دبي تقدم 9.5 مليار دولار لإعادة هيكلة «دبي العالمية» بشرط موافقة الدائنين

5.7 مليار دولار دعم مقدم من حكومة أبوظبي > حكومة دبي ستتملك «نخيل» بالكامل

سوق دبي المالي تفاعل ايجابا مع قرارات اعادة هيكلة «دبي العالمية» وارتفع مؤشر السوق أمس بأكثر من 4% (رويترز)
TT

بعد طول ترقب وانتظار عاشتها الأوساط الاقتصادية في الإمارات والمنطقة منذ الإعلان عن أزمة ديون «دبي العالمية»، أعلنت مجموعة «دبي العالمية» أمس أنها قدمت مقترحا إلى دائنيها لإعادة الجدولة، فيما طرحت شركة «نخيل» خطة شاملة لإعادة هيكلة ديونها والتزاماتها، ليأتي ذلك في ضوء الإعلان الأهم لحكومة دبي عن مساندتها ودعمها لهذه المقترحات من خلال توفير دعم مالي جديد مقداره 9.5 مليار دولار أميركي طيلة مدة خطة العمل تحصل من خلاله «نخيل» على 8 مليارات دولار و«دبي العالمية» على 1.5 مليار دولار شرط موافقة الدائنين على الخطة المقدمة لإعادة الرسملة.

وكان لافتا ما أعلنه مسؤول كبير من «دبي العالمية» عن أن حكومة دبي ستمتلك شركة «نخيل» العقارية بالكامل حالما تستكمل خطة إعادة هيكلة الديون، فيما استقبلت أسواق الإمارات أمس وعلى رأسها دبي النبأ بإيجابية كبيرة، دفعت مؤشر سوق دبي إلى أعلى مستوياته منذ بداية يناير (كانون الثاني) الماضي. لكن ما يفهم من بيان «نخيل» و«دبي العالمية» أن الدعم الحكومي «الكبير» لنخيل الذي يقارب 8 مليارات دولار لا يزال رهنا بالتوصل إلى اتفاق الشركة مع دائنيها على خطة إعادة الرسملة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو ما يرد في بيان «نخيل»، بمعنى أن السيولة لن تضخ للشركة قبل الوصول إلى اتفاق يوافق عليه الأطراف إلا أن الصندوق سيمنح «نخيل» تمويلا جديدا بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن خطة إعادة الرسملة، وفقا لطلب من «نخيل» «كي تدفع لشركات المقاولات لاستكمال العمل في المشاريع قريبة الأمد».

وهذه بكل الأحوال خطوة إيجابية ومؤشر تحسن في الوضع المالي، لكن التمويل المقدم لـ«نخيل» على ما يبدو سيستخدم لتسريع إنجاز المشاريع شبه الجاهزة وتسديد صغار المقاولين لتحريك السوق وكذلك لتقوية الموقف التفاوضي لشركة «نخيل» أمام دائنيها الكبار، وهو ما يذهب إليه المحلل المالي أيمن عبد النور.

إذن بموجب الدعم الجديد ستحصل «نخيل» على 8 مليارات دولار بعد التوصل إلى اتفاق مع الدائنين على خطة هيكلتها لكنها ستحصل أيضا على 1.5 مليار أخرى، قبل التوصل لاتفاق كي تدفع لشركات المقاولات لاستكمال العمل في المشاريع قريبة الأمد، كما اقترح صندوق دبي للدعم المالي، التابع لحكومة دبي، تحويل ما قيمته 1.2 مليار دولار أميركي من ديونه القائمة على شركة «نخيل» إلى أسهم فيها.

ويرى المحلل أيمن عبد النور أن «المليارات الثمانية ستقوي الموقف التفاوضي لنخيل مع الدائنين فيما سيستخدم 1.5 مليار لسداد المستحقات للمقاولين وسيستفيد منه المقاولون الصغار الذين سيقبضون مستحقاتهم بالكامل وبالتالي فهذه السيولة ستضخ في الأسواق لتعيد تحريكها وكذلك سيستفيد المقاولون الكبار ليبدأوا العمل بعد أن توقفوا في الفترة السابقة وهذا من شأنه إنجاز أعمال وتسليمها. أما الاقتراح بالتحويل إلى أسهم فسيخفف من إجمالي الديون على نخيل وفوائدها التي كانت ستظهر في التقرير الربعي وذلك عن طريق تحويل 1.2 مليار دولار منها لأسهم».

وبموجب الدعم الحكومي ستحصل شركة «دبي العالمية» الأم على دعم نقدي يصل إلى 1.5 مليار دولار أميركي لتمويل الرأسمال العامل للشركة وسداد التزامات مدفوعات الفوائد التي سوف تترتب على الشركة جراء التسهيلات الائتمانية الجديدة التي ستحصل عليها.

