الأزمة الاقتصادية الإسبانية تحيي الجدل حول الهجرة

أكثر من 5 ملايين مهاجر يعيشون في إسبانيا

TT

أثارت محاولة قامت بها إسبانيا لحرمان مهاجرين غير شرعيين من الحصول على خدمات الرعاية الصحية مناقشات حامية الوطيس بشأن الهجرة في بلد يعاني من ضغوط أزمة اقتصادية. ولا تعاني إسبانيا حتى الآن من مشاعر ضخمة معادية للهجرة على الرغم من الزيادة السريعة في أعداد المهاجرين إليها على مدى العقد الماضي وارتفاع نسبة البطالة بشكل صاروخي حتى وصلت الآن إلى 20 في المائة.

ومع ذلك، وبينما تستمر الأزمة الاقتصادية، فإن المعارضة المحافظة تتشدد في معالجتها لقضية الهجرة بينما الحكومة الاشتراكية تتخبط بين سياسات متناقضة.

وتقول إحصاءات رسمية: «إن أعداد المهاجرين في إسبانيا زادت خمسة أضعاف في غضون عقد من الزمان إلى نحو 5.3 مليون أو 12 في المائة من السكان». وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أنه يوجد ما يقدر بـ300 ألف مهاجر ممن لا يحملون وثائق. وشرعت السلطات في إجراءات قانونية بين أوائل عام 2005 ومارس (آذار) عام 2008 لطرد نحو 156 ألف مهاجر غير شرعي، لكن 70 في المائة منهم تمكن من البقاء بسبب الإجراءات البيروقراطية وغياب الموافقات القانونية وعدم الكشف عن هويتهم وغيرها من الأسباب بحسب صحيفة «إلموندو».

وقد طفت المتناقضات المحيطة بسياسات الهجرة على السطح عندما أعلنت بلدة فيك بشرق البلاد أنها لن تسمح بعد الآن بتسجيل المهاجرين الذين لا يحملون وثائق كـ«سكان»، وبذا يحرمون من خدمات الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الاجتماعية.

ونحو ربع سكان فيك، البالغ عددهم 38 ألفا، من الأجانب (من نحو 90 جنسية)، وتحاول السلطات المحلية التصدي لنفوذ الحزب اليميني المتطرف الذي جاء في المركز الثاني في الانتخابات المحلية عام 2007. وترى سلطات فيك أنه من غير المنطقي تسجيل أناس من المفترض أنهم طردوا من البلاد، لكن القضية أثارت عاصفة من الاحتجاجات.

وقال رئيس الوزراء الإسباني، خوسيه لويس ثاباتيرو، إنه لن يحرم أحد في إسبانيا من الخدمات الاجتماعية بغض النظر عن وضع الإقامة الذي يحمله.

وتراجعت فيك أخيرا عن موقفها، لكن القضية كشفت أن بعض المحليات الأخرى تحاول أيضا تقييد حقوق المهاجرين، ودفعت حزب الشعب المحافظ للدعوة إلى مناقشة جديدة لموضوع الهجرة. واقترح الحزب «عقد للاندماج» تتضمن بنوده حاجة المهاجرين لاحترام الثقافة الإسبانية. ويتهم منتقدون يساريون حزب الشعب بمحاولة استثمار موضوع المهاجرين سياسيا في وقت تراجعت فيه أعداد المهاجرين الجدد ولم تعد هناك حاجة لمثل هذه المناقشة.

وبينما شهد الاقتصاد الإسباني نموا على مدى عقد من الزمان، فإن المهاجرين من أميركا اللاتينية وشرق أوروبا وأفريقيا وجدوا ترحابا للعمل في مجالات البناء والخدمة المنزلية وفي الفنادق أو كجامعي ثمار. بيد أن الأزمة الاقتصادية تركت كثيرا من المهاجرين بلا وظيفة.

وقد شددت الحكومة من سياسات الهجرة، فأصلحت القانون لتمديد فترات الاحتجاز للمهاجرين غير الشرعيين وتقييد إمكانية إحضار المهاجرين لأفراد أسرهم إلى إسبانيا. وقد اتخذت الحكومة إجراءات كثيرة أدت لتراجع أعداد المهاجرين الذين يعيشون في إسبانيا لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان.