السعودية تؤكد ارتفاع الطلب على الطاقة خلال الـ40 عاما المقبلة

مساعد وزير البترول السعودي يرجع السبب إلى النمو الاقتصادي والتزايد السكاني

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مشاركته في المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي (تصوير: مروان الجهني)
TT

أكد مسؤول نفطي رفيع في السعودية أن الطلب على الطاقة سيرتفع خلال الـ40 سنة المقبلة، وذلك للنمو الاقتصادي العالمي وزيادة التعداد السكاني، مشيرا إلى أن العالم سيحتاج لجميع أنواع الطاقة المتوافرة في المستقبل، بما فيها المتجددة.

وأشار الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول لشؤون البترول، إلى أن السعودية تسعى إلى تطوير الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، مشددا على ضرورة أن يكون للمملكة دور كبير في هذا المجال، الذي شرعت تعمل فيه عبر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، مؤكدا امتلاك القدرات الوطنية لتطوير هذه التقنيات.

وبيّن مساعد وزير البترول لشؤون البترول، الذي كان يتحدث على هامش المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي، أن مخزون بلاده من النفط يكفيها للإنتاج بالمستويات الحالية لأكثر من 100 عام مقبلة، مشيرا إلى أن التطور في تقنيات الاستخراج والاستكشاف ستسهم في تحقيق هذا الهدف.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مخزون المملكة النفطي يفي باحتياجات الإنتاج وأكثر، ونحن نعتقد أن توفير الطاقة الشمسية محليا يوفر مستقبلا استهلاك الخام، لتصديره بأسعار أفضل من الأسعار الحالية».

وبيّن الأمير عبد العزيز أن السعودية تسعى إلى استقرار أسعار البترول، لأن هذا الاستقرار يؤدي إلى تنمية حقيقية، وقال: «ما نخشاه دائما هو التذبذب، والإفراط في الارتفاع أو العكس. وكل ما يحقق التوازن في السوق واستقرار الأسعار مطلب لنا ننفذه، وفق استراتيجية المملكة البترولية، ونعتقد أنه مطلب يسهم في إنعاش صناعة الطاقة والبترول، ومنها الصناعات التي تعتمد على استقرار أسعار البترول، واقتصادنا المحلي يعتمد على استقرار الاقتصاد العالمي».

وأضاف: «من أهم نتائج اجتماع جدة، الذي عقد بعده اجتماع لندن، معالجةُ تذبذب أسعار النفط، وإعادة النظر في آليات العمل بين المنتجين والمستهلكين، وأنا شرفت برئاسة هذه اللجنة، التي تشارك فيها 62 دولة حاليا، وفي آخر مارس (آذار) لدينا اجتماع في المكسيك».

وشدد الأمير عبد العزيز بن سلمان على أن الحكومة السعودية، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تسعى إلى تحقيق الاستقرار في أسعار النفط، وبذلت جهودا كبيرة في هذا الشأن، منها استضافة منتدى الطاقة العالمي في جدة صيف عام 2008، لكبح جماح الارتفاع الكبير في الأسعار حينها، الذي أدى إلى ارتفاع الأصوات العالمية المحتجة على هذا الارتفاع.

وقال مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول: «كانت الأسعار حينها في عز ارتفاعها، وكنا نلام (دول أوبك)، لماذا لا نعقد اجتماعا لإعادة الاستقرار إلى الأسواق، لكن من كانوا يتساءلون في ذلك الحين عن ارتفاع الأسعار، لم يسألوا عن ذلك في آخر العام عندما نزلت الأسعار إلى 35 دولارا».

ونوه إلى أن منتدى الطاقة العالمي قدّم توصيات بشقين: الأول «كيف ندعم الحوار بين المنتجين والمستهلكين»، وحاليا أكثر من 50 دولة أقرت توصيات منتدى الطاقة العالمي الذي دعا إلى تأسيسه خادم الحرمين الشريفين، والاجتماع الوزاري سيوافق عليها. الأمر الآخر هو «كيفية معالجة التذبذبات»، وفي هذا الجانب أُقر برنامج عمل من أكثر من 50 دولة لدعم الوصول إلى حلول أو تقديم مقترحات تحد قدر الإمكان عملية تذبذب الأسعار».

وأشار إلى وجود بوادر ملحوظة على عودة النمو إلى الاقتصاد العالمي، وهو ما يسعى الجميع إلى تحقيقه، راجيا استمرار هذا التحسن، وصولا إلى استعادة الثقة بجميع الاقتصادات العالمية، وتحقيق نمو اقتصادي يسهم بدوره في مزيد من الطلب على الطاقة.

