قانون جديد للإيجارات يثير جدلا في المغرب ومخاوف من تداعياته على المستأجرين

وزير الإسكان المغربي لـ «الشرق الأوسط»: 140 ألف شقة مغلقة

يرى البعض أن قانون الإيجارات الجديد في المغرب جاء متميزا للملاك («الشرق الأوسط»)
TT

تباينت مواقف أطراف حكومية وحزبية، بعد مصادقة البرلمان المغربي على مشروع قانون جديد للإيجارات يهدف إلى تنظيم العلاقات التعاقدية بين الملاك والمستأجرين، سواء كانت محلا للسكن أو مكاتب. ويقول مسؤولون حكوميون إن القانون الجديد يهدف إلى محاربة أزمة السكن، عبر تشجيع المستثمرين للاستثمار في المجال العقاري، في حين يرى معارضون أن القانون لا يخدم مصالح المواطن العادي وأصحاب المهن الحرة وأنه كان يتحتم على الدولة تحقيق النتائج نفسها عبر إجراءات أخرى، وأن القانون ستكون له تداعيات وخيمة على المستأجرين حيث أصبحت هناك زيادة تلقائية في قيمة الإيجار كل ثلاث سنوات.

وكان البرلمان وافق الأربعاء الماضي على مشروع قانون يتكون من 52 مادة تهدف إلى تنظيم قطاع العقار عبر مجموعة من الإجراءات منها، مراجعة قيمة الإيجار وزيادة هذه القيمة كل ثلاث سنوات بنسبة 8 في المائة بالنسبة إلى المحلات المخصصة للسكن و10 في المائة بالنسبة إلى المكاتب. وفي هذا الصدد، قال توفيق حجيرة وزير الإسكان والتعمير لـ«الشرق الأوسط»، إن ميزة القانون المنظم للعلاقات التعاقدية بين الملاك والمستأجرين، هي أنه اعتمد على دراسة أعدت منذ سنتين ونصف من طرف الوزارة، وشملت جميع أنحاء المغرب، وأخذت بعين الاعتبار آراء كل من له علاقة بالمجال العقاري، سواء الذين يمثلون القطاع العام أو الخاص، بالإضافة إلى القضاء، إذ تم رصد وتقييم النزاعات القضائية في مجال الإيجار لدى جميع المحاكم.

وأوضح حجيرة أن الهدف من القانون هو أعادة الثقة بين الملاك والمستأجرين، وتشجيع الاستثمار في مجال العقار، مشيرا إلى أنه بسبب غياب هذه الثقة، توجد 140 ألف شقة مغلقة يرفض أصحابها تأجيرها، في حين توجد 800 ألف شقة فارغة، مشيرا إلى أن عميلة الإحصاء أبانت أن 140 ألف شقة هي التي يستهدفها القانون لأن باقي الشقق، في ملكية مهاجرين المغاربة أو عبارة عن منازل ثانوية، أو معروضة للبيع، خصوصا تلك التي توجد قرب بعض الشواطئ، مشددا على أنه في حالة عودة الثقة بين الطرفين المعنيين بهذا القانون، فإن المقاولين سيستثمرون في مجال العقار وذلك ببناء شقق سكنية جديدة وإيجارها.

وبخصوص ردود الأفعال، التي شهدها هذا القانون من طرف بعض المجموعات البرلمانية المعارضة، التي ترى أنه جاء متحيزا للملاك، رد حجيرة: «من المستحيل التراجع عن مبدأ قيام علاقة عادلة بين الملاك والمستأجرين؛ لا بد من قانون عادل بين الطرفين من أجل صيانة حقوقهما معا، ومن أجل تشجيع تأجير الشقق»، موضحا أن «القانون الجديد يسمح أيضا للطرفين بالاتفاق على عدم توقيع عقد».

وحول الزيادة التلقائية في قيمة الإيجار، اعتبرها حجيرة «عاديّة»، مضيفا أنه يمكن للطرفين معا أن يتفقا على عدم النص عليها في العقد إذا رغبا في ذلك. وقال حجيرة إنه في حالة إذا ما انحاز القانون إلى المستأجرين، فإن ذلك سيترتب عليه امتناع الملاك عن تأجير محلاتهم، وبالتالي تفاقم أزمة السكن، وأوضح أن المالك ليس محسوبا دائما على الطبقة الغنية، إذ يكون في بعض الحالات أرملة أو أطفالا قاصرين.

وبموازاة مع ذلك انتقد مصطفى الرميد رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية المعارض القانون، وقال إنه غير منصف. وقال الرميد لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ضلت الطريق ضدا على المواطنين الضعفاء، عندما ألغت العقد غير محدد المدة، واقتصرت في قانونها الجديد على العقد المحدد المدة فقط، وهو ما سيؤدي إلى أن جميع الأشخاص الذين يستأجرون سيواجهون بعقود محددة المدة، وغالبا ما تكون قصيرة ولن تتجاوز سنة، وبعد نهاية هذه المدة سيجد المستأجر نفسه، مضطرا إما إلى التخلي عن العقار وإما إلى الزيادة في قيمة الإيجار مما سيفتح الباب أمام مشكلات لا تحصى. وقال الرميد إنه بالنسبة إلى المكاتب، سيخلق هذا القانون مشكلات في حالة تنفيذه، بالنسبة إلى أصحاب المهن الحرة مثل المحامين والأطباء ومن هم على شاكلتهم، لأن أصحاب المهن يبذلون مجهودات كبيرة من أجل الحصول على زبائن، لكن سيجدون أنفسهم مطالبين بإفراغ المكتب أو البقاء فيه لكن مقابل سعر مرتفع. وأضاف الرميد أن قول الحكومة إنها تهدف إلى تشجيع الاستثمار في مجال الإيجار ليس صحيحا على الإطلاق، لأنها تملك العديد من الوسائل لتحفيز الناس على الاستثمار في المجال العقاري منها التحفيزات الضرائبية، والتي يمكن استعمالها أيضا سلاحا، لمحاربة الذين يغلقون شققهم ويرفضون تأجيرها مع استثناء المهاجرين.

من جهته وصف النقيب محمد أقديم عن هيئة المحامين في الرباط قانون الإيجار الجديد بأنه إيجابي، وسيحد من النزاعات في هذا المجال أمام القضاء. وقال أقديم لـ«الشرق الأوسط» إن مالك العقار سيعرف حقوقه والمكتري واجباته، هذا ما سيساعد على التقليل من النزاعات القضائية. كما أوضح أقديم أن نسبة 8 في المائة أو 10 في المائة كزيادة في قيمة الإيجار كل ثلاث سنوات، ليست كبيرة على الطبقات الوسطى، خصوصا الموظفين، وأوضح أنه «في السابق كانت الخبرات في موضوع الزيادة في الإيجار بعد وصول النزاع إلى القضاء تنجز دون أن تعتمد على معايير موضوعية، وبالتالي فإن تحديد هذه النسبة، سيعرف المالك قدراته المالية من خلال إجرائه لعملية حسابية ليقرر على ضوء ذلك إذا كان سيؤجر عقاره.