مستشارة أوباما: السعودية مؤهلة لأن تكون ضمن أنجح 11 اقتصادا حول العالم

لورا تايسون لـ «الشرق الأوسط»: المخاطر محدودة على الاستثمارات المرتبطة بالدولار

لورا تايسون خلال مشاركتها في منتدى التنافسية الذي أقيم في الرياض مؤخرا («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت مسؤولة في الحكومة الأميركية، محدودية المخاطر التي تواجه الاستثمارات بالدولار، متطرقة على التفاف الاقتصاد العالمي حول الدولار كعملة رئيسية سواء كان ذلك بشأن التداول أو الاحتياطي الدولي.

وجاء تطمين لورا تايسون، المستشارة الاقتصادية غير المتفرغة للرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، في ظل مخاوف المستثمرين الخليجيين فيما يتعلق بفك ارتباط العملات الخليجية بالدولار عقب الأزمة المالية العالمية، مشيرة إلى أن امتلاك استثمارات بالدولار لن يعرض لمخاطر التضخم أو العجز عن السداد أو أي تهديد آخر، وذلك، بحسبها، عائد إلى السياسة الأميركية، التي ستعمل على خفض العجز وتعديل الديون، بالإضافة إلى السيطرة على التضخم.

وأكدت تايسون عميدة معهد لندن لإدارة الأعمال خلال حديث لها مع «الشرق الأوسط» في أثناء مشاركتها في منتدى التنافسية الذي اختتم مؤخرا في الرياض، أن الترويج لعملة جديدة للاحتياطي العالمي كبديل للدولار، لا يفيد العالم بشيء، وإنما المفيد العمل جميعا لجعل الدولار عملة العالم الاحتياطية، متطرقة إلى أن أميركا تقوم بسن وتطبيق الكثير من التشريعات والإجراءات الاقتصادية الضرورية، لاستعادة الانضباط المالي، واتباع سياسة نقدية قوية بعد خطط التحفيز الاقتصادي.

وحول دول الخليج، أبانت مستشارة الرئيس الأميركي للشؤون الاقتصادية، أن دول المجلس الـ6 كانت محظوظة وأقل دول العالم ضررا، ولكن ليس بسبب عدم ارتباطها بالاقتصاد العالمي، بما في ذلك الأميركي، بل العكس، فهناك كثير من التداخلات الاقتصادية والتجارية والصناعية المتبادلة بين تلك البلاد والولايات المتحدة الأميركية.

وأشارت إلى أن السعودية تتمتع بقوة اقتصادية معتبرة، واستطاعت أن تحقق استقرارا اقتصاديا متزنا، مكنها من القدرة على توفير فرص عمل كثيرة ساهمت في تقليص البطالة، وحفز لخلق مزيد من فرص الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي.

وأوضحت أن نجاحات المؤسسات والشركات الكبيرة التي تعمل في السوق السعودية، تعود إلى صحة البيئة الاستثمارية المحفزة، مشيرة إلى أنها تعتقد أن وضع السعودية الاقتصادي يؤلها لأن تكون ضمن 11 دولة ناجحة اقتصاديا على مستوى العالم.

وذكرت أن الأزمة المالية لها مبرراتها ومسوغاتها، مبينة أن امتدادها الدولي لأن العالم قرية صغيرة، فإن تأذى بالأزمة المالية، فلأنه شارك بشكل أو بآخر في خلق أسباب هذه الأزمة.

وتطرقت تايسون إلى دبي، مفيدة بأنها حققت الكثير في مجال بناء البنى التحتية المالية، وكسبت بها ثقة الكثير من بلدان العالم، مستشهدة بالزخم الإعلامي الذي يدور حولها، نافية أن يكون ما حدث فيها بسبب ارتباطها بالنظام المالي العالمي الأميركي تحديدا، قائلة: «هذا كلام عارٍ من الصحة ولا يستند إلى أي دليل أو دراسة علمية، وما يحدث حاليا في دبي حدث ويحدث في بلاد أخرى ولكن بدرجة متفاوتة، وهذا يعتمد على مدى قدرة دبي أو مثيلاتها على تطبيقها للمحفزات المالية الضرورية بما في ذلك الشفافية التي في المؤسسات الناشطة في هذا المجال التي قد توقع في أزمة ديون مهلكة».

وحول ما يشيعه بعض من الخبراء والاقتصاديين والماليين من أن النظام المالي الإسلامي كان طوق نجاة الكثير من الدول التي تطبق هذا النظام بخلاف تلك التي تطبق النظام الرأسمالي، قالت تايسون إنها لا تعرف الكثير عن النظام المالي الإسلامي، غير أنها ترى أن عددا من الدول الأوروبية والآسيوية حاولت الاستفادة من هذا النظام، وليس هناك ما يمنع من دراسته لمعرفة مدى كيفية التطبيق في عدد من المؤسسات المالية الأميركية.

وفيما يتعلق بالداخل الأميركي أشارت المستشارة إلى أن هناك الكثير من السياسات الاقتصادية التي تتخذ لمعافاة الاقتصاد الأميركي، مفيدة بأن نتائجها المبشرة بدأت تظهر، إذ بدأ الاقتصاد الأميركي في التعافي من الأزمة المالية العالمية بالنمو خلال الربع الثالث من العام الماضي 2009، واستمرت بعدها الأوضاع الاقتصادية في التحسن في مختلف قطاعات الاقتصاد الأميركي والتوسع، مبدية تفاؤلها بإمكانية حدوث مفاجآت سارة في هذا الخصوص.

وبنت تفاؤلها على أن الاقتصاد الأميركي سجل نموا أسرع من المتوقع بلغ 5.7% في الربع الأخير من العام الماضي، مسجلا أسرع معدل نمو منذ أكثر من 6 سنوات، فيما زاد نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير بأسرع وتيرة منذ الربع الثالث لعام 2003.

وتطرقت إلى تحقيق الاقتصاد نموا بمعدل سنوي بلغ 2.2 في المائة في الربع الثالث، مشيرة إلى أن هذا من شأنه خلق المزيد من فرص العمل الجديدة، التي تتواءم مع معدل النمو السكاني لتعويض الخسائر، التي وقعت في وقت سابق، وربما تصل إلى مستويات نمو تفوق التوقعات بمستويات أعلى بحلول عام 2011، ومن المتوقع أن تتراجع معدلات البطالة خلال عام 2010 لتخطو بمحاذاة التعافي الاقتصادي المنشود في العام نفسه، بالإضافة إلى ذلك سيعمل البنك الفيدرالي الأميركي على إنهاء معظم الأدوات والخطط التحفيزية. وذكرت أن ما تحقق كان نتاجا طبيعيا للتحسينات التشريعية والإجرائية في السياسة الاقتصادية الأميركية الأولى، كما تقوم الولايات المتحدة بتخطيط لمجموعة ثانية من خطوات التحفيز المالي الهادفة لدعم الاقتصاد.

وحول دعوات في أميركا إلى عدم الاعتماد على النفط الخليجي، ذكرت لورا تايسون بعدم معرفتها بحملة «عودي إلى النوم أميركا فلم تعد هناك أزمة نفط» التي رفعها جون بيكن مؤخرا، وهو أحد المواطنين الأميركيين، عبر وسائل الإعلام الأميركية للمطالبة بإنهاء اعتماد بلاده على النفط ومنتجاته كوسيلة يتيمة لتوفير الطاقة، مدعيا استغلال الدول الأجنبية حاجة الولايات المتحدة للنفط، وبالأخص منطقة الخليج.

وكان بيكن قد دعا عبر وسائل الإعلام الأميركية، رئيس بلاده باراك أوباما إلى ضرورة الاستيقاظ وعدم إتاحة الفرصة أمام الدول العربية لاستغلال حاجة الولايات المتحدة للنفط، وذلك باعتماد بدائل أخرى للطاقة النظيفة أو ما يسمى بالطاقة «صديقة البيئة»، متسائلا كيف لأوباما أن يسمح باستغلاله من قبل دول لا تحب الولايات المتحدة الأميركية، ومؤكدا أن استيراد بلاده للنفط من المنطقة العربية «الخليجية» يصل حتى 7 في المائة من مجمل نسبة استيراد الولايات المتحدة للنفط من الدول الأجنبية. وكشفت مستشارة الرئيس الأميركي الاقتصادية عن مساعي الولايات المتحدة الأميركية لفرض ضرائب على «الكربون»، الذي تقصد به البترول والفحم وما إلى ذلك، بغرض رفع أسعاره في سبيل تشجيع المستهلكين على اعتماد بدائل أخرى للطاقة تلائم البيئة أو ما يطلق عليه «الطاقة النظيفة».

وشددت مستشارة أوباما الاقتصادية على أن الأسعار المرتفعة للكربون عالميا وفي الولايات المتحدة، سيحث بدوره المستهلكين والمستثمرين على اللجوء لاستخدام وسائل للطاقة أخرى مختلفة، مؤكدة أن ذلك على المدى البعيد سيقلل من حجم الاعتماد على النفط ومستوى استيراده من الدول الأجنبية، بشكل عام دون تحديد منطقة معينة.

وأشارت إلى أن تخفيض نسبة ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري والاضطرابات المناخية إلى جانب التلوث البيئي كل ذلك سيدفع باتجاه اعتماد الطاقة الخضراء أو «النظيفة»، مما سيساهم بدوره في التحول التدريجي بشأن اعتماد بدائل أخرى للطاقة عوضا عن النفط (الكربون).