السعودية تؤكد المضي في خططها لتصدير الطاقة بشكل عام إلى جانب النفط

أكدت على دعم الجهود الدولية للتقليل من الانبعاثات الغازية.. ومتطلبات البيئة تهيمن على جلسة متخصصة في المنتدى

طغت متطلبات البيئة على جلسة خاصة بقطاع الطاقة في منتدى جدة الاقتصادي يوم أمس (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

جددت السعودية تأكيداتها بالعزم على المضي في خططها لأن تكون بلدا مصدرا للطاقة بشكل عام، وعدم الاعتماد فقط على تصدير النفط، مشيرة إلى أن ذلك يتمثل في الجهود الحثيثة التي تبذلها في عمليات البحث وتطبيق بناء محطات لتوليد الطاقة الشمسية.

وجاءت تأكيدات المملكة ضمن حديث لمحمد سرور الصبان كبير المستشارين في وزارة البترول والثروة المعدنية، الذي أشار في الوقت نفسه إلى أن بلاده تدعم الجهود الدولية للتقليل من الانبعاثات الغازية.

ولفت الصبان، الذي كان يتحدث أمام جمع من الصحافيين على هامش منتدى جدة الاقتصادي 2010، إلى أن السعودية أثبتت أنه يمكن الاعتماد عليها كمصدر موثوق للطاقة، والمجتمع الدولي يعلم ذلك تماما. مشيرا إلى جهود الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، معتبرا أن تلك الجهود سيكون لها تأثير سلبي على استهلاك النفط.

وقال الصبان «إنه على الرغم من الاستهلاك والإنتاج الكبير للسعودية، فإنها ما زالت محتفظة بمخزون كبير من النفط، يتمثل على أقل تقدير بنحو 264 مليار برميل، إضافة إلى الكثير من الاستكشافات التي من الممكن أن تضاعف هذا الرقم في المستقبل القريب». وأكد أن دول الاتحاد الأوروبي ستعتمد على ما نسبته 10 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، كما تسعى أميركا والصين والهند إلى الهدف ذاته. ويواكب ذلك تخصيص دعم مالي كبير لهذا النوع من الطاقة، إضافة إلى أن الكثير من الدول بدأت في الترويج لاستخدام الطاقة النووية في الاستخدامات السلمية، للتقليل من الاحتباس الحراري. وأضاف: «نحن نشجع ذلك، ونتمنى أن يكون ذلك وفقا لمعايير جديدة وأكثر مأمونية، ولكن عندما نرى أن هذه الدول تدعم الفحم فإن الأمر لا يخلو من الغرابة، لأن الفحم أكثر تلويثا للبيئة من النفط».

ونفى الصبان أن تكون بلاده متحفظة حيال النداءات الدولية لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون باستمرارها في رفع إنتاج النفط. مؤكدا أن السعودية دخلت في مفاوضات جادة خلال قمة كوبنهاغن، في محاولة للخروج بإجماع دولي حول بروتوكولات دولية تشدد على التقليل من هذه الانبعاثات الغازية.

وأضاف «أن نتائج الاجتماعات الأخيرة التي عقدت في سويسرا للاحتباس الحراري لم تكن في مستوى التطلعات العالمية»، مشيرا إلى وجود مواضيع عالقة يجب تسويتها بين الدول المتقدمة والدول النامية، والتي ستأخذ مداها طوال هذا العام، وأن السعودية تتطلع بتفاؤل كبير لاجتماع المكسيك المقبل، والخروج بنتائج تلبي الطموحات الدولية في التقليل من الانبعاث الغازات.

من جهته أكد عباس علي نقي رئيس منظمة الدول العربية المصدرة للنفط، أن الدول العربية المصدر للنفط يجب عليها مراعاة المتطلبات البيئية بشكل أكثر توازنا مع مصالحها الاقتصادية، وأضاف «أن هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن هذه الدول تعتبر أن النفط هو المحرك الأساسي لعجلة التنمية، وهي بالتالي ملزمة بالبحث عن مصادر بديلة تتناسب مع البيئة».

