السعودية: خبراء يؤكدون أن قرار مجلس الوزراء أعاد الثقة لـ«الشيك» كأداة مالية

2.6 مليار دولار حجم المتعثر منها في المملكة

أكد خبراء أن تلك القرارات ستعيد الطمأنينة للشيك في السوق التجارية السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أكد خبراء قانونيون وماليون أن قرار مجلس الوزراء السعودي أمس فيما يتعلق بالشيكات المالية، سيعمل على تفعيل «الشيك» كأداة مالية، وإعادة الثقة له من جديد.

وذكروا أن ذلك القرار سيضع حدا صارما ضد قضايا الشيكات المتعثرة في السعودية، التي تقدر بنحو 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار) خلال الفترة الماضية، وذلك بحسب ما توصل إليه منتدى جدة التجاري، بسبب تأخر صدور الأحكام وضعف التنظيمات القضائية في هذا الشأن.

وأكد الخبراء أن تلك القرارات ستعيد للشيك في السوق التجارية السعودية الطمأنينة، وستعطيه القوة أكثر، وستدفع المتعاملين إلى الدخول للسوق بقوة دون الخوف من تبعات الشيكات المتأخرة.

وقال المحامي ماجد قاروب: «إن القرار سيؤدي إلى إحداث صدمة إيجابيه للمجتمع بكل شرائحه الاقتصادية وغيرها، خاصة مع وجود نحو 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار) شيكات متعثرة، وسيسهم القرار في إيجاد احترام للعقود والاتفاقيات بشكل عام وزيادة واحترم هيبة القانون».

وأشار إلى أن قرار مجلس الوزراء، أول من أمس، فيما يتعلق بالشيكات، سيساهم في التخصص النوعي لجهات الاختصاص المستقبلي للمحاكم التجارية، وتعجل الفصل في القضايا وتغلب القرار على مشكلة العناوين، ولذلك اعتبر العنوان الموحد لدى البنوك للعملاء هو عنوان التبليغ، وبالتالي التبليغ أصبح ضروريا.

وأضاف قاروب، أن القرار يأتي في سياق ما توصل له منتدى جدة التجاري، الذي نظمته الغرفة التجارية بجدة العام الماضي، حيث ناقش فيه موضوع الأوراق التجارية بين النظام والواقع، وأوصى حينها بضرورة تعديل نظام الأوراق التجارية لتفعيله، حيث إن الورقة التجارية كاشفة للحق بما فيها من الكفاية الذاتية، بحيث تتيح لقاضي التنفيذ عند تاريخ الاستحقاق في حالة عدم السداد الحكم الواجب النفاذ، ومن ثم للجهات الأمنية التنفيذ.

وشددت توصيات المنتدى على ضرورة التزام الحقوق المدنية وإمارة المناطق والجهات الأمنية، بالتعاون مع قاضي التنفيذ بسرعة إصدار القرارات خلال شهر واحد.

وأضاف المحامي قاروب، اتفق القرار على ما خرج به المنتدى من توصيات، حيث أكدت وجوب دعم مكاتب الفصل في المنازعات والأوراق التجارية بالعدد الكافي من الأعضاء والسكرتارية والمراسلين والمساعدين، لإنجاز قضايا المنظورة خاليا بصورة أسرع وأفضل، مبينا أن ذلك سيدعم دائرة قضايا الأموال بهيئة التحقيق والادعاء العام بعدد إضافي من المحققين بعد تأهيلهم وتدريبهم على قضايا أوراق المال التجارية.

وبين قاروب أن للقرار انعكاسا إيجابيا ممتازا وملحوظا، مطالبا البنوك والغرف التجارية، بعمل حملات توعوية كبيرة ومركزة لكافة شرائح المجتمع وكل فئاته في جميع مناطق المملكة.

ومن جانبه، قال محمد النفيعي رئيس مجموعة النفيعي والرئيس السابق للجنة الأوراق المالية بالغرفة التجارية بجدة، إن القرار أعاد للشيك هيبته التي فقدها في السوق المحلية خلال الأعوام الماضية، وتحول في كثير من الحالات إلى أداة ضمان بدلا من دوره الحقيقي وهو أداة وفاء.

