الهند تعزز علاقتها مع السعودية كشريك استراتيجي لتلبية احتياجاتها من الطاقة

نيودلهي تؤكد استعداد الرياض لزيادة إمدادات النفط الخام إلى 40 مليون طن.. وتتوقع نمو اقتصادها 7% خلال العام الحالي

رئيس الوزراء الهندي يتوسط عبد الله زينل وزير التجارة السعودي وعبد الرحمن الجريسي نائب رئيس مجلس الغرف خلال زيارته للمجلس (تصوير: خالد الخميس)
TT

أعرب مسؤول هندي بارز عن أن السعودية شريك موثوق به لتلبية احتياجات بلاده من الطاقة، مشيرا إلى أن الظروف مواتية للمضي قدما، للوصول إلى شراكة شاملة في مجال الطاقة.

وقال الدكتور مانموهان سنغ، رئيس الوزراء الهندي، إن الشركات الهندية العاملة في هذا المجال على استعداد للمشاركة في مشاريع قطاع صناعات الغاز والنفط الاستخراجية والتحويلية في المملكة، وضرورة إقامة شراكات جديدة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال تبادل التقنيات النظيفة.

واتفقت السعودية والهند على تعزيز علاقاتهما الاقتصادية والتجارية، وذلك من خلال مطالبة القطاع الخاص في البلدين بتكثيف التواصل والتعاون، وإقامة المزيد من المشاريع المشتركة في كل المجالات التي تخدم البلدين.

وجاءت تلك المطالبات خلال زيارة الدكتور مانموهان سنغ، رئيس الوزراء الهندي، لمقر مجلس الغرف السعودية، برفقة عبد الله زينل، وزير التجارة والصناعة السعودي، حيث ألقى رئيس وزراء الهند كلمة أمام رجال الأعمال السعوديين والهنود.

وأكد الدكتور مانموهان سنغ في كلمته خلال الملتقى السعودي الهندي على تطلعاته إلى الحوار والمحادثات التي سيجريها مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لدفع وتعزيز هذه العلاقات إلى مستويات أعلى، مشيرا إلى اعتقاده بضرورة تحقق ذلك، خاصة أن الاقتصاد السعودي قد تضاعف حجمه أربع مرات منذ عام 1990، وشهد تنوعا كبيرا وتعزيزا للقطاع غير النفطي، منوها بالمدن الاقتصادية الطموحة التي ستضيف المزيد من القوة والقدرة للاقتصاد السعودي، وستعمل على توفير المزيد من فرص العمل للشباب وتعزيز ثقل ومتانة الاقتصاد المحلي على الصعيد الدولي.

وأشار رئيس وزراء الهند إلى تحقيق بلاده نموا اقتصاديا كبيرا، خاصة أنها تمر بمرحلة تحول رئيسي اجتماعي واقتصادي على حد سواء، مشيرا إلى تحقيق الاقتصاد الهندي لنمو سنوي بمتوسط أكثر من 9 في المائة، وأنها تتطلع لتحقيق معدل نمو يزيد على 7 في المائة هذا العام بسبب التباطؤ الاقتصادي الدولي.

وتوقع الدكتور سنغ أن تعود الهند لتحقيق نمو يبلغ 9 في المائة في غضون عامين من الآن، خاصة في ظل ارتفاع معدل الادخار المحلي والذي يمكن أن يدعم استثمارات تمثل ما نسبته 38 في المائة من الناتج المحلي للهند، وفي ظل كبر حجم السوق المحلية والقوة العاملة الشابة وقوة القطاع الخاص في بلاده.

وأكد أن الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لبلاده في عام 2006، كانت زيارة ولحظة حاسمة في تاريخ العلاقات السعودية الهندية، مشيرا إلى أنه تمخض عن تلك الزيارة توقيع إعلان دلهي التاريخي الذي حدد زيادة تدفقات التجارة والاستثمار وتحسين الاتصال بين البلدين الصديقين وتبادل الأفكار للرؤية المشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.

وشدد على المزايا التي يتمتع بها البلدان الصديقان، ومن بينها تمتعهما بآلية مؤسسية سليمة لتسهيل التجارة والاستثمار، بما في ذلك اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية حماية الاستثمارات الثنائية، مشيرا إلى عقد 8 اجتماعات للجنة المشتركة كان آخرها الاجتماع الذي عقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وتعاون بلاده ضمن إطار المؤتمر الصناعي الهندي ودول مجلس التعاون الخليجي والمفاوضات الجارية لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاقية التجارة الحرة بين الهند ودول المجلس.