وقال نقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «نحن كمنظمة عربية للدول المصدرة للنفط، نؤيد بقوة الاتجاه العالمي للبحث عن مصادر بديلة للنفط ومتوافقة مع متطلبات البيئة، ونحن نركز بشكل واسع على تطوير مصادر للطاقة الشمسية في منطقتنا العربية، نظرا لوجودها بشكل مركز في دول الخليج العربي، ويمكن من خلالها أن يكون لهذه الدول السبق في هذا المجال».

وأضاف أن مقولة «النفط هو المسبب للتلوث، ليست صحيحة، فهناك تكنولوجيا وتقنية عالية من الممكن أن تسهم في تقليل الانبعاثات الحرارية المصاحبة له، واستخراج طاقة نظيفة خالية من الشوائب من عمليات إنتاج الطاقة النفطية». وبين نقي «أن الدول العربية والخليجية ليست متحفظة على التقليل من الانبعاثات الحرارية، إذ إن هذه الدول تعمل بالفعل على تقليلها من خلال التقنية العالية، بخفض غاز ثاني أكسيد الكربون، كما أنها منخرطة في المفاوضات والنقاشات الدائرة على المستوى العالمي للجم الانبعاثات الحرارية، والحفاظ على بيئة نظيفة».

من جهته، أكد المتحدث الثاني في جلسة «الطاقة والبيئة»، الدكتور عدنان شهاب الدين الأمين العام بالوكالة ومدير الأبحاث في منظمة أوبك، على أهمية الطاقة مستقبلا، خاصة لمواكبة احتياجات عمليات التنمية في الدول النامية أكثر من الدول المتقدمة، مشيرا إلى وجود 7 تريليونات برميل يمكن استخراجها من النفط.

ولفت شهاب الدين إلى وجود الكثير من الاستكشافات المحتملة، ولا سيما مع استخدام التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، موضحا أن الأهمية تكمن في الحاجة للتأكد من حجم الطلب العالمي من الوقود الأحفوري، واستقرار الأسعار في الأسواق العالمية، وموضحا في الوقت ذاته أن الأزمة المالية العالمية أثرت على استهلاك النفط عام 2009، بنسبة قد تصل إلى 20 في المائة.

وأشاد شهاب الدين بقدرة السعودية على الاحتفاظ بالاستثمار في مجال النفط والغاز، مؤكدا أن هذه الاستثمارات لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية واستمرت في معدلاتها، لأن المملكة تعتمد على التمويل المحلي الداخلي ولا تعتمد على الخارج في تمويل الاستثمارات النفطية، وهذا يمثل ميزة كبيرة جدا للقطاع النفطي في المملكة، وهذا يعكس متانة ومرونة النظام الاقتصادي الوطني للسعودية. وفي الوقت نفسه، أكد دانيال نيلسون رئيس مبادرات نيلسون الاستراتيجية «أن عصر النفط لن ينتهي، وأن زيادة الطلب على النفط في الأسواق العالمية سوف تستمر على الرغم من التوسع في استخدام الطاقة الشمسية».

وأضاف نيلسون «أن الدول النامية سوف تستهلك الكثير من النفط لحاجتها إلى النمو والازدهار، ولكن المهم أن تظل أسعار النفط متوازنة، لأن ارتفاع الأسعار يمثل عبئا إضافيا على الدول النامية والأقل نموا، ولكن تحقيق التوازن في الأسعار ممكن للدول المنتجة، في حال استخدامها التقنيات الحديثة، والتحديات ليست قاصرة على الدول المستهلكة، بل تواجه الدول المنتجة أيضا تحديات، ولعل أبرزها انخفاض الأسعار ورخص الطاقة النووية والشمسية».

وفيما يتعلق بالتغيرات المناخية قال نيلسون «إن أميركا والصين أكبر الدول الملوثة للمناخ في العالم، وإن الدولتين لن تستطيعا الوفاء بتعهداتهما لتقليل تأثير الانبعاثات، فأميركا فقط تنتج 7 مليارات طن من الغازات الملوثة، وتخفيض هذه الكمية يتطلب إنشاء الكثير من محطات الطاقة البديلة ومحطات التخزين، وهذا ما يصعب تحقيقه».