خبير لـ «الشرق الأوسط»: دول الخليج تمتلك أكثر من 45% من الطاقة العالمية للتحلية

بمناسبة الاحتفال بيوم المياه العالمي.. الأمين العام للأمم المتحدة: المياه ترتبط بكل أهداف التنمية

TT

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن المزيد من الناس يموتون من المياه غير الصالحة للشرب أكثر مما يموتون من جميع أشكال العنف، بما في ذلك الحروب. وطالب الأمين العام بمزيد من الحماية وإدارة مستديمة لواحد من أكثر الموارد قيمة في الأرض بمناسبة يوم المياه العالمي الذي يوافق 22 مارس (آذار) من كل عام.

وقال الأمين العام: «إن هذه الوفيات هي تحدٍ لمشاعرنا الإنسانية وتضعف جهود الكثير من البلاد لتحقيق إمكانياتهم التنموية». وتجدر الإشارة إلى أن احتفالات اليوم العالمي للمياه تركز في العام الحالي على «المياه النظيفة لعالم صحي».

وأوضح بان أن المياه ترتبط ارتباطا حيويا بكل أهداف الأمم المتحدة للتنمية، بما في ذلك صحة الأمهات والأطفال ومعدلات العمر وتمكين المرأة. ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف)، تبقى الميكروبات المنقولة عن طريق المياه والمسببة للإسهال غير مكتشفة في مناطق العالم التي تعاني من أعلى معدلات الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة الناجمة عن العدوى المعوية. وفي هذا السياق، أفاد رولف لوينديج، وهو خبير إحصاء في مجال المياه والصرف الصحي في «اليونيسيف»، بأن «هناك تفسيرات مختلفة لسلامة المياه بين الوزارات (التي تعمل في مجال المياه)، مما يجعل من الصعب التوصل إلى نتيجة موحدة حول نوعية المياه». وأضاف أن الصنابير والآبار المغطاة والينابيع ومياه الأمطار تعتبر مصادر مياه «محسَّنة» و«آمنة» لكنها لا تضمن كون المياه صالحة للشرب.

وأشار الدكتور وليد خليل زباريه، أستاذ إدارة الموارد المائية وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج العربي، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن دول مجلس التعاون لجأت منذ الستينات من القرن المنصرم إلى خيار التحلية لتلبية المتطلبات المائية للقطاع المنزلي المتزايدة، التي لا يمكن تلبيتها بواسطة الموارد الطبيعية (المياه الجوفية) بسبب محدودية هذه الموارد. وذلك بالإضافة إلى عدم ملاءمة نوعية الكثير منها لمواصفات مياه الشرب والمياه المنزلية.

ومع الزيادة السكانية ومعدلات التحضر التي شهدتها دول المجلس في النصف الثاني لعقد السبعينات توسعت هذه الدول في عملية إنشاء محطات التحلية بشكل كبير لتلبية الزيادة السريعة في الطلب على المياه البلدية، ووصلت الطاقة الإجمالية للتحلية إلى أكثر من 3.5 مليار متر مكعب في العام، وأصبحت مجتمعة تمتلك أكثر من 45 في المائة من الطاقة العالمية للتحلية.

وتطرق الدكتور زيباري إلى المشكلات التي تكتنف هذه العملية ومن أهمها العبء المالي المرتفع على موازنات دول المجلس، ولقد تم تقدير المبالغ المالية التي تم إنفاقها على إنشاء محطات التحلية حتى عام 2000 فقط في هذه الدول، بأكثر من 25 مليار دولار، الأمر الذي يشكل استنزافا لموازنات دول المجلس، وخصوصا أن المياه البلدية في دول المجلس مدعومة بنسب كبيرة تتراوح ما بين 75 إلى 90 في المائة، مما يؤدي إلى استحالة استرجاع التكاليف. وأضاف أن المشكلات البيئية لإنتاج محطات التحلية، التي تشمل تلوث الهواء بسبب الانبعاثات الكربونية من محطات التحلية وتلويث الهواء في المناطق الحضرية القريبة من محطات التحلية. وعلى الرغم من امتلاك دول المجلس طاقة تحلية كبيرة، فإنها لا تمتلك هذه التقنية وما زالت تستوردها، مما يؤدي إلى انخفاض القيمة المضافة لمشاريع وصناعات التحلية لاقتصاديات دول المجلس.

وأوضح تقرير جديد صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن طفلا يموت كل 20 ثانية بسبب أحد الأمراض المنقولة عن طريق المياه، وهو ما يصل إلى 1.8 مليون طفل دون سن الخامسة سنويا. وأفاد أيضا أنه يتم التخلص من ملايين الأطنان من النفايات الصلبة في مجاري المياه كل يوم مما يتسبب في تفشي الأمراض.

وفي هذا السياق، قال كريستيان نيلمان، المؤلف الرئيسي للتقرير إن «أكثر من ملياري طن من مياه الصرف الصحي تصب في مصادر مياهنا العذبة وفي المحيطات كل يوم وباستمرار».

وتتسرب المياه المستعملة، وهي خليط من المخلفات الزراعية والصناعية ومياه الصرف الصحي، إلى المياه الجوفية وتلوث مصادر مياه الشرب مثل الآبار في المناطق المنخفضة، حيث يعيش الجزء الأكبر من سكان العالم.

وقال نيلمان إنه ينبغي أن تستثمر كل بلدان العالم ليس فقط في البنى التحتية لإدارة المياه المستعملة، وإنما في الأنظمة الإيكولوجية أيضا، كأن تقوم بإعادة زراعة أشجار المانغروف، مثلا، التي كانت بمثابة مرشحات طبيعية في المناطق الساحلية. وقال إن «أكثر ما يثير القلق كمية النيتروجين والفوسفات التي تندثر مع المخلفات الزراعية، إذ تشير التوقعات إلى أن الفوسفات سينفد في وقت قريب جدا».