اقتصاديون سعوديون ودوليون يبحثون صياغة حلول لهيكلة النظام المالي العالمي

في ورشة عمل في العاصمة الرياض.. خبير يدعو إلى عدم نسخ نظام الرهن العقاري الأميركي في المملكة

TT

ناقش خبراء اقتصاديون سعوديون ودوليون صياغة حلول ممكنة لهيكلة النظام المالي العالمي، بهدف رفعها إلى الجهات المختصة في السعودية، وذلك لدراستها وتطبيقها مع النظام المالي العالمي. وتأتي تلك النقاشات في الوقت الذي دعا فيه خبير اقتصادي دولي في الاقتصاديات العربية إلى التقليل من الاعتماد على الديون في جميع أعمالها، والاعتماد على نظام المصرفية الإسلامية، وذلك لما في الديون من مخاطر واسعة، وواقعية النظام المالي الإسلامي.

وقال البروفسور الأميركي اللبناني الأصل نسيم طالب، الباحث في الاقتصاد العالمي، إن العالم أسهم في إصلاح الخلل بالجانب المالي، وذلك في ما يتعلق بالأزمة المالية العالمية، في حين لم يستطع العالم أن يصلح الخلل ولم يتعامل بشكل جيد في ما يتعلق بالجانب الهيكلي في القطاع المالي.

من جهته، أكد الدكتور رجا المرزوقي أنه يأتي كمحاولة من مركز الدراسات الآسيوية في المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية، في بحث مكامن الخلل في الأحداث الاقتصادية الكبرى في العالم، والمشاركة في صياغة حلول ممكنة.

وأشار إلى أن نقاش الطاولة المستديرة للعام الحالي ناقش أوضاع الاقتصاد العالمي مع ما بعد الأزمة، وأن مخرجات هذه الورشة سترفع للجهات المختصة في المملكة لدراساتها والبحث فيها.

وكان مركز الدراسات الآسيوية في المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية السعودية، في العاصمة السعودية الرياض، بالتعاون مع شركة «لاند مارك» الأميركية، قد شهد مشاركة واسعة من مسؤولين ورجال أعمال ومهتمين بالعمل الاقتصادي. وفي هذا الجانب، ذكر الدكتور رجا أن تنظيم ورشة العمل جاء مكملا لورش العمل التي يعقدها المركز، حيث نظم المركز نقاش «الطاولة المستديرة: نظرة عامة على الاقتصاد العالمي وتأثير الأزمة المالية الحالية على منطقة الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا» في فبراير (شباط) من عام 2009.

وبالعودة إلى نسيم، مؤلف كتاب «البجعة السوداء»، فإن ازدياد الاعتماد على الديون يشكل خطرا على الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وطالب بضرورة التمسك بالعادات المالية القديمة، التي من ضمنها الاعتماد على التمويل الإسلامي واقتسام المشاركة في الأرباح وتوزيع المخاطر على المشتركين في ذلك التمويل، مشيرا إلى أن في ذلك عودة إلى الأصول المالية التي تتعامل مع الواقع. وأكد نسيم أن افتراض سير الأسواق المالية بوتيرة واضحة افتراض خطأ، وأن بناء الاستثمارات على التكهنات بناء باطل، مشددا على أن جميع العلوم التي تعمل بها أسواق المال والاقتصاد هي أنظمة تدخل فيها الغرائز البشرية، وهي بعيدة عن الدقة في العمل، وليست مثل علوم الرياضيات.

وقال إن تلك الأنظمة عرضة للجشع، وبالتالي تكون فيها الخطورة عالية.

وشبه طالب التعديل في الأنظمة المالية والاقتصادية بالتعديل في وزن الإنسان يحتاج إلى وقت طويل، وليس كما هو في الرياضيات، فإن التعديل يكون في لحظة واحدة.

وقال: «المضاربة على المدى القصير تعرض المستثمر لمخاطر عالية، وإن الاقتراض من أجل المضاربة قد يتسبب في مشكلات كبيرة للمستثمرين»، وهو الأمر الذي نصح بعدم الخوض فيه لما فيه ضرر كبير على الشكل الاستثماري بشكل عام.

وشدد البروفسور الأميركي على خطورة نسخ نظام الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لعدم ملائمته للمنطقة، مشيرا إلى أن المملكة بحاجة إلى نظام خاص يعتمد على التمويل الإسلامي، ومبدأ المشاركة وتوزيع المخاطر، وذلك لضمان تسجيل نجاح في التجربة الجديدة على البلاد. ودعا نسيم إلى ضرورة تشجيع الشركات والأفراد بعدم التمادي في الاعتماد على الديون، من خلال موازنة ذلك، لكون الديون تتسبب في إرهاق المقترضين، خاصة على المدى البعيد، ولما فيها من آثار سلبية، تنعكس سلبا على الاقتصاديات المحلية، في الوقت الذي أكد فيه ضرورة الاعتماد على التمويل الإسلامي ومبدأ المشاركة في التمويلات.

من جهته قال محمد القويز، العضو المنتدب لشركة دراية الاستثمارية، إنه من غير المنطقي أن تكون هناك تسهيلات ضخمة للمضاربة على أسواق المال، وذلك للضرر الذي قد يقع، في حين لم تنجح الخطط الاستثمارية على المدى القصير، مشيرا إلى أن ذلك هو شأن أي سوق مالية في العالم.

ورشة العمل مشاركة كل من الدكتور عبد الرحمن الزامل، ومحمد الماضي، الرئيس التنفيذي لشركة «سابك»، ومطلق المريشد، نائب الرئيس التنفيذي للشؤون المالية والإدارية في «سابك»، إضافة إلى عبد المحسن الفارس، الرئيس التنفيذي لبنك «الإنماء»، وعدد من رجال الأعمال في المملكة.