الاسترليني يواصل «نزيفه» مع تزايد احتمالات ضخ مزيد من النقد في السوق البريطاني

خبير: عوامل اقتصادية وسياسية ستحدد مستقبل الجنيه * تراجع اليورو بسبب اليونان.. والعملة اليابانية ترتفع على نطاق واسع

هوى الجنيه الإسترليني أكثر من 40% خاصة أمام اليورو والدولار خلال العامين الماضيين
TT

واصل الجنيه الإسترليني تسجيل خسائر أمس، إذ سجل أدنى مستوياته خلال تسعة أشهر أمام الدولار، وأدنى مستوياته خلال 11 شهرا أمام الين، وذلك بعدما قال مسؤولون ببنك انجلترا المركزي هذا الأسبوع إنه ربما يجري مد العمل ببرنامج التيسير الكمي لفترة أطول.

وانخفض الإسترليني أمام الدولار ليصل إلى 1.5308 دولار، مسجلا أدنى مستوياته منذ منتصف مايو (أيار) 2009، كما انخفض إلى 136.85 ين مسجلا أدنى مستوياته منذ مارس (آذار) الماضي.

وقال متعاملون إن الجنيه الإسترليني يواجه ضغوطا بفعل عمليات البيع المتعلقة بمدفوعات الفائدة على سندات الحكومة البريطانية.

ويتعرض الجنيه الإسترليني لضغوط بسبب المخاوف بشأن التعافي الاقتصادي واحتمالات ضخ مزيد من النقد في السوق. كما أن الجدل حول إجراءات حاسمة وسريعة لخفض العجز الهائل في الميزانية البريطانية يزيد من قلق الأسواق بشأن مستقبل العملة البريطانية. وقد تضرر الإسترليني كثيرا خلال العامين الماضيين، وفقد أكثر من 40% من قيمته خاصة أمام اليورو والدولار، وذلك بفعل تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصاد البريطاني.

وعن توجهات الإسترليني في المستقبل القريب، قال ستيفن هيوز، مدير «فورين كارنسي دايركت» المختص في المتاجرة بالعملات، إنه «السؤال الأهم، وربما قيمته مليون جنيه إسترليني، الذي أكثر ما اُسأل عنه»، و«هل يمكنني الشراء الآن والانتظار؟». وقد أكد هيوز أنه لا يمكن لأحد التنبؤ حقا في ظل واقع الأسواق الحالية، لكنه أشار إلى أنه باستطاعته تحديد «العوامل الرئيسية التي من المرجح أن تحدد توجه الإسترليني، وما إذا كان سينتعش أو يتعرض إلى مزيد من الهزات». وأكد الخبير أن العامل الأكثر تأثيرا - مثلما تبين ذلك خلال الأشهر الستة الأخيرة مثلا - هو ما إذا كان بنك انجلترا (المركزي البريطاني) مستعدا لتمديد أو وضع حد لسياسة التيسير الكمي»، لافتا إلى أن «التعليقات الأخيرة من رئيس البنك ميرفين كينغ قد تعني ضمنا أن التمديد هو ما يبدو المرجح أكثر فأكثر».

وشدد هيوز على أن «الإسترليني عانى كثيرا من قبل، ولا أرى أي سبب لعدم تكرار هذا مرة أخرى حتى إذا ما كانوا بحاجة إلى ضخ المزيد من المال في الاقتصاد البريطاني.. ولهذا فإن مشتري الدولار واليورو بحاجة إلى التفكير بسرعة!».

وأشار الخبير إلى أنه «إلى جانب التيسيرات الكمية، فإن تجنب الشكوك حول العودة إلى الركود في الأشهر المقبلة قد يكون المحرك الرئيسي الآخر جيئة وذهابا للإسترليني وأسعار الصرف». وعبر هيوز عن اعتقاده أن «الانتخابات البريطانية العامة المنتظرة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة سوف يكون لها دور كبير في المستقبل، مع احتمال وجود برلمان معلق (ليس فيه حزب يملك الأغلبية)، مما سيشكل خطرا كبيرا على الجنيه الإسترليني».

وكان المستثمر العالمي المشهور الأميركي جيم روغرز، الذي تحول إلى ملياردير رفقة شريكه السابق جورس سوروس، بفضل مراهنتهما المربحة على هبوط الجنيه الإسترليني في نهاية ثمانينات القرن الماضي، قد أطلق العام الماضي تصريحا مثيرا للجدل، تصدر الصحف البريطانية، وأسال لفترة حبرا كثيرا، حيث صرح، روغرز، الذي نقل أعماله واستقر في سنغافورة «بريطانيا انتهت.. أنصحكم بأن تبيعوا أي مدخرات لديكم بالإسترليني.. لقد انتهى الجنيه. إن هذا الشيء يؤلمني، لكنني لن أضعَ أي مدخرات لي في بريطانيا».

