التحقيق في الهجوم على «غوغل» يسلط ضوءا على جامعة صينية بارزة

نقلت «مايكروسوفت» و«إنتل» مكاتب لهما إلى جوارها لتطورها التكنولوجي

أغلقت «غوغل» موقعها في الصين مؤخرا بعد أن اخترقه صينيون (أ.ب)
TT

بسمعتها الكبيرة وشهرتها العلمية، تظهر جامعة جياوتونغ في شانغهاي، وكأنها عضو في رابطة «أيفي» (وهي رابطة تضم جامعات أميركية عريقة). كما تتمتع الجامعة الصينية بعلاقات مع جامعات أميركية بارزة، مثل جامعة دوك وجامعة ميتشغان. وهي أيضا ثرية في العلوم والهندسة ولذا نقلت «مايكروسوفت» و«إنتل» مكاتب لهما إلى جوارها.

ومع ذلك، تواجه جامعة جياوتونغ، التي يوجد في حرمها الرحب أكثر من 33 ألف طالب، سؤالا مزعجا: هل هي قاعدة لقراصنة الإنترنت الأذكياء؟

تتبَّع محققون ينظرون في هجمات عبر الإنترنت على «غوغل» والعشرات من الشركات الأميركية الأخرى العام الماضي هذه الهجمات، ووجدوا أنها بدأت من أجهزة كومبيوتر داخل جياوتونغ، بالإضافة إلى مدرسة مهنية أخرى غير مشهورة شرقي الصين، وذلك حسب ما أفاد به أشخاص على إطلاع بالقضية.

ويقول خبراء أمنيون إنه من الصعب تعقب الهجمات الإلكترونية، وإن البصمات الرقمية يمكن أن تكون «خادعة» لصرف المحققين عن مساراتهم.

ومع ذلك يقول أشخاص على إطلاع بالتحقيق، إن هناك معلومات يعتمد عليها تشير إلى أن الهجمات المتطورة للغاية بدأت من جامعة جياوتونغ ومدرسة لانشيانغ المهنية في إقليم شاندونغ، وهي مدرسة لها علاقات بالجيش الصيني.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، نفت كلا الجامعتين علاقتهما بالهجمات، التي نالت من ملفات تجارية وحسابات البريد الإلكتروني لنشطاء في مجال حقوق الإنسان.

وقال متحدث باسم جامعة جياوتونغ في حديث مع هيئات إخبارية محلية، إن مسؤولي الجامعة «صدموا ويشعرون بالغضب» بعد أن علموا عن هذه المزاعم. ووصف متحدث باسم مدرسة لانشيانغ هذه التقارير بأنها عبثية.

ويقول محللون إن جامعة جياوتونغ ومدرسة لانشيانغ سوف تخضعان إلى تدقيق شديد. وتعد جامعة جياوتونغ من الجامعات البارزة داخل الصين، والمنوط بها العمل على تحويل هذه البلاد إلى مركز للتقنية والعلوم. وقامت الجامعة العام الماضي بتبادل برامج مع بعض من الجامعات البارزة في العالم. وفي مطلع العام الحالي، قالت جامعة دوك إنها بمساعدة جامعة جياوتونغ ستتمكن من بناء حرم لها بالقرب من شنغهاي.

وقال مايكل شونفلد، وهو متحدث باسم جامعة دوك، يوم الجمعة إن الجامعة تشعر بالارتباك بسبب هذه المزاعم. وقال: «سيكون علينا دراسة ذلك مع جياوتونغ شنغهاي وفهم الوضع. إنه موقف معقد للغاية».

ومن أقوى الأقسام داخل جياوتونغ، قسم علوم الكومبيوتر، الذي حصل على دعم من بعض أكبر شركات التقنية داخل أميركا ومن بينها شركة «سيسكو للأنظمة». وتعاونت شركة «مايكروسوفت» مع جامعة جياوتونغ في معمل للحوسبة الذكية والنظم الذكية داخل الجامعة. وقبل أسبوعين، فاز طلبة جامعة جياوتونغ بمسابقة برامج كومبيوتر دولية رعتها «آي بي إم» تعرف باسم «معركة العقول»، وتمكنوا من هزيمة طلبة جامعة ستانفورد وغيرها من الكيانات البارزة. وهذه هي المرة الثالثة في العقد الماضي التي يتمكن فيها طلاب جامعة جياوتونغ من الحصول على الجائزة.

كما أن جياوتونغ مقر لكلية هندسة أمن المعلومات، المتخصصة في أمن الإنترنت. ويقول موقع الكلية إن عميد الكلية وكبير الأساتذة داخلها شاركا في عمليات تكنولوجية لصالح جيش التحرير الشعبي.

وتوجه الجامعة، التي تحصل على تمويل من مشروع حكومي تقني وعلمي رفيع المستوى، دعوات لقراصنة مشهورين عالميا وخبراء في أمن الإنترنت لإلقاء محاضرات هناك. ولا تجيب المعلومات الأخيرة عن سؤال «من يقف وراء الهجمات»، ولكنه من المحتمل أن يضع المزيد من الضغوط على بكين للتحقيق في القضية التي دفعت «غوغل» إلى التهديد بالانسحاب من الصين. ولم تعلن بكين عن إجراء تحقيق، ولكن يؤكد خبراء في أمن الإنترنت أنه ستكون هناك حاجة إلى إشراك الحكومة الصينية للوصول إلى الجناة الذين يقفون وراء الهجمات.

ويقول سامي سايدياري، من «مؤسسة هيئة الدفاع الإلكتروني»، وهي شركة خاصة مختصة بأمن الإنترنت مقرها ويسكنسن: «لن تستطيع الولايات المتحدة تعقب ذلك، ولا يمكن أن نتعقب ذلك خارج حدودنا. نحتاج إلى تعاون الصينيين».

ويقول شياو تشيانغ، وهو خبير في الرقابة على الإنترنت داخل الصين، إن جامعة جياوتونغ تدرس أمن الإنترنت بالإضافة إلى كيفية ترشيح الملفات التي يمكن أن تنظر إليها الحكومة على أنها غير جيدة.

ويقول: «ربما يبدو أمن أجهزة الكومبيوتر محايدا، ولكن داخل الصين، يتضمن أيضا المحتوى بما في ذلك المحتوى الذي لا تحبه الحكومة وتريد التخلص منه».

ويقول سكوت هندرسون، مؤلف كتاب «زائر الظلام: داخل عالم القراصنة الصينيين» إنه في عام 2007، ألقى قرصان صيني بارز له علاقات مع وزارة الأمن الصينية محاضرة داخل جامعة جياوتونغ. ويضيف هندرسون، الذي يمول الجيش الأميركي جزءا من أبحاثه: «ألقى محاضرة أطلق عليها (الموجز في القرصنة)».

وفي بيان لها أمس الأحد، قالت شركة «مايكروسوفت» إنه لا يمكنها التعليق على التقارير التي تقول إنه بعد تعقب أعمال القرصنة وجد أن بعض هذه الأعمال بدأت من جامعة جياوتونغ. ولكن ورد في البيان أيضا: «نستنكر الهجمات عبر الإنترنت والتجسس الصناعي بغض النظر عن المسؤول في النهاية. ونأمل أن يجري المسؤولون تحقيقا شاملا والتعاون بصورة تامة مع الهيئات الدولية لفهم هذا الأمر برمته».