انتعاش النفط وارتفاع الذهب مع تراجع الدولار

اليورو يتحسن رغم استمرار مخاوف بشأن اليونان

تراجع الدولار أنعش أسعار النفط («الشرق الأوسط»)
TT

انتعشت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي أمس فوق 78 دولارا للبرميل، بعد هبوطها أكثر من اثنين في المائة اليوم السابق، وقد لاقت دعما من تراجع الدولار، لكن حدت من مكاسب السوق المخاوف بشأن حالة الاقتصاد الأميركي. ويتركز اهتمام المستثمرين الآن على طائفة من البيانات الأميركية التي ستصدر في وقت لاحق من اليوم لتقييم مدى صحة اقتصاد أكبر مستهلك للنفط في العالم. وبلغ سعر عقود النفط الخام الأميركي الخفيف لتسليم أبريل (نيسان) 78.53 دولار للبرميل، مرتفعا 36 سنتا مع انتظار المستثمرين تقارير اقتصادية عن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع، وثقة المستهلكين لشهر فبراير (شباط)، ومبيعات المنازل القائمة لشهر يناير (كانون الثاني) والتي ستذاع في وقت لاحق من اليوم. وارتفع سعر عقود مزيج النفط الخام برنت في لندن 33 سنتا إلى 76.62 دولار للبرميل. ويوم الخميس هبطت أسعار النفط 1.83 دولار متأثرة سلبيا بتزايد المخاوف بشأن الانتعاش الاقتصادي، إضافة إلى القلق بخصوص أزمة ديون اليونان وآثارها على الاقتصادات في منطقة اليورو. وأظهرت بيانات أول من أمس أن الطلب على مجموعة واسعة من السلع الأميركية المعمرة تراجع على غير المتوقع في يناير، بينما ارتفعت ثانية طلبات إعانات البطالة الأسبوع الماضي، الأمر الذي ينبئ بأن اقتصاد أكبر مشتر للنفط في العالم تراجع خطوة إلى الوراء.

وارتفعت أسعار الذهب في أوروبا أمس بدعم من انتعاش اليورو أمام الدولار بعد تراجعها في الجلسة السابقة، لكن المتعاملين توخوا الحذر قبل بيانات اقتصادية أميركية. وبلغ سعر الذهب للمعاملات الفورية 1111.80 دولار للأوقية (الأونصة) مقارنة مع 1104.70 دولار في أواخر التداول في نيويورك أول من أمس. وصعد سعر الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم أبريل في بورصة «كومكس» للسلع في نيويورك 4.20 دولار إلى 1112.70 دولار. وحذت الفضة حذو الذهب وارتفعت 16.13 دولار للأوقية من 16.04 دولار أمس. كما صعد البلاتين إلى 1536 دولارا للأوقية من 1529 دولارا. وارتفع سعر البلاديوم إلى 425.50 دولار من 420 دولارا للأوقية.

وعلى صعيد متصل، قال مسؤول من وكالة الطاقة الدولية، أمس، إن مخزونات النفط العالمية يمكنها تعويض نقص الإمدادات من إيران لمدة عام ومن شأن ذلك تهدئة الأسواق. وإيران هي ثاني أكبر منتج للنفط داخل «أوبك»، والمخاوف من أن يؤدي خلاف بينها وبين الولايات المتحدة وحلفائها بسبب برنامجها النووي إلى تعطيل إمداداتها من النفط الخام كانت قد أثارت قلق الأسواق. وقال ديفيد فايف، رئيس قطاع النفط والأسواق بالوكالة، في منتدى نفطي في طوكيو «إيران تمد السوق بما بين 3.5 و4 ملايين برميل يوميا من النفط». وأضاف «المخزونات يمكنها سد عجز يتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين برميل يوميا لأكثر من عام. هناك آليات للتعامل مع تعطل الإمدادات، وهذا عامل من شأنه تهدئة الأسواق». ووكالة الطاقة الدولية التي تتخذ من باريس مقرا لها تقدم المشورة بشأن الطاقة لثمان وعشرين دولة صناعية. وزادت مخزونات النفط منذ بداية التراجع الاقتصادي نظرا لانخفاض الطلب عن العرض.