من جهة أخرى، سجل اليورو أدنى مستوى له في عام أمام الين أمس، فيما اندفع المستثمرون لبيع العملة الموحدة بفعل المخاوف حيال الوضع المالي لليونان، مما عزز الإقبال على العملة اليابانية ذات العائد المنخفض. واعتبرت السوق المخاوف بشأن خفض محتمل لديون اليونان السيادية سببا لهبوط اليورو، بعد أن قالت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني أول من أمس الأربعاء إنها قد تخفض تصنيف اليونان (زائد BBB) درجة أو درجتين في غضون شهر. وقالت مؤسسة «موديز إنفستورز سيرفيس» للتصنيف الائتماني لـ«رويترز» أمس، إن أي خفض في تصنيفها لليونان سيعتمد على قيام أثينا بتنفيذ خطة الإصلاح المالي التي تعهدت بها. فيما قالت مؤسسة «فيتش» إنها تتوقع أن تبقي تصنيف اليونان (زائد BBB) درجة دون تغيير خلال الشهور القليلة المقبلة، إلا في حال وقوع مفاجآت. واتسع الفارق بين السندات الحكومية والألمانية لأجل عشر سنوات، كما ارتفعت تكلفة تأمين الديون اليونانية من التعثر. وكان الين منخفض العائد أكبر الرابحين في سوق الصرف، حيث حقق مكاسب كبيرة في التعاملات الآسيوية ثم في أسواق أوروبا. وتراجع اليورو نحو 1.2 في المائة ليصل إلى 120.54 ين بعد تراجعه إلى 120.25 ين، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط) العام الماضي. ومقابل الدولار تراجع اليورو لأقل من 1.3492 دولار منخفضا 0.3 في المائة بعد أن نزل قرب أقل مستوى له في تسعة أشهر عند 1.3445 دولار الذي سجله يوم الجمعة الماضي. وقال متعاملون إن عمليات شراء من البنوك المركزية الآسيوية ساعدت في انتعاش اليورو. كما تعرضت العملات ذات العائد المرتفع مثل الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي لضغوط كبيرة مقابل الين، وقال متعاملون إن أصحاب حسابات تداول يابانية بالهامش اضطروا للبيع لوقف الخسائر. وانخفض الدولار الأسترالي أكثر من واحد في المائة إلى 79.50 ين بعد تراجعه إلى 79.17 ين في التعاملات الأوروبية.

* أرقام

* أكثر من 40% نسبة تراجع الجنيه الإسترليني خلال العامين الماضيين، خاصة أمام اليورو والدولار، وذلك بفعل تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصاد البريطاني.

* 1.71 تريليون جنيه إسترليني قيمة الناتج الإجمالي المحلي السنوي في بريطانيا.

* تريليون جنيه إسترليني قيمة الدين العام البريطاني، أي ما يعادل نسبة 58.4% من الناتج الإجمالي المحلي.

* 0.1% نسبة نمو الاقتصاد البريطاني في الربع الرابع من العام الماضي، أي خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009، مقارنة بالربع الثالث، وتراجع بنسبة 3.2% على مدى العام الماضي.

* 4.8% نسبة انكماش الاقتصاد البريطاني في 2009، وهي أعلى نسبة ركود تسجل في تاريخ الإحصاءات الرسمية في البلاد.

* 7.8% نسبة البطالة في بريطانيا للأشهر الثلاثة حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة مع 7.9 في المائة في أكتوبر الماضي.

* قالوا «إلى أين يتجه الاسترليني خلال الأشهر المقبلة؟.. إنه (السؤال الأهم وربما قيمته مليون جنيه استرليني، الذي أكثر ما أُسال عنه)!.. لا يمكن لأحد التنبؤ حقا في ظل واقع الأسواق الحالية.. الاسترليني عانى كثيرا من قبل، ولا أرى أي سبب لأن لا يتكرر هذا مرة أخرى حتى إذا ما كانت هناك حاجة إلى ضخ المزيد من المال في الاقتصاد البريطاني.. والانتخابات البريطانية العامة المنتظرة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة سوف يكون لها دور كبير في تحديد مستقبل الاسترليني».

ستيفن هيوز مدير «فورين كارنسي داريكت» المختص في المتاجرة بالعملات «بريطانيا انتهت.. أنصحكم بأن تبيعوا أي مدخرات لديكم بالاسترليني، لقد انتهى الجنيه. إن هذا الشيء يؤلمني، لكنني لن أضع أي مدخرات لي في بريطانيا».

جيم روجرز المستثمر الأميركي الشهير، الذي تحول إلى ملياردير بفضل مراهنته المربحة على هبوط الاسترليني