لبنان يحضر لإصدار سندات دولية بقيمة ملياري دولار

وزارة المال تلقت العروض والتنفيذ الشهر المقبل

إقرار الموازنة الجديدة سيعكس إشارات إيجابية أفضل للأسواق الداخلية والخارجية (أ.ف.ب)
TT

تعكف وزارة المال في لبنان على دراسة عروض تلقتها من مصارف محلية وخارجية لتنفيذ إصدار أو أكثر لسندات دين دولية «يوروبندز» لصالح الحكومة اللبنانية، بهدف إعادة تمويل وإجراء مبادلة لسندات تستحق هذا العام بقيمة تزيد قليلا على ملياري دولار.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن 7 مصارف لبنانية على الأقل، من المصارف الكبيرة تقدمت بعروض أولية لإدارة الإصدار وتسويقه بالتعاون مع بنك عالمي، وفق ما درجت عليه الوزارة في التكليفات السابقة، حيث يتم اختيار مصرفين محليين ومصرف عالمي بموجب استدراج عروض مسبق.

ووفق المعلومات، فإن العروض اكتمل تقديمها قبل أيام. وهي تقسم الإصدار إلى شريحتين بناء على طلب الوزارة؛ الأول لمدة متوسطة بين 7 و8 سنوات، والثاني لمدة تصل إلى 15 عاما. مع تأكيد على أن الاستطلاعات الأولية كشفت استجابة الأسواق الداخلية وبعض الأسواق الخارجية لإصدارات الحكومة اللبنانية، خاصة بعد النجاح اللافت للإصدار الأخير بقيمة 500 مليون دولار وتحسن التصنيف الائتماني للديون السيادية من قبل مؤسسات تصنيف وتقييم دولية.

واستنادا إلى أغلب العروض المقدمة، فإن الفائدة السوقية للآجال المتوسطة تتراوح بين 6.5 و6.75 في المائة سنويا. وتصل إلى بين 7 و7.25 في المائة للآجال الممتدة حتى عام 2024. لكن لوحظ أن بعض العروض تضمن تثبيت الفوائد حتى استحقاق السندات، فيما طلبت عروض أخرى اعتماد معدل الفائدة العالمي مضافا إليها علاوة السوق، أي أن تكون الفائدة متحركة تبعا لتحركها في الأسواق الدولية. أو اعتماد الطريقتين معا، أي تكون الفائدة ثابتة لمدة 3 سنوات، على الأقل، ثم تتحول إلى متحركة. علما بأن الحصيلة واحدة لجهة التكلفة، مع ميل البنوك إلى التحوط من إمكانية عودة الفوائد العالمية إلى الارتفاع كونها تحمل الجزء الأكبر من السندات المطروحة ضمن محفظتها الائتمانية.

وتتوقع المصارف المشاركة في تقديم العروض، أن تبت وزارة المال في العروض المقدمة قبل منتصف الشهر الحالي وإصدار التكليفات اللازمة للجهات المختارة، بعد حسم قرارها بشأن تنفيذ الإصدار دفعة واحدة لأجل طويل أو متوسط. أو تنفيذه على شريحتين؛ متوسطة وطويلة الأجل، تبعا لطلبها الأولي.

وبموجب هذا الاختيار، يتوقع تنفيذ الإصدار في النصف الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل، بحيث تكون الحكومة، وفق التوقعات، قد أقرت مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي، وأحالته إلى المجلس النيابي، علما بأنه لا يوجد رابط ملزم بين الاستحقاقين، لكن إقرار الموازنة الجديدة سيعكس إشارات إيجابية أفضل للأسواق الداخلية والخارجية، ويسهم في زيادة الإقبال على الإصدار وربما خفض أكلافه قليلا.

وكانت وزارة المال أنجزت، في الشهر الأخير من العام الماضي، عملية إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية (يوروبوند) بقيمة 500 مليون دولار أميركي، بمواصفات تاريخية لم تشهدها الديون الحكومية في إصدارات سابقة، خاصة لجهة تدني التكلفة إلى ما دون 6 في المائة في الشريحة الأولى للإصدار، وطول أجل الاستحقاق إلى 15 سنة للشريحة الثانية.

وشكل نجاح الإصدار، الذي شهد عودة الاهتمام الاستثماري الخارجي بالسندات السيادية بعد انكفاء صريح منذ عام 2005 حافزا لبدء الإعداد مبكرا لعمليات مبادلة «سواب» للديون المستحقة خلال العام الحالي، البالغة نحو 1565 مليون دولار تستحق الشريحة الأكبر منها في مارس (آذار) المقبل بهدف الاستفادة من الإقبال الاستثماري الداخلي والخارجي، وانخفاض الفوائد العالمية الذي لم يستفد منه لبنان سابقا بسبب أزماته الداخلية. ووصفت وزيرة المال ريا الحسن حصيلة الإصدار حينها بالـ«مذهلة»، حيث بلغت طلبات الاكتتاب خمسة أضعاف القيمة المطلوبة، وفوائد الإصدار «هي الأدنى» قياسا بالإصدارات السابقة، واعتبرت أنه «يعكس الثقة بالنموذج المالي والاقتصادي اللبناني، وبقطاعنا المصرفي القوي والمتين، وبالاستقرار السياسي الذي نعيشه، خاصة أننا شهدنا في الفترة الماضية أزمة دبي التي كان يخشى أن تكون لها انعكاسات علينا، لكننا لم نشهد هذه الانعكاسات، بل بالعكس، استطعنا أن نتجاوزها ونحقق مستويات فائدة منخفضة جدا».

وتولت مصارف «بنك بيروت» و«سوسيتيه جنرال» و«سيتي بنك» تسويق الإصدار الأخير الذي استقطب اكتتابات داخلية وخارجية فاقت 5 أضعاف قيمته، ما فرض اعتماد التوزيع بالتخصيص (بروراتا)، وتمت قسمته على شطرين؛ الأول قيمته 250 مليون دولار لخمس سنوات (يستحق في يناير «كانون الثاني» 2015)، والثاني قيمته أيضا 250 مليون دولار لمدة 15 سنة (يستحق في 3 ديسمبر «كانون الأول» 2024).