قطر تجذب الشركات الفرنسية للاستثمار وتغريها بنمو 16% في 2010

رئيس الوزراء القطري: تأثير الأزمة المالية كان ضعيفا على الاقتصاد الوطني

الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، يتوسط كلا محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة القطري، ورئيس مجلس إدارة شركة «توتال» النفطية الفرنسية، كريستوف دي مارجيري (أ.ب)
TT

اختارت قطر العاصمة الفرنسية، للمرة الأولى، مكانا لعقد «منتدى قطر الخامس للاستثمار والمال»، الذي يعقد ليومين. وشهد، أمس، حضورا كثيفا لجهة الرسميين من الجانبين، أو لجهة الشركات الفرنسية والقطرية، التي كانت موجودة فيه، فضلا عن غنى المحاور التي دارت عليها الكلمات والمناقشات. وعلى هامش المنتدى تم توقيع اتفاقيتان، الأولى نفطية وقعت بين شركة «توتال» الفرنسية، وشركة «نفط قطر» عبر شراكة للاستثمار النفطي، وتحديدا في قطاعي التنقيب والإنتاج في أفريقيا الغربية، والثانية اتفاق مالي بين البنوك الفرنسية وبين «مصرف قطر الإسلامي» في الوقت الذي تسعى فيه فرنسا لاجتذاب قسم من «الأموال الإسلامية»، عبر تشجيع دخول الصناعة المالية الإسلامية إلى أسواقها.

وافتتح المؤتمر الشيخ حمد بن حاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، ووزير الخارجية، في حضور نظيره الفرنسي، فرنسوا فيون، ووزيرة الاقتصاد، كريستين لاغارد، ونظيرها القطري، يوسف حسين كامل، ومجموعة من الوزراء القطريين والفرنسيين، ومسؤولي كبريات الشركات الفرنسية والقطرية، الذين غصت بهم صالونات أحد الفنادق الباريسية الكبرى.

ويهدف المؤتمر إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد القطري، وإلى الترويج للبيئة الاستثمارية التي هيأتها سلطات الدوحة على الأصعدة التشريعية والمالية والضرائبية وعلى المحفزات المتوافرة لديها، مع التأكيد على فتح قطاعات الاقتصاد القطري كافة في وجه المستثمرين الفرنسيين والأجانب. ودارت أعمال المنتدى حول مجموعة من المحاور منها: البيئة الاستثمارية في قطر، الطاقة، البنى التحتية والقطاع العقاري، الصحة والتعليم والبيئة، السياحة والرياضة والثقافة، قطاع المال والتأمين.

وفي الكلمة التي ألقاها، نوه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بصلابة الاقتصاد القطري التي ظهرت خلال الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة، حيث كان أثرها عليه ضعيفا جدا، عارضا الخطوات المالية والاستثمارية التي عمدت إليها الدولة من أجل امتصاص الأزمة في القطاعين العام والخاص. وقال المسؤول القطري لرجال الأعمال الموجودين في المؤتمر: «ما يهمنا هو دعوتكم لتبادل الخبرة والمعرفة والمشاركة في استثمارات أمينة ومربحة، والاستفادة من السياسة الاستثمارية للحكومة القطرية». وأشار الشيخ حمد إلى التعديلات التي أدخلت على التشريعات، وخصوصا خفض الضرائب على الأرباح من 35 في المائة إلى 10 في المائة، وإلى فتح باب الاستثمار من غير قيود، وهي تصل في عدد كبير من القطاعات إلى 100 في المائة. ونوه الشيخ حمد بـ«الشفافية» الاقتصادية والمالية في قطر، وهو ما عكسته تقارير «منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية»، التي تضم الدول المتقدمة. والأهم في كل ما عرضه النسبة المرتفعة للنمو الاقتصادي في قطر، حيث بلغ 11 في المائة العام الماضي، ويتوقع أن يصل إلى 16 في المائة العام الحالي.

وشدد رئيس الوزراء على خطة قطر في تنويع مواردها واقتصادها عبر مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي، علما بأن الطاقة توفر 71 في المائة، في الوقت الحاضر، من عائدات قطر بفضل مبيعات النفط والغاز الطبيعي المسال، حيث إن قطر أصبحت أول منتج ومصدر لهذه المادة في العالم. غير أن المسؤول القطري دعا إلى تكثيف الشراكات في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، التي توفر قيمة مضافة تكنولوجية وريادة صناعية، وتعتمد على المواد الخام الموجودة في قطر.

وجاءت كلمة رئيس الوزراء الفرنسي في السياق نفسه، غير أنه ركز عل العلاقات الثنائية، التي وصفها بأنها «استثنائية» في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمالية والنفطية والغازية كافة. غير أن فيون استفاد من المناسبة ليوجه رسائل عدة إلى الشريك القطري، أولها رغبة فرنسا في تعميق تعاونها الدفاعي مع الدوحة، والعمل معا على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، خصوصا أن البلدين «يقدمان إسهاما حاسما لخفض التوترات في الشرق الأوسط».

أما الرسالة الثانية، فهي الدعوة إلى رصد مكان مرموق للشركات الفرنسية في المشاريع القطرية الكبرى. وقال فيون: «تأكدوا من أن شركاتنا الكبرى والمتوسطة والصغرى، معبأة للاستجابة لتطلعاتكم وحاجاتكم، وإني أعبر عن أملي في مشاركتها في مشروعكم العملاق في بناء المدينة الجديدة في منطقة السيل».

أما الرسالة الثالثة لفيون، فتتناول المبادلات التجارية بين البلدين، حيث قال: «يتعين علينا أن نتوصل إلى زيادة حصتنا في السوق القطرية، التي لا تتناسب اليوم مع النوعية العالية لعلاقاتنا السياسية».

ومن جانبها، وجهت كريستين لاغارد رسالة أساسية إلى الجانب القطري، مفادها رغبة باريس في التوصل إلى رسم استراتيجية شراكة للاستثمار المشترك بعيد المدى، والتعاون بين الصناديق السيادية للطرفين، ولرغبة باريس في تطوير التعاون بين مركز الدوحة المالي والساحة المالية الباريسية. ومرة أخرى، شددت لاغارد على التزامها توفير البيئة المناسبة لقيام صناعة مالية إسلامية في فرنسا. واختتمت كلمتها بالقول بأنها تريد «شهر عسل» بين باريس والدوحة، يدوم أكثر مما دامت ألف ليلة وليلة. وفيما تدعو قطر لاستثمارات في اقتصادها، فإنها تريد زيادة استثماراتها العقارية والصناعية في فرنسا. وترغب قطر في الدخول في رأسمال مال شركة «أريفا» المتخصصة في المجالات النووية المدنية، وشركة «الصناعات الجوية والفضائية الأوروبية»، التي تصنع إيرباص، وشركات أخرى فرنسية رئيسية.