وأعطت تخفيضات «أوبك» لمستويات إنتاجها العالم طاقة إنتاجية فائضة أكثر مما كان متاحا على مدى سنوات للتعامل مع أي تعطل مفاجئ في الإمدادات العالمية. ومع وجود هذه الطاقة الفائضة الكبيرة لم تشهد أسعار النفط تغيرا يذكر هذا العام، على الرغم من التوترات السياسية في إيران بعد خلاف بشأن الانتخابات الرئاسية. وتأرجحت الأسعار داخل نطاق محدود بين 68 و84 دولارا للبرميل منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد تذبذبات كبيرة في 2008 جعلت الأسعار تقفز إلى مستوى يتجاوز 147 دولارا للبرميل ثم تهبط إلى نحو 32 دولارا بعد خمسة أشهر فقط. لكن يقول ليو درولاس، كبير الاقتصاديين في المركز العالمي لدراسات الطاقة في لندن، إنه كان هناك دائما خطر أن تؤثر التوترات السياسية في إيران على الإمدادات. وقال في المنتدى نفسه «الدولة تشهد اضطرابات.. ستشهد تغييرا كبيرا في نهاية الأمر. لا نعرف متى. لكن سوق النفط ستتأثر».

من جهة أخرى، أظهر مسح أجرته «رويترز» أمس ارتفاع إمدادات نفط أوبك في فبراير إلى أعلى مستوى لها في 14 شهرا، وهو ما يمثل تراجعا في درجة التزام أعضاء المنظمة بمستويات الإنتاج المستهدفة. وأفاد المسح، الذي شمل شركات نفط ومسؤولين من أوبك ومحللين، بأن الإمدادات من 11 عضوا في المنظمة يلتزمون بحصص الإنتاج - وهي جميع الدول باستثناء العراق - بلغت في المتوسط 26.80 مليون برميل يوميا، ارتفاعا من المتوسط المعدل عند 26.69 مليون برميل يوميا في فبراير. وأشار المسح إلى أن درجة التزام «أوبك» بخفض الإمدادات المتفق عليه بلغت 53 في المائة، مقابل 56 في المائة في يناير (كانون الثاني). من جانب آخر، ارتفع اليورو أمام الدولار والين أمس لينتعش من انخفاضات حادة سجلها في اليوم السابق، إذ لجأ المتعاملون لتغطية مراكز مكشوفة قبيل بداية الأسبوع. وشهد اليورو انفراجة بعد أن سجل أدنى مستوياته في عام مقابل الين أول من أمس، على الرغم من أن محللين قالوا إن العملة تظل معرضة للهبوط بسبب المخاوف المتعلقة بالأوضاع المالية في اليونان وبعض الدول الأخرى في منطقة اليورو. وفي الوقت ذاته زادت المخاوف من أن الانتعاش الاقتصادي الأميركي قد لا يكون قويا كما كان يعتقد سابقا بعد صدور بيانات ضعيفة في الآونة الأخيرة شملت ارتفاعا في طلبات الحصول على إعانة بطالة، وهبوطا في مبيعات المنازل الجديدة وانخفاضا في ثقة المستهلكين. وبحلول الساعة 1244 بتوقيت غرينتش ارتفع اليورو 0.2 في المائة إلى 1.3586 دولار بدعم من زيادة قدرها 0.4 في المائة في الأسهم الأوروبية. وأمام الين ارتفع اليورو 0.4 في المائة مقارنة بأمس إلى 121.17 ين ليعوض خسائره بعد تراجعه إلى أدنى مستوياته عند 119.66 ين في منصة التداول الإلكترونية أول من أمس، وهو أقل مستوى منذ فبراير 2009. وارتفع اليورو إلى أعلى مستوياته منذ منتصف يناير مقابل الجنيه الإسترليني عند 89.35 بنس. وارتفع الدولار 0.2 في المائة مقابل العملة اليابانية ليسجل 89.20 ين.