شركة بريطانية تشتري الوحدة الآسيوية لـ«أميركان إنترناشونال غروب» مقابل 35 مليار دولار

تدرج في بورصتي لندن ونيويورك بعد إتمام التعاقد

تحقق «إيه. آي. إيه» معظم عائداتها داخل آسيا ولديها أكثر من 11 مليون حامل وثيقة تأمين في 13 سوقا (أ. ف. ب)
TT

أعلنت شركة «برودنشال» البريطانية، أمس، توصلها إلى اتفاق بشأن شراء شركة للتأمين على الحياة في آسيا تتبع «أميركان إنترناشونال غروب» في إطار صفقة تقدر قيمتها بـ35.5 مليار دولار. ومن شأن صفقة بيع شركة التأمين، «أميركان إنترناشونال إنشورانس»، ومقرها هونغ كونغ وتعرف اختصارا باسم «إيه. آي. إيه»، توفير أكبر دفعة سداد للأموال التي استثمرتها الحكومة الأميركية في «أميركان إنترناشونال غروب» (إي. آي. جي)، وتتجاوز 180 مليار دولار بهدف إنقاذها ماليا.

ومن المقرر أن يتلقى مصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، الذي يملك أسهما ممتازة في «إيه. آي. إيه»، أول 16 مليار دولار من عائدات صفقة البيع. باستحواذها على «إيه. آي. إيه»، ستصبح «برودنشال» المجموعة الأولى بلا منازع بمجال التأمين على الحياة في هونغ كونغ وسنغافورة وماليزيا وإندونيسيا وفيتنام وتايلاند والفيلبين، وأكبر شركة أجنبية للتأمين على الحياة في الصين والهند.

يذكر أن الشركة البريطانية، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى 162 عاما ماضية ولا صلة لها بشركة «برودنشال فايننشال» الأميركية، تحقق معظم عائداتها داخل آسيا، ولديها أكثر من 11 مليون حامل وثيقة تأمين في 13 سوقا.

في هذا الإطار، قال تيدجين ثيام، الرئيس التنفيذي لـ«برودنشال»، خلال مؤتمر عبر الهاتف أمس أعلن من خلاله عن الصفقة: «نجمع بين أقوى شركتين بمجال التأمين على الحياة في آسيا».

الملاحظ أن شراء «إيه. آي. إيه» من شأنه الإسراع في تنفيذ استراتيجية صاغها ثيام، بهدف تحقيق زيادة كبرى في عائدات الشركة. جدير بالذكر أن آسيا تعد واحدة من أسرع الأسواق نموا على صعيد التأمين على الحياة بفضل ثقافة الادخار وتنامي الثروات في الكثير من دول المنطقة.

وقال ثيام: «أصبح لفظ (تحول) من الألفاظ المستهلكة بشدة، ومع ذلك لا يسعني سوى القول بأن هذه الصفقة بمثابة تحول كبير»، مشيرا إلى أن عام 2008، جاءت 44 في المائة من الأرباح الجديدة لـ«برودنشال» من آسيا. ولو كانت «إيه. آي. إيه» و«برودنشال» اندمجتا عام 2009، كان المبلغ سيرتفع إلى 60 في المائة.

واستطرد موضحا أن العوامل الجغرافية تعد «بنمو مستديم على امتداد السنوات القادمة». وأعلنت «برودنشال» أن الشركة الجديدة ستحمل اسم «برودنشال»، وسيكون مقرها الرئيس في بريطانيا، وسيجري التداول في أسهمها داخل بورصة لندن، مع تداول شهادات الإيداع الأميركية ببورصة نيويورك. وأضافت الشركة أنه بمجرد إتمام الصفقة، فإنها تنوي «في الوقت المناسب» السعي إلى إدراج أولي مزدوج في بورصة هونغ كونغ.

وأشارت «برودنشال» إلى أن «هذه الصفقة تنطوي على فرصة الجمع بين شركتين رائدتين وتوجيههما على نحو يمكّن المجموعة المندمجة من استغلال فرصة النمو المستقبلي في آسيا».

تبعا لشروط الصفقة، ستدفع «برودنشال» نحو 25 مليار دولار نقدا وقرابة 10.5 مليار دولار في صورة أسهم وأسهم ممتازة وأسهم ممتازة قابلة للتحول. وأوضحت الشركة أنها ستحصل على النقد اللازم لإبرام الصفقة عبر عرض حقوق بقيمة 20 مليار دولار ودين مقدم بقيمة 5 مليارات دولار.

المعروف أن عرض الحقوق تتعين الموافقة عليه من جانب حاملي الأسهم، وتواجه الصفقة ضرورة الحصول على موافقات تنظيمية أخرى. من جهتها، أعلنت «برودنشال» توقعها صدور عرض الحقوق في مايو (أيار) وأن تنجز الصفقة نهائيا خلال الربع الثالث من العام.

من ناحية أخرى، خفض عدد من المحللين مستوى تقدير أسهم «برودنشال»، الاثنين. في حديث أجرته معه وكالة «رويترز» حول عرض الحقوق، ذكر كيفين ريان، المحلل لدى مؤسسة «آي إن جي»، أن هذا الأمر سيحد من القيمة بدرجة بالغة، لأنه لا أحد يدري تحديدا ما تحويه «إيه. آي. إيه» أو حجم الأرباح التي تجنيها، أو كيف تتداخل مع النشاطات التجارية الراهنة لـ«برودنشال».

