رئيس الوزراء الصيني يدعو لتغيير بؤرة اهتمام الاقتصاد في بلاده

أعلن عجزا قياسيا في موازنة 2010 بـ154 مليار دولار لتمويل التغيرات الاقتصادية

أعضاء المجلس الوطني لنواب الشعب في الجلسة الافتتاحية (أ.ف.ب)
TT

حددت الحكومة الصينية أمس أولوياتها لهذه السنة، المتمثلة في مواصلة نمو قوي يرافقه توزيع أفضل لثمار التنمية الاقتصادية في بلد يتفاقم فيه انعدام المساواة بشكل خطير.

ودعا رئيس الوزراء الصيني وين جياباو إلى تغيير «عاجل» في بؤرة اهتمام الاقتصاد الصيني خلال تقديمه للتقرير السنوي عن حالة البلاد الاقتصادية أمس في افتتاح أعمال الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان).

وتناول وين الأداء الاقتصادي للحكومة في عام 2009، وحدد خطوطا عريضة للسياسات الاقتصادية الرئيسية لهذا العام أمام المجلس الوطني.

وقال وين، مخاطبا نحو 3 آلاف من أعضاء المجلس الوطني لنواب الشعب الذين حضروا واستمعوا إلى الكلمات الافتتاحية لهذا الحدث الذي يستمر عشرة أيام «نحتاج بشكل عاجل لتحويل نمط التطور الاقتصادي». وأكد أن الحكومة «ستعزز التطوير المستمر في مجال الزراعة ومواصلة زيادة الدخول».

وأوضح أن الحكومة ستشجع على خلق فرص عمل ودعم النمو في الصناعات الخدمية ومحاربة الفساد وتعزيز المحاسبة الحكومية. وقال «سنسعى بكل جهد لتوفير الطاقة وخفض الانبعاثات»، مضيفا أن الحكومة «ستعمل بجد من أجل تطوير تكنولوجيات تحتوي على نسب منخفضة من الكربون» وطاقة متجددة.

وأعلن رئيس الوزراء الصيني عن عجز قياسي في موازنة عام 2010 بلغ 1.05 تريليون يوان (154 مليار دولار)، حيث يبلغ الإنفاق الحكومي المزمع نحو 4.666 تريليون يوان بزيادة قدرها 6.3% مقارنة بعام 2009.

وقال وين «هذا العام هو عام حاسم لمواصلة التعامل مع الأزمة المالية العالمية والحفاظ على نمو ثابت وسريع للاقتصاد، وتسريع نمط النمو الاقتصادي». ولفت إلى أنه على الرغم من أن بيئة التنمية في هذا العام «ربما تكون أفضل من العام الماضي، فإننا نواجه وضعا معقدا للغاية».

وقالت الصين إن اقتصادها أظهر بوادر على التعافي من الانكماش الاقتصادي العام الماضي، وعلى الرغم من تراجع قيمة الصادرات بنسبة 16% في عام 2009 فإن الناتج الإجمالي المحلي زاد بنسبة 8.7% مدفوعا بحزمة إنفاق ترتكز على تحسين البنية التحتية وتقدر قيمتها بـ4 تريليونات يوان (586 مليار دولار). وقال وين إن الحكومة سوف تسعى ليصل إجمالي الناتج المحلي إلى 8% العام الحالي. وحذر وين من الأخطار الماثلة، بما في ذلك المخاوف من فقاعة متزايدة في سوق العقارات. وقال إن الحكومة تهدف إلى أن «تحد بشكل قوي من الزيادة الكبيرة في أسعار المساكن في بعض المدن، وتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب في قطاع الإسكان، والحد من الاستخدام غير المشروع للأراضي والتلاعب في الأسعار». وفي وقت سابق من هذا العام صدر بيان «الوثيقة رقم واحد»، وهو بيان سنوي يتعلق بالسياسات الرئيسية الاقتصادية والاجتماعية للصين، وتعهد بزيادة الدعم للزراعة وتحسين الأمن الاجتماعي للمناطق الريفية.

