وكالة الطاقة الدولية ترفع تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2010

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: الأسعار ستبقى عند مستويات 75 دولارا للبرميل

TT

رفعت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي، وتوقعت بأن ينمو هذا بمعدل 120 ألف برميل يوميا ارتفاعا عن تقديراتها السابقة، ليبلغ 86.5 مليون برميل يوميا في المتوسط، لكنها أوضحت أن هذا النمو سيأتي من الأسواق الناشئة على وجه التحديد.

وقالت الوكالة التي تقدم النصح لـ28 اقتصادا صناعيا، إن الطلب سينمو 1.6 مليون برميل يوميا في 2010 بعد تراجعه 1.3 مليون برميل العام الماضي، وأشار التقرير الشهري للوكالة إلى احتمال ارتفاع الطلب من الدول الصناعية «لكنه حتى مع تساقط الثلوج بصورة قياسية في فصل الشتاء في الولايات المتحدة وأوروبا فمن غير المرجح أن ينتعش الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي سيظل مستقرا على أفضل تقدير في 2010، فإنه في الحقيقة انتعاش لا يجذب معه النفط، وعلى النقيض من ذلك يبدو من المستبعد أن يتلاشى التعطش للنفط بين الاقتصادات الناشئة قريبا إلا إذا جاء الانتعاش الاقتصادي أقل من المتوقع»، وقالت الوكالة، إن جانبا كبيرا من مراجعتها لنمو الطلب على الخام جاء بعد أن رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي الذي يقدر الآن بنسبة 3.8 في المائة في 2010 ارتفاعا من التقديرات السابقة عند 3.1 في المائة، ولفتت الوكالة في تقريرها إلى أنه إذا لم يصل النمو الاقتصادي العالمي هذا العام إلى المستوى المتوقع، فقد ينخفض الطلب على النفط بنحو 400 ألف برميل يوميا.

واعتبر المحلل النفطي الحجاج بوخضور في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ارتفاع الطلب على النفط بقيادة الدول النامية أمر متوقع «فأسواق الهند والصين على سبيل المثال هي التي تشهد نموا اقتصاديا كبيرا مقارنة مع الدول الصناعية الكبرى التي ما زالت تجاهد للخروج من أزمتها الاقتصادية، وهذا النمو سيجلب معه بالطبع ارتفاعا في الطلب على النفط»، ولفت إلى أن وكالة الطاقة الدولية عدلت في الفترة من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحتى اليوم من توقعاتها 3 مرات وهذا يعود في الجزء الأكبر منه إلى اختلاف التقديرات لحجم النمو الاقتصادي العالمي المتوقع.

ويتفق بدوره المحلل كامل الحرمي مع هذه النظرة ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن دولا مثل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الصناعية الكبرى لم تعُد قادرة على تحقيق معدلات النمو التي كانت حققتها في السنوات القليلة الماضية، حيث وصل الاستهلاك العالمي للنفط إلى الذروة عام 2007، في هذا الوقت نشهد أن دولا مثل الصين والهند وكوريا وباكستان تحقق نسب نمو جيدة تقود الطلب العالمي على النفط، وفيما توقع الحرمي «بأن تبقى أسعار النفط العام الحالي دون مستويات عام 2009 وبأنها ستظل تتأرجح بين مستويات 70 و75 دولارا للبرميل»، رأى بوخضور «أن أسعار النفط عام 2010 ستكسر حاجز 90 دولارا للبرميل مع أنه من المتوقع أن تبقى في المتوسط في مستويات 70 إلى 75 دولارا للبرميل»، وقال: « لطالما كانت أسعار النفط مرتبطة بعوامل مختلفة لا تقتصر فقط على عامل العرض والطلب بل تتعداه إلى عوامل جيوسياسية مختلفة وعامل المضاربة، فاستخدام النفط كوعاء للقيمة يدعم هذه الأسعار إما بالارتفاع مع حدة هذه الأسباب، وإما بالانخفاض مع خفوتها، ولكن بالإجمال فإن الأداء المتوقع لعام 2010 سيكون أفضل من العام الماضي حيث كان سعر البرميل في المتوسط في حدود 65 دولارا»، وأكد بوخضور «أن مستويات 75 دولارا للبرميل النفط يبقى سعرا عادلا يدعم النمو الاقتصادي العالمي، ولقد لعب استقرار سعر البرميل إلى حد كبير العام الماضي دورا أساسيا في دعم مستويات النمو الاقتصادي المحققة وساعد أيضا على الخروج التدريجي من الأزمة المالية».

وفي المقابل يرى الحرمي «أن الأسعار الحالية لبرميل النفط معقولة، لكنها لا تمثل الواقع الصحيح لأسعار النفط، فلولا موجة البرد التي دفعت إلى تماسك الأسعار عند مستويات السبعينات لكنا شهدنا تراجعا أكبر، وأعتقد أنه هناك تخمة في الأسواق النفطية اليوم فمنتجات النفط الخام كثيرة إضافة إلى عدم وجود التزام واضح من دول (أوبك) بالسقف الذي حددته للإنتاج وهو 24 مليونا و800 ألف برميل، ففي الوقت الراهن علينا أن ننتظر اجتماع (أوبك) المرتقب في الخامس عشر من مارس (آذار) المقبل، لنتعرف على الموقف الذي ستتخذه الوكالة من عدم الالتزام بالسقف المحدد»، وأضاف الحرمي «يجب على (أوبك) أن تجدد الالتزام بسقف الإنتاج المعلن، أو أن تتجه إلى خفضه، فأنا أجد أن التزام الدول المنتجة للنفط في السقف الذي حددته (أوبك) هو في حدود 50 في المائة اليوم، وهذا أمر يؤدي إلى تخمة نفطية في الأسواق».

لكن بوخضور يرى أن الالتزام بسقف الإنتاج الذي حددته «أوبك» هو في حدود 80 في المائة، وبالتالي لا يتفق مع الرأي القائل بوجود تخمة نفطية، ويقول: «إنه على (أوبك) في اجتماعها المقبل أن تجدد الالتزام بسقف الإنتاج الذي كانت قد حددته في ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، لتؤكد مصداقيتها أمام المجتمع الدولي».