يذكر أن أول محاولة من جانب «برودنشال» لشراء «إيه. آي. إيه» كانت العام الماضي، لكن «إيه. آي. جي» قابلتها بالرفض لتدني القيمة المعروضة بصورة بالغة، حسبما أشارت مصادر مطلعة.

من ناحية أخرى، يرجع تاريخ إنشاء «إيه. آي. إيه» إلى عام 1919، وتعد واحدة من أقدم أقسام «إيه. آي. جي». ولدى هذا القسم نحو 20 مليون حامل وثيقة تأمين بمختلف أرجاء آسيا، يقوم على خدمتهم ما يقرب من 23000 موظف و300000 عميل. وتنتشر رقعة عملاء الشركة في أستراليا وبروناي والصين وهونغ كونغ والهند وإندونيسيا ومكاو وماليزيا ونيوزيلندا والفيلبين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند وفيتنام.

طبقا لما أعلنته «برودنشال»، فإن «إيه. آي. إيه» حققت أرباح تشغيل تبلغ 1.438 مليار دولار بعد خصم الضرائب خلال السنة المالية المنتهية في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، 2009، بناء على أرقام لم تخضع لتدقيق حسابي.

من ناحيتها، كانت «إيه. آي. جي» تستعد لإجراء اكتتاب عام بالنسبة للشركة، وعملت على الاستعانة بمصارف للإشراف على العملية التي كانت ستصبح واحدة من كبريات عمليات الاكتتاب لهذا العام. وقدر محللون إمكانية أن تحصد عملية الاكتتاب العام الأولي ما يصل إلى 20 مليار دولار، بناء على حجم الحصة المبيعة، إلا أن «إيه. آي. جي» تخلت عن هذه الخطة الآن.

في هذا الصدد، علق روبرت بينموش، الرئيس التنفيذي لـ(إيه. آي. جي)، الاثنين، بالقول: «لدى دراستنا لبديلين مستديمين شديدي الجاذبية من أجل تحديث (إيه. آي. إيه) بنجاح، بما في ذلك طرح اكتتاب عام أولي، قررنا أن بيعها لـ(برودنشال) سيمكن (إيه. آي. جي) من جني عائدات بمعدل أسرع يمكنها من سداد أموال دافعي الضرائب الأميركيين التي تلقتها». مضيفا أن «هذه الصفقة، التي تعد أبرز الخطوات التي اتخذناها حتى اليوم في إطار الجهود الرامية إلى سداد أموال دافعي الضرائب، تمنحنا كذلك مرونة أكبر للتحرك قدما فيما يخص إعادة هيكلة (إيه. آي. جي) والتركيز على تعزيز قيمة شراكتنا الجوهرية بمجال التأمين، الأمر الذي سيعود بالنفع على جميع حاملي الأسهم».

يذكر أنه قبل الأزمة المالية التي وقعت عام 2008، كانت «إيه. آي. جي» أكبر شركة تأمين في العالم، وتعرض مجموعة متنوعة من الخدمات بمختلف أرجاء المعمورة أشرف عليها موريس آر. غرينبرغ، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة لفترة طويلة. منذ إنقاذها ماليا على يد الحكومة الأميركية، حاولت الشركة بيع شركات تتبعها للمساعدة في سداد أموال الإنقاذ المالي التي حصلت عليها.

من جانبه، وضع بينموش خطة لمستقبل الشركة يجري في إطارها التركيز على بيع ممتلكات والتأمين ضد الخسائر بمختلف أنحاء العالم، في ظل وحدة أعيد تسميتها «تشارتيس»، والتأمين على الحياة فقط داخل الولايات المتحدة. في غضون فترة قصيرة من انضمامه إلى «إيه. آي. جي» في أغسطس (آب)، عمد بينموش إلى إبطاء حملات التسويق للشركة، بدلا من السعي إلى اجتذاب أسعار أعلى للشركات التي يأمل في بيعها.

بخلاف بيع «إيه. آي. إيه»، تأمل «إيه. آي. جي» أيضا في بيع وحدة أخرى تعنى بالتأمين على الحياة، «أميركان لايف إنشورانس كومباني»، إلى شركة «ميتلايف» مقابل نحو 15 مليار دولار، طبقا لمصادر مطلعة.

وقد تأزمت هذه المفاوضات بسبب خلاف حول الضرائب من المفترض أن تفصل فيه «هيئة العائدات الداخلية»، حسبما أضافت المصادر. لكن لا يزال من المتوقع التوصل إلى اتفاق، كما ترمي الشركة إلى بيع وحدات أخرى، بينها شركة لتأجير الطائرات.

بالنسبة لـ«برودنشال»، يمثل شراء «إيه. آي. إيه» تحولا بالغ الأهمية لدرجة أن بعض المحللين يتساءلون عن ما إذا كانت ستفكر في بيع شركتها البريطانية. ردا على سؤال حول هذا الأمر، الاثنين، أجاب ثيام: «شركة المملكة المتحدة تخلق نقدا ورأس مال بالنسبة إلينا، وهي جزء مهم من المجموعة». وأضاف ثيام، الذي ولد في ساحل العاج: «إن هويتنا بريطانية، حتى ولو كانت لهجتي غير بريطانية».

* خدمة «نيويورك تايمز»