وقال الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي أمس إن حكومة دبي ومن خلال صندوق دبي للدعم المالي، ستساند وتدعم مقترحات كل من «نخيل» و«دبي العالمية» من خلال توفير الموارد المالية اللازمة، حيث تعهدت الحكومة بتقديم دعم مالي قدره 9.5 مليار دولار أميركي كدعم مالي جديد، طيلة مدة خطة العمل، لافتا إلى أن «دبي العالمية» وشركة «نخيل» ستعلنان كل على حدة عن خطتهما الشاملة لإعادة هيكلة التزاماتهما التي من شأنها أن تضعهما في مركز مالي جيد. ويشكل هذا المبلغ وفقا لحكومة دبي حصيلة ما تبقى من المبلغ الذي قدمته حكومة أبوظبي البالغ 5.7 مليار دولار، إضافة إلى موارد داخلية خاصة بحكومة دبي.

وتابع المسؤول الحكومي أن دبي قد واجهت تحديات كبيرة نجمت عن الأزمة الاقتصادية العالمية غير المسبوقة، ولهذا عمدت إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وحلول جذرية لمواجهة هذه التحديات بغرض بناء قاعدة صلبة لنمو متوازن في المستقبل. وأعلنت «نخيل العقارية»، عن خطة شاملة لإعادة هيكلة ديونها والتزاماتها وإعادة رسملة نفسها من خلال منح جميع الدائنين 100% من المبالغ المستحقة لهم والمتفق عليها، والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها من خلال الاستكمال الفوري للمشاريع قريبة الأمد وفقا لخطة «نخيل» لإعادة الهيكلة التي تشير إلى أن «نخيل» ستسعى للعمل مع دائنيها على التوصل إلى اتفاق حول خطة إعادة الرسملة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، حيث إن دعم الحكومة رهن بالتوصل إلى ذلك الاتفاق.. إلا أن «نخيل» أشارت إلى أن صندوق دبي سيمنحها تمويلا جديدا بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن خطة إعادة الرسملة، وفقا لطلبها كي تدفع لشركات المقاولات لاستكمال العمل في المشاريع قريبة الأمد.

وفي تفاصيل خطة إعادة الرسملة التي ترى «نخيل» أنها توفر للعملاء والدائنين، طريقة عادلة ومنصفة لتحصيل حقوقهم بعد محادثات معقدة ومستفيضة أجرتها مع أصحاب العلاقة والحكومة، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، ستخصص الشركة جزءا كبيرا من الأموال التي سيقدمها لها الصندوق لاستكمال بناء المشاريع قريبة الأمد «وسوف تتمكن نخيل عندئذ من تزويد عملائها بمعلومات واضحة عن مواعيد إنجاز وتسليم تلك المشاريع». ووفقا للخطة ستواصل «نخيل» تزويد عملائها الذين استثمروا في مشاريعها طويلة الأجل، بخيار الحصول على تسهيلات ائتمانية تعادل 100 في المائة من قيمة الأقساط التي دفعوها، واستبدالها بمشتريات في المشاريع التي شارفت على الاكتمال، بالأسعار السائدة في السوق اليوم. وسوف يتيح هذا الاقتراح للعملاء الذين استثمروا في مشاريع الشركة طويلة الأجل، ولا يرغبون باستبدال عقاراتهم بأخرى في مشاريع على وشك الاكتمال، الحصول على برنامج سداد معدَّل أو الاحتفاظ بتسهيلاتهم الائتمانية القابلة للتحويل لمدة خمس سنوات. وبذلك سوف يتمكن العملاء من استبدال تسهيلاتهم الائتمانية خلال تلك المدة بعقارات أو أراضٍ أو نقدا بنهاية مهلة السنوات الخمس. ولا تخضع تلك التسهيلات إلى دفع أي فوائد عليها.

وفيما يتعلق بالدائنين من التجار والمقاولين تنص خطة «نخيل» على أن الشركة سوف تعرض على الدائنين تسديد 100 في المائة من قيمة أصول مطالباتهم المتفق عليها من خلال تسديد 40 في المائة من قيمة تلك الأصول نقدا (استنادا إلى تقديرات القيمة المتفق عليها)، وتسديد 60 في المائة من قيمة تلك الأصول على شكل سندات قابلة للتداول في الأسواق (استنادا إلى تقديرات القيمة الراهنة) بسعر فائدة تجاري. ووفقا لـ«نخيل» سوف يحصل المقرضون المضمونون (البنوك الدائنة المضمونة) بموجب التسهيلات الائتمانية المؤتلفة والخاصة بنوادي الدائنين والثنائية، على 100 في المائة من قيمة أصول ديونهم والفوائد المستحقة أو الأرباح، عبر عملية إعادة جدولة وتمديد آجال استحقاق التسهيلات الائتمانية القائمة بأسعار فائدة مرتبطة بسعر فائدة «إيبور/ ليبور». وفي حال حصول الاقتراح على دعم كاف، فإن صكوك نخيل التي تستحق عامي 2010 و2011 سوف تدفع في مواعيد استحقاقها المحددة.