وأضاف: «سنشهد نموا على الطاقة، لكنه سيتباين بين الدول الناشئة، مثل الهند والصين والشرق الأوسط؛ التغير في المكان لكن الطلب مستمر»، معتبرا أن السعر العادل هو الذي أعلن عنه خادم الحرمين منذ عام والذي يتراوح بين 70 و80 دولارا، معتبرا إياه سعرا مناسبا للمنتجين والمستهلكين، مشيرا إلى أن استقراره سيمكن المنتجين من الاستثمار في المجال النفطي وتوفير احتياطات إضافية.

إلى ذلك، أكد صالح الشهري نائب رئيس الأرصاد وحماية البيئة الرئيس التنفيذي للمنتدى، في الجلسة الأولى من فعاليات المنتدى، أن السعودية ودول الخليج العربي وضعت في قمة أولوياتها البيئة والحفاظ عليها، وجعلتها محورا استراتيجيا في عملية التنمية.

واستعرض الدكتور عبد الرحمن العوضي، الأمين التنفيذي بالمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، تقنيات التعامل مع المياه العادية في الصرف الصحي، معتبرا إياه «المدخل الرئيس لمستقبل المياه في العالم، لأن المليارات تنفق لإنتاج المياه من التقطير»، مشيرا إلى ضرورة عدم خسارة أي جزء منها من أجل التنمية.

وقال الدكتور العوضي: «إن بعض دول العالم المتقدمة تمكنت من استخدام مياه الصرف الصحي والاستفادة منها باعتبارها أساليبا جديدة لتغطية ندرة المياه في العالم، حتى إن بعض هذه الدول استخدمت مياه الصرف الصحي للشرب، ولا بد من أن تستفيد الدول النامية من هذه التقنيات المتقدمة».

أما الممثل المقيم المساعد في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتورة ميسم وفيق، فأشارت إلى أن السعودية ودول الخليج تهتم بمصادر المياه واستخداماتها بسبب الطلب العالي عليها، مما دفع هذه البلدان إلى السعي إلى تأمين مياه أكثر لعدد أكبر من السكان الذين يتزايدون في كل مناطق العالم.

ولفتت الدكتورة وفيق إلى وجود مشكلات كبيرة في الدول العربية في ما يتعلق بندرة المياه، حيث تبلغ نسبة المياه الموجودة 1 في المائة فقط من إجمالي كميات المياه الموجودة في العالم، في حين يزداد عدد سكان هذه الدول بنسبة 5 في المائة سنويا.

فيما نوه المهندس خالد أبو الليف، كبير المستشارين في شركة «أرامكو»، في الجلسة الثانية من المنتدى، إلى أن السعودية فتحت أبواب الاستثمار في مجال المحافظة على البيئة والحياة الفطرية وتهيئة التكنولوجيا المتقدمة، كما أن السعودية ودول الخليج وضعت استراتيجيات مشتركة من التفاهم والتواصل المناخي للمحافظة على البيئة، واستخدام التكنولوجيا الملائمة التي تهدف إلى تغيير حياتنا، وتحويل القرارات إلى عمل وخطوات تنفيذية للمحافظة على الأجيال القادمة في بيئة نظيفة.

ولفت إلى التحرك الخليجي لإنشاء مشروعات في مجال الطاقة البديلة والمتجددة للخروج من أزمة انبعاث المخلفات المدمرة للبيئة، مشيرا إلى أن هذه الدول تسعى حاليا إلى تبني الطاقة الشمسية وتوليد الهيدروجين منها، للحد من الانبعاثات الحرارية والغازية.

ودعا إلى ضرورة تخفيف الإجراءات للإسهام في تسريع الخيارات في ما يتعلق بالمجال البيئي، وسن التشريعات واللوائح التي تحقق نتائج إيجابية، حيث تحتاج دول الخليج في المستقبل المنظور والبعيد إلى تنويع مصادر الطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكيفية استخدام الموارد المتوافرة للحفاظ على البيئة، إلى جانب العمل مع منظمة الأمم المتحدة للوصول إلى قواسم مشتركة في الاستثمارات، التي ستُضخ في التقنيات المستقبلية، لافتا إلى وجود خريطة طريق تتمثل في تقنية إدارة الكربون، ومعرفة مصادرها الكثيرة من سيارات وسفن وقطاعات النقل.