نحتاج إلى فهم واقع الإنفاق الحكومي

سعود الأحمد

TT

تفهم المواطن لواقع الإنفاق الحكومي ومعايشته وتفاعله مع مشاريع الدولة، أمر غاية في الأهمية. ولكي يتحقق هذا التفاعل، لا بد من تصحيح المفهوم المترسخ لدى البعض بأن الإنفاق الحكومي لا بد أن يكون من خلال الزيادات في الرواتب والمكافآت وإعانات الأرز والسكر وبقية السلع الضرورية! ففي الماضي كانت الزيادة في الرواتب تفيد غالبية المجتمع السعودي، لأن معظم المواطنين موظفون حكوميون، عندما كانت الحكومة هي الموظف الأول والرئيسي للمواطن والمقيم. أما اليوم فقد أصبحت الحكومة موظف غير منافس للقطاع الخاص. ولو تمت مضاعفة الرواتب؛ فستقابل هذا الارتفاع زيادة أكبر في السلع والخدمات، وسيتضرر من هذه الزيادة موظفو القطاع الخاص، لأن الزيادة ستقتصر على موظفي الدولة. وبالمناسبة فإن لمثل هذه القرارات آثارا سلبية على المجتمع والاقتصاد المحلي. مع ما سيتبع ذلك من تغير في طبقات المستوى المعيشي للمجتمع. ناهيك عن تبعياته التضخمية التي قد تحتاج إلى عقود من الزمن لترهيم جراحاتها. لكن ما نشاهده ونسمع عنه من بناء المستشفيات والمراكز الصحية والطرق والكباري والسدود والمدارس والجامعات والسكك الحديدية والمدن الصناعية والمدن الجامعية وتوفير الخدمات البلدية في المخططات المعتمدة... كل ذلك يصب في مصلحة المواطن ويعينه على العيش في رفاه. وليس الحديث هنا للحصر، لكنه على سبيل المثال.. فهناك ما يزيد على 80 ألف سيارة تسير يوميا من مدينة الدمام إلى مدينة الجبيل. معظم ركابها سيستبدلون السيارة ويركبون القطار الذي شرعت الحكومة في آليات تنفيذه. وبالطبع هذا سيوفر لهم الكثير، ويؤدي إلى زيادة عمر الطرق البرية، ويزيد من عمر السيارات التي كانت تستخدم للنقل بين هاتين المدينتين. أضف إلى ذلك ما سيتم توفيره بوجود هذا القطار عند الاستغناء عن معظم خدمات الناقلات الثقيلة. والأمثلة كثيرة التي يتم العمل فيها (حاليا) على قدم وساق وستصب في مصلحة المواطن. وعندما تزداد المدارس والجامعات تقل الحاجة للمدارس الأهلية والحاجة للتنقل مسافات طويلة (بين المدن والبلدات وداخل المدن الرئيسية) للوصول للمدارس والجامعات لتعلم التخصصات المناسبة.

ولذلك، فالجهات المعنية بهذا الشأن (وهي وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الثقافة والإعلام) مطالبة بأن تعمل شيئا من نشر الوعي العام.. لإيضاح حقائق الإنفاق الحكومي وإيصال المعلومة للمواطن على الوجه المطلوب. صحيح أن الجهات الحكومية تعلن أخبار مشاريعها من آن لآخر، لكنه لا توجد آلية تقنن وصول المعلومة للمواطن كما وكيفا! والذي أقترحه أن يتم تشكيل لجنة إعلامية أو مجلس، يقوم على وضع ومتابعة وتقييم وتطوير آليات الإعلان عن الإنفاق الحكومي. ويُعنى بوضع أسس ومعايير وآليات نشر أخبار مشاريع الدولة.. منذ الاعتماد بالميزانية وحتى يتم الافتتاح ويحين وقت جني المواطن الثمار.

* كاتب ومحلل مالي