وبخصوص البنوك الدائنة غير المضمونة فسوف يحصل حملة سندات نادي تسهيل إجارة الائتماني غير المضمون التابع لـ«نخيل» على نسبة 100 في المائة من قيمة أصول ديونهم والفوائد المستحقة عليها أو الأرباح، عبر تسهيلات ائتمانية جديدة، مع بقاء أي دعم ائتماني قائم ومقدم من قبل الغير في مكانه. إلى ذلك، ووفقا لبيان «نخيل» فقد اقترح صندوق دبي للدعم المالي إضافة إلى دعمه المالي الجديد للشركة، تحويل قرض بقيمة 1.2 مليار دولار أميركي سبق وأن منحه لشركة «نخيل» إلى أسهم فيها. وسوف يقوم الصندوق بتحويل المبلغ الجديد بقيمة 8 مليارات دولار أميركي إلى أسهم في الشركة مرهونا بإتمام عملية إعادة هيكلة «نخيل» و«دبي العالمية» بنجاح.

بالتزامن مع ذلك كانت شركة «دبي العالمية» أعلنت أمس أنها قدمت مقترحا بشأن عملية إعادة هيكلتها.. إلى لجنة التنسيق التي تمثل دائني الشركة الماليين لإعادة جدولة ما قيمته 23.5 مليار دولار أميركي من إجمالي الديون المستقلة المترتبة على الشركة حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) 2009 والضمانات التي التزمت بها «دبي العالمية».. فيما تخضع عملية إعادة الهيكلة المقترحة لموافقة دائني الشركة التي سوف تسعى للحصول عليها خلال الأسابيع المقبلة.

وقالت حكومة دبي إن صندوق دبي للدعم المالي سيضخ سيولة نقدية تصل إلى 1.5 مليار دولار أميركي في شركة «دبي العالمية» لتمويل الرأسمال العامل للشركة وسداد التزامات مدفوعات الفوائد التي سوف تترتب على الشركة جراء التسهيلات الائتمانية الجديدة التي ستحصل عليها.

وفي تعقيب على اقتراح «دبي العالمية».. قال أيدان بيركِت كبير مسؤولي إعادة الهيكلة في شركة «دبي العالمية»: «إن المقترح يمثل أفضل حل ممكن بالنسبة لأصحاب المصلحة بعد محادثات مستفيضة أجريناها مع دائنينا ودراسة متعمقة لأعمال شركة دبي العالمية ودعما ماليا كبيرا من قبل الحكومة».. مشيرا إلى أن المقترح يوفر للشركة مستقبلا قويا وفرصة زيادة قيمة أصولها على المدى المتوسط والطويل الأجل.

ونقلت وكالة «رويترز» عن بيركت أمس قوله إن حكومة دبي ستملك شركة «نخيل العقارية» بالكامل حالما تستكمل خطة إعادة هيكلة الديون. «الحكومة أحد دائني نخيل كما أنها تضخ سيولة جديدة بثمانية مليارات دولار. في نهاية المطاف ستتحول هذه إلى مساهمة رأسمالية أيضا. نتيجة لهذا لن تصبح نخيل وحدة لدبي العالمية وستصبح وحدة مملوكة مباشرة للحكومة. من ثم سيؤول الأمر إلى ملكية حكومية كاملة». مشيرا إلى أن أي عمليات بيع أصول ستجري «في الوقت المناسب وبالقيمة المناسبة».

وتبلغ القيمة الإجمالية للديون غير المسددة والمترتبة على شركة «دبي العالمية» تجاه دائنيها غير شاملة للمطالبات القائمة والخاصة بصندوق دبي للدعم المالي ما يعادل 14.2 مليار دولار أميركي كما في 31 ديسمبر 2009. وتقترح حكومة دبي، ممثلة بصندوق دبي للدعم المالي، تحويل مطالباتها للشركة وقيمتها 8.9 مليار دولار أميركي التي تمثل 38 في المائة من إجمالي الديون المستقلة والضمانات التي التزمت بها شركة «دبي العالمية» إلى أسهم في الشركة مما يعطي أولوية لمطالبات الدائنين الآخرين.