وأضاف أن القرار سيحد على الأقل من التلاعب الواضح، وسيحل الكثير من المعاناة، كون الكثير من الناس ألغى القيمة المالية للشيك، ويعتبرونه مجرد التزام مستحق الوفاء، وسيسهم القرار بتعجيل هذا الوفاء كما هو معمول به في معظم دول العالم. فيما أشار الدكتور عبد اللطيف باشيخ العضو بلجنة الأوراق المالية بغرفة جدة أن القرار إيجابي، ويحفظ للناس حقوقهم، وسيؤدي إلى الاستقرار في السوق التجارية السعودية.

وبين أن القرار نتاج تفاعل السلطة والحكومة مع قضايا المجتمع، بما يضمن حقوق المواطن والمقيم على حد سواء، ويجرم مسيئي استخدام الشيكات، مشيرا إلى أن تضافر الجهود من البنوك ومراكز المعلومات هو السبيل الأمثل لتحقيق ما يتضمنه القرار ويضمن تفعيله.

وكان مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد أقر أول من أمس بعد الاطلاع على ما رفعه وزير التجارة والصناعة بشأن طلب معالجة ظاهرة انتشار الشيكات المرتجعة لعدم وجود رصيد كاف لها، عددا من الإجراءات.

وشملت الإجراءات قيام النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بإصدار قرار باعتبار الأفعال المنصوص عليها في المادة 118 المعدلة من نظام الأوراق التجارية موجبة للتوقيف.

ووفقا للقرار، تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق في جرائم الشيكات ورفع الدعوى العامة أمام الجهة المختصة بالفصل في تلك الجرائم كأي جريمة أخرى، وذلك وفقا لنظامها ونظام الإجراءات الجزائية.

ووجه مجلس الوزراء الجهة المختصة بالفصل في منازعات الأوراق التجارية بإصدار قرارها في القضية التي تنظرها خلال 30 يوما من تاريخ إحالة القضية إليها، وعلى الجهة المختصة بالفصل في منازعات الأوراق التجارية العمل على تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الشيكات، وبخاصة إيقاع عقوبة السجن والتشهير في الصحف اليومية الصادرة في منطقة مرتكب الجريمة.

وفي المقابل، وجه المجلس مؤسسة النقد بوضع إجراءات تنظم إصدار ورقة الاعتراض وتمنع البنك المسحوب عليه الشيك من المماطلة في إعطاء حامل الشيك ورقة اعتراض على صرف الشيك.

وتقضي الترتيبات أيضا بتشكيل لجنة في وزارة الداخلية تضم مندوبين من وزارات: الداخلية، والعدل، والتجارة والصناعة، والاتصالات وتقنية المعلومات، والمالية ومصلحة الجمارك، ومؤسسة البريد السعودي، ومؤسسة النقد العربي السعودي، لدراسة تفعيل المواد الخاصة بالعناوين في نظام الأحوال المدنية ونظام الإقامة ونظام السجل التجاري، وذلك بإلزام كل مواطن أو مقيم أو مؤسسة أو شركة بوضع عنوان رسمي تنتج من المراسلة عليه الآثار القانونية وأن يلتزم كل منهم في حالة تغير ذلك العنوان بتحديد عنوانه الجديد.

والمعلوم أن المادة 118 من نظام الأوراق المالية تنص على: «كل من سحب بسوء نية شيكا لا يكون له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب، أو يكون له مقابل وفاء أقل من قيمة الشيك، وكل من استرد بسوء نية بعد إعطاء الشيك مقابل الوفاء أو بعضه بحيث أصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو أمر وهو سيئ النية المسحوب عليه بعدم دفع قيمته، يعاقب بغرامة من 100 ريال إلى 2000 ريال، وبالسجن مدة لا تقل عن 15 يوما ولا تزيد على 6 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين».

كما يعاقب بهذه العقوبات المستفيد أو الحامل الذي يتلقى بسوء نية شيكا لا يوجد له مقابل وفاء كاف لدفع قيمته، ويتم تطبيق العقوبات المذكورة مع مراعاة ما تنص عليه أحكام الشريعة الإسلامية.