«تويوتا» تستدعي ملايين من سياراتها.. خارج اليابان

المؤسسة اليابانية تفضل شركاتها أكثر من المستهلك

السيدة سكاي تقف على جسر علوي وقد ظهر خلفها الطريق الذي تعرضت فيه لحادثة («نيويورك تايمز»)
TT

بعد شعورها بأن سيارتها تويوتا «مارك إكس» مالت للأمام في ملتقى طرق مزدحم، ضغطت ماساكو ساكاي سريعا على المكابح بقوة. لكن الدواسة كانت «ضعيفة»، حسبما قالت. وبدا لها أن نظام تقليل السرعة الأوتوماتيكي لا يعمل أيضا.

وأضافت ساكاي (64 عاما) وهي تروي في وقت قريب الحادث الذي وقع قبل ستة أشهر «حاولت القيام بأي شيء يتبادر إلى ذهني»، هذا ما أضافته ساكاي، واندفعت سيارتها للأمام قرابة 3000 قدم قبل أن تصطدم بسيارة «مرسيدس بنز» وسيارة أجرة وتصيب السائقين في كلتا السيارتين وتكسر ترقوتها.

وأوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقريريها، أن ساكاي فوجئت أكثر بما حدث بعد ذلك. وتقول إن شركة «تويوتا»، بدءا من الوكيل الذي اشترت منه السيارة إلى المقر الرئيسي، لم ترد على استفساراتها، ولم تكترث السلطات اليابانية لمخاوفها كمستهلكة. وتقول ساكاي إن شرطة طوكيو ضغطت عليها من أجل تحرير بيان تقول فيه إنها ضغطت على بدالة السرعة بطريق الخطأ، وهو ما ترفضه بشدة. وتشير إلى أن الشرطة قالت لها إنها يمكنها استرداد سيارتها لإصلاحها إذا اعترفت بذلك.. لكنها رفضت.

ولكن، تقول الشرطة إن سوء تفاهم حدث، وإنها تحتفظ بسيارتها لإجراء التحقيق. ويقول مخضرمون داخل حركة حقوق المستهلك اليابانية إن ساكاي، مثل الكثير من اليابانيين، ضحية للمؤسسة اليابانية التي تفضل الشركات اليابانية أكثر من المستهلك الياباني، علاوة على غياب إجراءات حماية المستهلكين داخل اليابان.

ويقول شونكيتشي تاكاياما، وهو محام في طوكيو يتعامل مع الشكاوى المرتبطة بسيارات «تويوتا»: «في اليابان توجد عبارة تقول: إذا كانت هناك رائحة تنبع من شيء ما، فضع عليه غطاء».

وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن «تويوتا» قامت باستدعاء 8 ملايين سيارة خارج اليابان بسبب زيادة سرعة هذه السيارات من دون قصد، وبسبب مشكلات أخرى، لكنها أكدت على غياب أي مشكلات بنيوية في سياراتها التي تباع داخل اليابان. واستدعت الشركة السيارة «بريوس» بسبب مشكلة في المكابح مطلع العام الحالي. ويقول منتقدون إن الكثير من الشركات استفادت من ضعف إجراءات حماية المستهلك داخل اليابان.

وفي قضية بقطاع الأغذية، انهار معالج لحوم اسمه «ميت هوب» في عام 2008، بعدما كشف أنه مزج بين لحم الخنزير ولحم الضأن والدجاج في منتجات وضعت عليها ملصقات زائفة قالت إنه لحم بقري صاف، وحدث ذلك تحت سمع وبصر المفتشين.

واكتشف تحقيق للشرطة عام 2006 حول سخانات مياه بالغاز من تصنيع «بالوما» أن خطأ أدى إلى مقتل 21 شخصا على مدار 10 أعوام بسبب التسمم بأول أكسيد الكربون. وأصرت «بالوما» في بادئ الأمر على أن المستخدمين تلاعبوا في أداة الأمان بالسخان، وفي النهاية اعترفت الشركة بأن هناك أخطاء في السخانات، وأن المسؤولين التنفيذيين لم يكونوا مكترثين إلى مشكلة محتملة على مدى أكثر من عقد. وهناك اتهامات حاليا لمسؤولين تنفيذيين بالإهمال المهني، ومن المقرر إصدار حكم من المحكمة في مايو (أيار).

وعندما نأتي إلى السيارات، نجد أن النمو السريع لصناعة السيارات هنا وملكية السيارات في الستينات والسبعينات صحبتهما زيادة مفاجئة في الحوادث التي يموت فيها أشخاص. وسرعان ما ظهرت حركة لحماية المستهلك بين ملاك هذه السيارات المعيبة.

وكان أكثر الكيانات نشاطا، اتحاد مستهلكي السيارات الياباني، الذي تزعمه فوميو ماتسودا، وهو مهندس سابق في «نيسان» يشار إليه غالبا بـ«رالف نادر» اليابان. ولكن رد مصنعو السيارات بحملة وصفت هؤلاء النشطاء بأنهم مجرد محرضين خطيرين. وسرعان ما ألقي القبض على ماتسودا ومحاميه ووجهت لهما تهم الابتزاز. وطعنا في التهم أمام المحكمة العليا داخل اليابان، لكنهما خسرا المعركة القانونية.

وقال ماتسودا في مقابلة أجريت معه أخيرا إنه في الوقت الحالي لا يوجد عدد كبير من المواطنين على استعداد لمواجهة الشركات المصنعة داخل اليابان خوفا من إلقاء القبض عليهم. وأضاف «تنحاز الدولة إلى جانب الشركات المصنعة وليس إلى جانب المستهلكين».

وتقول هيروكو إزومورا، المسؤولة التنفيذية في الرابطة الوطنية للمتخصصين في قضايا المستهلكين والمستشارة السابقة للحكومة التي كانت مختصة بعمليات سحب السيارات، إنه أصبح من الصعب بالنسبة للسائقين الحصول على البيانات الأولية أو التفاصيل في الحوادث المرتبطة بعيوب في السيارات. وأضافت «للأسف، أغلق اتحاد مستهلكي السيارات، ولم تعد توجد أي مؤسسات مشابهة».

وبالنسبة للحكومة، فإنه من أجل إصدار أمر بسحب سيارات فإنه يجب إثبات أن السيارات لا تلبي معايير الأمن الوطني، ومن الصعب حدوث ذلك من دون تعاون الشركات المصنعة. وتحدث معظم عمليات السحب طوعيا من دون إشراف الحكومة.

وخلال عملية فحص لسجلات وزارة النقل قامت بها صحيفة «نيويورك تايمز» تبين أن وجود بلاغات مرتبطة بسيارات «تويوتا» منذ عام 2001 في 99 حادثا على الأقل، هو نتاج زيادة غير مقصودة في السرعة أو زيادة في معدل دوران المحرك.

ويقول منتقدون، مثل تاكاياما، إن عدد البلاغات بسبب الزيادة المفاجئة في السرعة داخل اليابان كان من المتوقع أن يصبح أكبر لولا تمكن الكثير من شركات السيارات داخل اليابان من إبعاد هذه الحالات عن الإحصاءات الرسمية وعن أعين المواطنين.