاتصالات في الشركة المصرية لخدمات التليفون الجوال «موبينيل» بسعر 245 جنيها للسهم الواحد.

يأتي هذا الحكم قبل يوم واحد من انتهاء عرض الشراء الإجباري الذي تقدمت به «أورانج بارتسيبيشنز» التابعة لـ«فرانس تيليكوم» لشراء كامل لأسهم «موبينيل». وفور الإعلان استجابت الهيئة العامة للرقابة المالية للحكم الصادر، وقامت بوقف عرض الشراء الإجباري لكامل أسهم الشركة المصرية لخدمات التليفون كما ألزمت جميع شركات السمسرة بإلغاء الأوامر المسجلة على نظام الصفقات الخاصة «OPR»، اعتبارا من يوم أمس.

وقضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار هيئة الرقابة المالية الصادر في 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالموافقة على عرض الشراء الإجباري المقدم من شركة «أورانج بارتسيبيشنز» التابعة لشركة «فرانس تيليكوم»، لشراء أسهم الشركة المصرية لخدمات التليفون الجوال «موبينيل» بسعر 245 جنيها وهو ما أيده قرار لجنة التظلمات الصادر بتاريخ 2 يناير (كانون الثاني) الحالي. كما أمرت المحكمة بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب إلغاء قرار الهيئة المذكور، وحددت جلسة 13 فبراير (شباط) المقبل للنظر في الشق الموضوعي للدعوى.

وقالت المحكمة التي رأسها المستشار حمدي ياسين نائب رئيس مجلس الدولة في أسباب حكمها، إن «فرانس تيليكوم» وهيئة الرقابة المالية خالفا أحكام القانون، مشيرا إلى أن «فرانس تيليكوم» تقدمت عن طريق شركة «أورانج بارتسيبيشنز» التابعة لها بثلاثة عروض للشراء الإجباري؛ أولها بتاريخ 6 أبريل (نيسان)، وثانيها في 19 مايو (أيار)، وثالثها في 15 يوليو (تموز) من العام الماضي، ثم تقدمت بعرض شراء إجباري رابع يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أي قبل مضي 6 أشهر من تقديم عرضها الأخير المقدم للهيئة بتاريخ 15 يوليو (تموز) الماضي وهو ما يخالف اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال التي نصت على أنه «في حالة تقديم عرض شراء إجباري فإنه يحظر على مقدمه تقديم عرض آخر خلال الستة أشهر التالية لتقديم العرض الأصلي».

وأكدت المحكمة أنه بذلك يكون قبول العرض قد تم بالمخالفة للإجراءات الجوهرية المقررة لضمان حماية المساهمين والمحافظة على مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بما يجعل قرار الموافقة على عرض الشراء الإجباري قد تم في ظل عيوب تشوبه وتجعله مخالفا للإجراءات الجوهرية المقررة قانونا.

أما بالنسبة لهيئة الرقابة المالية، فأوضحت المحكمة أن الهيئة لم تلتزم باللوائح القانونية، فلم تقم فور قبولها عرض الشراء بإخطار البورصة بالأحكام الجوهرية الواردة، لتتولي البورصة نشر تلك المعلومات، ولم تقدم الهيئة مستندا يفيد اتباعها لهذا الإجراء الجوهري الذي أوجبته اللائحة.

وأشارت المحكمة إلى أن عرض الشراء الإجباري انطوى على إفصاح مقدم العرض عن نواياه وخططه المستقبلية بالنسبة للشركة المستهدفة بشكل غير محكم، حيث ذُيلت معظم بنود العرض بعبارة في «الوقت الحالي» الذي لم يتحدد بميعاد أو فترة زمنية، حيث تمثلت تلك التعهدات في عدم استغنائه عن العمالة في شركة «موبينيل» أو إدماج الشركة مع شركة أخرى أو بيع أسهمها أو شطبها من البورصة (في الوقت الحالي).

وذكرت المحكمة أن هذه البنود تؤكد أنه يمكن أن تكون هناك نية لمقدم العرض في الاستغناء عن العمالة بالشركة وإدماجها في شركة أخرى وبيع أسهمها المستحوذ عليها وشطبها من البورصة المصرية.