وأوضح أن حجم التجارة الثنائية بين المملكة والهند قد بلغ في عام 2008 - 2009 نحو 25 مليار دولار، فيما ارتفعت الاستثمارات الهندية في المملكة بشكل كبير، وبلغت نحو ملياري دولار من خلال 500 مشروع مشترك، وقيام الكثير من الشركات الهندية بتكريس وجودها في المملكة، داعيا المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين لاستكشاف الفرص الاستثمارية في الهند خاصة في قطاعات التعمير والصناعة والمنتجات الصيدلانية والصحة والزراعة والطاقة والاتصالات والسياحة والخدمات الأخرى.

وشدد على أهمية الدور الذي تقوم به الاقتصادات الناشئة مثل المملكة والهند في إطار مجموعة الـ20 وغيرها من التجمعات الاقتصادية، وجهودهما الرامية لإعادة تنظيم الهيكل المالي والاقتصادي العالمي، مشيرا إلى أنه ينظر للتعاون مع المملكة بنظرة أوسع إلى منطقة الخليج التي ترتبط بها بلاده ارتباطا تاريخيا، كما أن الشراكة مع المملكة شراكة استراتيجية لتشجيع السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية وهو ما سيعود على العالم بالنفع.

إلى ذلك، قالت الحكومة الهندية يوم أمس إن السعودية على استعداد لزيادة إمدادات النفط الخام للهند إلى 40 مليون طن من 25.5 مليون طن حاليا، لمواجهة احتياجاتها المتزايدة من الطاقة.

وبحسب «رويترز» فإن الحكومة الهندية قالت في بيان عقب اجتماع وزير النفط الهندي شري مورلي ديورا مع نظيره السعودي علي النعيمي في الرياض «تتطلع الهند لزيادة إمدادات النفط الخام من السعودية إلى المثلين».

وذكر البيان «أشارت الهند أيضا لشراء خام أثقل من السعودية»، دون تحديد إطار زمني لزيادة إمدادات الخام السعودي للهند.

وكان الملتقى السعودي الهندي قد افتتح أعماله بكلمة ترحيبية من عبد الرحمن الجريسي، نائب رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية، الذي أعرب عن ترحيبه برئيس الوزراء الهندي والوفد التجاري المرافق له الذي يضم 120 من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والشركات الهندية، بهدف بحث سبل تفعيل فرص الاستثمار والشراكة بين البلدين، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها دولته للمملكة ابتداء من يوم غد.

من جهته، وصف عبد الله زينل، وزير التجارة والصناعة السعودي، في كلمته خلال افتتاح الملتقى العلاقات السعودية الهندية بأنها علاقات تاريخية تتسم بالتطور المستمر وتلبي تطلعات البلدين، وتعمل على خدمة مصالحهما المشتركة في جميع المجالات، منوها بالزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدلهي في عام 2006، وما صدر عنها من بيان في ختام تلك الزيارة، وما نجم عنها من اتفاقيات مهمة تم توقيعها.

وأوضح زينل أن ذلك يعكس مدى اهتمام المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين بتطوير التعاون مع الهند بكل الطرق والوسائل، وترسيخ أسس العلاقات الثنائية في مختلف المجالات التي تربط علاقات المملكة بالهند، مشيرا إلى أن زيارة رئيس الوزراء الهندي الحالية للمملكة تدل بشكل كبير على اهتمام الهند بتطوير وتعزيز العلاقات مع المملكة.

ولفت وزير التجارة والصناعة النظر إلى الجهود التي قامت به حكومة المملكة، واتخاذها حزمة من الإصلاحات والتعديلات التي جعلت الاقتصاد السعودي أكثر متانة وقوة في مواجهة التحديات العالمية، والتي أثبتت على الدوام صلابة قاعدته وسلامة منطلقاته وقدرته على التأقلم والتوسع وتخطي الأزمات التي مرت بدول العالم، مما جعل بلاده أكثر تنافسية وأقدر على حماية المستثمرين وفقا لما أشارت إليه الكثير من التقارير الدولية.

ونوه بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الهند والتي كان لها دور حاسم في تحسن أداء الاقتصاد الهندي، وارتفاع مؤشرات أدائه، مشيرا إلى أن الهند ستقوم بإنفاق نحو 600 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية، مما سيؤثر إيجابا على كل القطاعات.

ودعا زينل رجال الأعمال في البلدين إلى تكثيف الزيارات المتبادلة، وتذليل كل العقبات التي تحول دون تحقيق الطموحات المشتركة للبلدين والعمل معا نحو زيادة المشاريع الاستثمارية المشتركة لتتناسب والإمكانات المتوافرة لدى البلدين والتسهيلات المقدمة في هذا المجال.