خبراء مصرفيون يؤكدون أن فقدان الثقة في المؤسسات المصرفية يجمد الاستثمار ويهدد الازدهار

نائب وزير الخزانة الأميركية: تبعات الأزمة المالية تهدد الاقتصادي العالمي

جانب من الجلسة الثالثة والأخيرة في منتدى جدة الاقتصادي (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

أكد نائب وزير الخزانة الأميركية أن العالم خرج من الأزمة بنسبة نمو 5 في المائة، مشيرا إلى أن ذلك النمو ليس هو المطلوب في الوقت الذي لا تزال فيه تبعات الأزمة تهدد الاقتصاد العالمي.

وحث نيل ولين نائب وزير الخزانة الأميركية خلال جلسة مستقبل إدارة الاقتصاد العالمي، دول العالم على التعاون وتوحيد أهدافها للخروج النهائي من هذه الأزمة، وذلك من خلال إيجاد المحفزات الشرائية للمستهلكين وإيجاد أطر وهياكل واضحة للإصلاح الاقتصادي العالمي، مشيرا إلى أن دول العالم طلبت من صندوق النقد الدولي إيجاد حلول لهذه الأزمة، وستعمل دول العشرين على تطبيقها. وناقشت الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور سليمان آل الشيخ وكيل كلية الاقتصاد والإدارة للتطوير بجامعة الملك عبد العزيز، الحكومة الاقتصادية العالمية بعد الأزمة.

وقال ولين في مداخلته إن «المملكة اتخذت خطوات جادة للخروج من الأزمة من خلال تنمية اقتصادها»، مطالبا بإصلاح النظام العالمي، ومساندة الدول النامية والفقيرة ليستقر الأمن، مبينا أن الولايات المتحدة الأميركية اتخذت خطوات داخلية وخارجية بعد الأزمة لتنظيم أسواق المال وإيجاد معايير أقوى ولوائح جديدة للائتمان المالي من خلال الدول العشرين، ليكون هذا القطاع شفافا وخاليا من الضبابية.

إلى ذلك اختتمت جلسات منتدى جدة الاقتصادي يوم أمس جلسة تناولت الأزمة المالية العالمية من وجهة نظر القطاع المصرفي، وإشكالية الثقة التي طرحتها الأزمة، التي تهدد بشكل كبير استعادة الاقتصاد العالمي لعافيته سريعا. وناقش المشاركون في الجلسة آثار الأزمة وعلاقتها بقطاع الإقراض والتمويل، الذي بدأت منه صغيرة ككرة الثلج لتكبر وتصيب مفاصل الاقتصاد العالمي بإصابات بالغة، كما اتفق المتحدثون.

وقال عبد الكريم أبو النصر المدير التنفيذي للبنك الأهلي السعودي إنه خلال الـ18 شهرا الماضية مر العالم بأحداث دراماتيكية حين هزت الأزمة المالية العالم، وكان التأثير كبيرا وساد الكثير من القلق والمخاوف حول مستقبل الاقتصاد العالمي، إلا أنه طرح تساؤلا حول اختلاف الأزمة الأخيرة عن بقية العثرات الاقتصادية التي حدثت منذ الحرب العالمية الثانية، مستدركا حديثه أن ثالوث زيادة المنتجات الإقراضية لدى المؤسسات المالية، والعولمة، والإعلام هو السبب.

وأضاف أبو النصر أنه ليس هناك نظام أو دولة تتمتع بالحصانة ضد آثار هذه الأزمة، وأن الاقتصاد العالمي لا يزال موضع شك وتساؤل حول إمكانية نموه، وعلى كل بلد التواؤم مع متطلبات الاقتصاد الجديد والتنمية المستدامة لتجاوز الأزمة.

من جانبه اعتبر جون ويلز، رئيس المعهد الدولي للتنمية الإدارية، أن التحدي الحقيقي الذي تطرحه الأزمة وتبعاتها هو إعادة الثقة في الكثير من المؤسسات المالية، ولاستعادتها يجب أن تتحلى المؤسسات المصرفية وغيرها بخصال القيادة المسؤولة، وهي أكبر وأشمل من المسؤولية الاجتماعية المؤسسية.

وقال ويلز إن المسؤولية الاجتماعية المؤسسية ليست هي التي تحقق الربحية، بل العكس هو الصحيح، ويجب التأكد من تفوق العوائد وفقا لاستراتيجية دقيقة تحدد المنتجات والمخاطر.

ديفيد روبنشتاين المؤسس المشارك والمدير الإداري بمجموعة «كارلايل»، بدوره دعا إلى الواقعية لمنع الأزمات وقال: «يجب أن نكون واقعيين وأن نكون أكثر شفافية وأن نتخذ قرارات للتعامل مع الإشارات المبكرة والفقاعات بشكل مبكر، والتنسيق بين المؤسسات المالية المختلفة، والتأكد من أنها تسير على أسس صحيحة، ومعالجة أوجه الخلل بوضع نظم جديدة تستوعب الوضع المستجد، كما يجب الالتفات إلى الأسواق الناشئة وإصلاح اقتصادياتها، والحرص على أن يكون النمو الاقتصادي متوازنا عالميا».

وأشار روبنشتاين إلى أهمية التركيز على إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، لافتا إلى أن المملكة يمكن أن تلعب دورا هاما في المجال الاقتصادي العالمي، حيث إن التجربة السعودية تمتاز بعدم ارتكاب الأخطاء الشائعة في أماكن أخرى كثيرة، إلى جانب أسواقها الواعدة واقتصادها المتين.

الدكتور نوربرت والتر المدير الإداري السابق وكبير الاقتصاديين بمجموعة «دويتشه بنك»، اعتبر أن الازدهار الاقتصادي مهدد بشكل كبير بسبب الشكوك التي تحول دون الاستثمار، وأشار والتر إلى أن الحلول للأوضاع الطارئة غالبا ما تترجم إلى حلول قومية وانعزالية، مبديا نظرة تشاؤمية في إمكانية إيجاد حل ومخرج قريب للأزمة المالية العالمية.

وعلى الرغم من التقاء المتحدثين على نقطة أساسية هي أن الشك وفقدان الثقة في القطاع المصرفي هو التهديد الحقيقي الذي يشهده القطاع حاليا، وينعكس بشكل كبير على أداء اقتصاديات العالم بأكمله، فإن اختلافا يبدو في وجهات النظر بين بعض المشاركين.

وتوقع أبو النصر أن يشهد العام الجاري نموا ملحوظا في قطاع المصارف وفي منح القروض بصفة خاصة في المملكة، بسبب السياسة التشجيعية التي وضعتها الحكومة السعودية للقطاع المصرفي وبسبب الاقتصاد القوي والأداء الجيد، في حين أكدت مداخلة للدكتورة ناهد طاهر مديرة بنك الخليج أن الوضع ليس بالسهولة التي يبدو عليها، فقطاع البنوك وفقا لطاهر مُني بخسائر كبيرة.