أما فيما يخص الفارق في عرض الشراء الإجباري المقدم بسعر 245 جنيها للسهم، فقالت المحكمة إن عرض الشركة تضمن فارقا قدره نحو 28 جنيها بين السعر المشتق من سعر سهم شركة «موبينيل» للاتصالات والوارد في حكم التحكيم الصادر لصالح شركة «فرانس تيليكوم» ضد شركة «أوراسكوم تيليكوم» البالغ قدره نحو 273 جنيها، وهو ما يجعل للسهم الواحد سعرين بما يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين مالكي الأوراق المالية.

واستندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى تقرير المستشار المالي المستقل المعتمد من الهيئة الذي انتهى إلى أن القيمة العادلة لتقييم الشركة المصرية لخدمات التليفون الجوال «موبينيل» لمستثمري المحافظ في حدود 263 إلى 265 جنيها للسهم الواحد، بينما القيمة العادلة للاستحواذ للمستثمر الاستراتيجي تتراوح بين 283 و337 جنيها للسهم.

وأضافت المحكمة أن البيع بسعر 245 جنيها للسهم لا يحقق المصلحة العادلة لصغار المساهمين، وهو دلالة إضافية على أن قرار البيع الإجباري على هذا النحو يكون قد قبل عرضا غير عادل ويخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين مالكي الأوراق المالية محل عرض الشراء.

ولم يكد رئيس المحكمة ينتهي من منطوق الحكم حتى انتفض نجيب ساويرس رئيس «أوراسكوم تيليكوم» من موقع جلوسه وهتف قائلا «يحيا العدل»، وخرج من قاعة المحكمة واغرورقت عيناه بالدموع وهو يردد عبارة «الشكر لله».

ولم يكن القرار متوقعا لجميع المتعاملين في السوق، خاصة حملة أسهم «موبينيل» الذين يأملون في بيع أسهمهم بسعر الشراء الإجباري لتحقيق هامش ربح جيد بالنسبة لهم. وقال عمرو الألفي رئيس قسم الأبحاث في البنك الاستثماري «سي آي كابيتال»: «القرار فاجأنا جميعا»، إلا أن الصراع على شركة «موبينيل» المصرية لم ينته، وأجمع الخبراء على عدة سيناريوهات متوقعة خلال الفترة القادمة، أوجزها الألفي قائلا إن «السيناريو الأول هو أن يتم استئناف القضية أمام المحكمة الإدارية العليا، وقد ترفض المحكمة الاستئناف، أو تنقض الحكم الصادر اليوم».

وأضاف: «أما السيناريو الثاني فهو أن تقوم (فرانس تيليكوم) برفع عرض الشراء الإجباري إلى 273 جنيها، وهو ما قد ينتج عنه دخول (أوراسكوم تيليكوم) في تحد آخر لوقف هذا العرض بحجة انتهاء الفترة التي حددتها المحكمة الدولية لقيام (فرانس تيليكوم) بشراء أسهم (موبينيل). أما السيناريو الثالث فهو أن يتوصل طرفا النزاع (أوراسكوم تيليكوم) و(فرانس تيليكوم) إلى اتفاق على استمرار الشراكة بينهما». وأعرب الألفي عن اعتقاده أن السيناريو الثالث أقرب إلى الحدوث، خاصة أن الشراكة بينهما ولدت نجاحا كبيرا للشركة خلال الـ11 عاما الماضية. ونفت «فرانس تيليكوم» في بيان لها أمس ما تردد في وسائل الإعلام عن قيام مستشارها المالي «بنك إتش إس بي سي» بتحديد القيمة العادلة لسهم «موبينيل» بسعر 370 جنيها للسهم، وقالت إنه تم تحديد القيمة العادلة في سبتمبر (أيلول) الماضي عند 232 جنيها وفي نوفمبر (تشرين الثاني) تم تخفيض القيمة إلى 228 جنيها.

وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من التقييم الأخير، الذي استند تخفيضه للقيمة العادلة إلى أن العروض الكبيرة من قبل الشركة لن تؤدي إلى تحقيق هامش ربح للشركة، وأشار التقييم إلى أنه على الرغم من ارتفاع أعداد مشتركي «موبينيل»، فإن معدل استخدام الفرد للخدمة «ARPU» تراجع بشكل كبير. وأشار بنك «إتش إس بي سي» إلى أن تقييمه تم وفق طريقه واحدة وهي التدفقات النقدية المخصومة (DCF).