وزيرة المال اللبنانية: الاستقرار أولوية لمواكبة فرص النهوض الاقتصادي

رئيس جمعية مصارف لبنان: مؤشرات النمو القياسية لا تشكل وحدها ضمانا

TT

أكدت وزيرة المال اللبنانية ريا الحسن أن «لبنان يتطلع إلى مرحلة من الاستقرار، تتيح له، في ظل حكومة طموحة، الانطلاق نحو آفاق جديدة، عنوانها النمو الاقتصادي والتنمية والازدهار». فيما اعتبر رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربية أن الفرصة السانحة حاليا قد لا تتكرر «ويقتضي الإفادة منها من أجل تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد والسياسة معا. والهيئات الاقتصادية تعلق آمالا كبيرة بأن تحقق الحكومة برئاسة سعد الحريري إصلاحات في العمق الاقتصادي والمالي والمؤسساتي». وخاطبت الحسن الاجتماع السنوي الأول لمجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط (مقره الكويت) الذي انعقد أمس في بيروت برئاسة نائب رئيسه، نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني هشام شرف عبد الله، وحضور المدير العام الدكتور عيسى الغزالي، ووكيله الدكتور علي عبد القادر علي، وأعضاء المجلس.

ورأت أن مواجهة التحديات الكثيرة الناشئة عن الأزمة المالية الدولية، تتطلب قدرة على الابتعاد قليلا عن الضجيج وغبار التداعيات «والانصراف إلى تحليل أسباب تمكّنها من الكثير من اقتصاداتنا العربية، وإلى رصد تداعياتها، ووضع التصورات لمواجهتها، والخطط لتحصين أنظمتنا المالية والاقتصادية ضد أي مفاجآت مماثلة قد تحصل مستقبلا. ومن الملح زيادة درجة التنسيق والتعاون المالي والاقتصادي بين الدول العربية، وتفعيل المؤسسات المشتركة، بحيث تساهم في جعل الكتلة العربية لاعبا اقتصاديا أساسيا في الخريطة الاقتصادية العالمية، وعنصرا بارزا في النظام الاقتصادي العالمي الجديد». وقالت «إن المعهد العربي للتخطيط من هذه المؤسسات التي يجب أن نسعى إلى إعطائها زخما أكبر ودورا أكثر أهمية، بحيث نضمن لهذا المعهد استمرار حفاظه على مكانة مميزة كمركز متخصص وعقل مفكر مخطط ينير القرار الاقتصادي والتنموي العربي، ويلعب دور المحرك النشط لعملية تطوير الإدارات العامة في عالمنا العربي، ولبناء قدرات الجيل الجديد من القياديين والمسؤولين الحكوميين».

من جهته، أكد طربية، في مؤتمر حول آفاق الاقتصاد اللبناني وجاذبيته أن «عودة الاستقرار الداخلي، الذي افتقده لبنان طويلا، فرصة ذهبية، ومظلة لا بديل لها، لحماية الوطن ناسا وحدودا وطاقات وإمكانات. وتثبيت هذا الاستقرار سياسيا وأمنيا، وتعزيز مسيرة الوفاق، واستثمار الأجواء الإقليمية والدولية المواتية، هي المهمة الواجبة الأولى لحكومة الوحدة الوطنية المطلوب من كل القيادات والقطاعات المحلية دعمها وإزالة ما يعترضها من معوقات».

واعتبر أن الإيجابيات التي يحققها الاقتصاد ومؤشرات النمو القياسية «لا تشكل وحدها ضمانا لمستقبل واعد للبنان في ظل استمرار مشاكل لبنان الأساسية. فنمو الناتج الوطني، على أهميته، لا يمثل مؤشرا كافيا للتنمية الشاملة، بل يلزم أن يترافق مع إعادة بناء الثقة الداخلية والخارجية وإدخال تحسينات مطردة في حياة الناس والتقديمات الصحية والاجتماعية ورفع مستويات التعليم وتيسيره بما يتوازن مع موازنات الأسر والنهوض بالبنى التحتية والمرافق العامة وإعادة الاعتبار جديا لدولة المؤسسات والقانون بما يفضي إلى تكامل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وفي إنتاج مناخ استثماري حقيقي».

ونبه إلى دقة الأوضاع المالية التي لا تتيح الكثير من المعالجات، «فارتفاع حجم الدين العام، رغم تقلص نسبته إلى الناتج، لا يمكن مواجهته بزيادة الأعباء الضريبية في وقت نسعى فيه إلى تكبير حجم الاقتصاد، وهو الهدف الاستراتيجي في خطط النهوض والإنقاذ. بل يتوجب منح المزيد من الحوافز الضريبية من أجل خلق بنية ملائمة أكثر للنمو المستدام، واستحداث فرص العمل على المديين المتوسط والبعيد، مما يساهم في إحداث تحول في المسار الاقتصادي العام، سواء لناحية تعميق وتطوير ثقة المستثمرين بلبنان أو لناحية المعالجة الجذرية للاختلالات الماكرو - اقتصادية القائمة». وطالب الحكومة الجديدة بأن يكون «أول اهتماماتها استئناف تنفيذ لائحة الإصلاحات التي التزمت بها في مؤتمر باريس ومعالجة الاختلالات المزمنة في بعض المؤسسات العامة، وتحسين المناخ الاستثماري والبنية الاستقبالية للاقتصاد اللبناني التي بدأت تفقد الكثير من مميزاتها التفاضلية بفعل ضعف التشريع الذي يحفز النشاط الاقتصادي ويجذب الاستثمار، والبطء بالإصلاحات والبيروقراطية وضعف الحوكمة وتدهور البنية التحتية للمرافق العامة من ماء وكهرباء واتصالات وطرق ومواصلات. كما أن هناك حاجة لتفعيل موجودات الدولة، وهو عنوان أوسع من عملية الخصخصة التي تعني مجرد بيع موجودات، حيث إن تفعيل موجودات الدولة يشمل تحريك طاقات جامدة تملكها الدولة، مثل استثمار الثروات الجوفية المائية والنفطية والأراضي الأميرية الشاسعة، وإمكانات البلد السياحية، وغيرها». إلى ذلك، أعلن نائب رئيس مجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط هشام شرف عبد الله، أن المؤتمر الدولي التاسع للمعهد سيعقد خلال شهر مارس (آذار) المقبل في مدينة القاهرة. تحت عنوان «المرأة والشباب في التنمية العربية». وأوضح أن «اختيار موضوع المؤتمر جاء اهتماما من المعهد بتقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والقانونية للمرأة والشباب العربي واستكشاف مجالات تحسينها في الدول العربية، وتقويم إمكان تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالمرأة والشباب، وتطوير أُطر تحليلية ملائمة لتقييم واقتراح سياسات تنموية لتضمين المرأة والشباب في خُطط التنمية العربية».

وقال إن المعهد أعد مشروع استراتيجيته السابعة للنشاط العلمي للأعوام 2010 - 2015 «بصورة تتضمن قراءة متأنية للتطورات في الفكر التنموي، وبحيث تشتمل على المفهوم الموسع للتنمية على أنها عملية لتوسيع خيارات البشر؛ وعلى طبيعة النمو المستدام وتحديات تحقيقه، وعلى التحديات التنموية التي تواجه الدول العربية كما عبر عنها إعلان الكويت (2009)».