وقال وين إن الحكومة المركزية قد خصصت 133.5 مليار يوان في صورة دعم مباشر للمزارعين هذا العام. وقال إنه سوف يتم تخصيص 43.3 مليار يوان أخرى لدعم خلق فرص عمل لخريجي الكليات والمهاجرين من الريف وتسريح العسكريين.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية كان لي تشاوشينغ، المتحدث باسم المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، قد ذكر أمس أن الصين تعتزم زيادة ميزانيتها العسكرية لهذا العام بنسبة 7.5% في أعقاب الزيادات الدفاعية الكبيرة التي أقرتها بكين خلال الأعوام الأخيرة.

وقال وزير المالية تشي تشورين إنه من المتوقع أن يصل إجمالي النفقات في موازنات الحكومات المحلية والوطنية إلى 8.453 تريليون يوان بارتفاع نسبته 11.4% عن العام الماضي.

ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات الحكومية ما إجماله 7.403 تريليون يوان، ليبلغ العجز 1.05 تريليون يوان، أو ما يوازي 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر في عام 2010. وقال تشي إن هناك حاجة إلى هذا العجز الكبير نظرا لأن تعافي الصين من التباطؤ الاقتصادي العالمي «لا يزال غير قوي»، على الرغم من «إظهاره مؤشرات على التغير».

وقال إنه «في الوقت نفسه ومن أجل تنشيط التنمية المستدامة للمالية العامة وتفادي المخاطر المالية بشكل فعال وترك هامش من الوقت لتقليل العجز بشكل تدريجي خلال السنوات القادمة، يجب علينا أن نبقي على العجز دون نسبة ثلاثة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».

وقال تقرير الموازنة إن الحكومة المحلية والمركزية سوف تحتاج إلى «مبالغ ضخمة من الأموال» بهدف دعم المشروعات المستمرة منذ العام الماضي.

وأضاف أنه سيكون من المطلوب «تحقيق زيادات أخرى للدعم المالي لزيادة دخول مجموعات الأفراد ذات الدخل المنخفض»، ومن أجل البرامج التي تهدف إلى مساندة القطاع الزراعي والتعليم والتكنولوجيا والأمان الاجتماعي والتوظيف والرعاية الصحية وحماية البيئة.

وفي تقريره الاقتصادي السنوي الذي عرضه خلال افتتاح المجلس الوطني لنواب الشعب (البرلمان الصيني) في وقت سابق من اليوم الجمعة، دعا رئيس الوزراء الصيني وين جياباو إلى تغيير «طارئ» لنمط التنمية الاقتصادية الصيني. وقال وين إن الحكومة سوف تستهدف تحقيق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يبلغ نحو 8% هذا العام و«تشجيع التنمية المطردة للمجال الزراعي، وتحقيق زيادة مستمرة في الدخول». وقال إنها ستشجع على توفير وظائف ومساندة نمو الصناعات الخدمية، «ونمو الطلب الاستهلاكي بكل قوة»، ومحاربة الفساد وتحسين المحاسبة الحكومية.

وقال إن «هذا (عام 2010) عام مهم من أجل مواصلة التعامل مع الأزمة المالية العالمية، والإبقاء على التنمية الاقتصادية الثابتة والسريعة، وتسريع تغيير نمط التنمية الاقتصادية».

ومن المقرر أن يوافق نواب المجلس الوطني لنواب الشعب البالغ عددهم 3 آلاف نائب على مشروع الموازنة وتقرير وين الاقتصادي في جلسة تصويت سريعة بنهاية اجتماعات المجلس الممتدة على مدار 10 أيام.

وحضر نحو ألفين و250 عضوا من الهيئة الاستشارية والمئات من الصحافيين والمراقبين ومجموعة من قادة الجيش افتتاح المؤتمر الذي من المتوقع أن يوافق على تقارير الحزب بأغلبية كبيرة في جلسة تصويت سريعة في ختام الاجتماع الذي يستغرق عشرة أيام. ولم يرفض المؤتمر على الإطلاق مشروع قانون اقترحه الحزب منذ أول جلسة له في شهر سبتمبر (أيلول) عام 1954.