تقرير: قلة القروض وإقبال القطاع الخاص أكبر تحديات اقتصاديات الخليج خلال 2010

«السعودي الفرنسي»: اقتصاد السعودية يبقى الأقوى في المنطقة.. وعوائد صادرات النفط ستؤدي حتما إلى فائض في الحساب الجاري للمملكة

TT

كشف تقرير اقتصادي حديث أن بقاء أسعار النفط في حدود 70 دولارا للبرميل سيساهم في تعزيز الوضع المالي للاقتصاديات الخليجية، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد السعودي سيكون الأقوى في منطقة الخليج، وسيحتل الصدارة بين جميع اقتصاديات المنطقة.

وأوضح تقرير البنك السعودي الفرنسي، الذي حمل عنوان «اقتصاديات دول الخليج ترتفع بعد هبوط حاد.. والتفاضل واضح»، أن تراجع الثقة وقلة توافر القروض المصرفية وقلة إقبال القطاع الخاص تعيق النمو، ولا سيما أن التضخم لا يمثل مشكلة حتى الآن، مبينا أن الطلب المحلي يبقى منخفضا والدولار الأميركي ثابتا.

وقال الدكتور جون اسفيكياناكيس المدير العام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي إنه خلال الشهرين الأولين من عام 2010، ارتفع متوسط أسعار النفط إلى 77 دولارا للبرميل، وارتفع إلى ما يزيد عن 80 دولارا في مارس، الأمر الذي عزز التعافي الحذر في دول منطقة الخليج. وأضاف اسفيكياناكيس أن العقبة الأكبر التي تواجه المنطقة المصدرة للنفط تبقى قلة توافر القروض المصرفية أو إقبال القطاع الخاص، وحالة الغموض التي تكتنف مدى جدية مشكلات الديون في دبي، وكمية القروض الجديدة المتعثرة وغير العاملة في ميزانيات البنوك والمصارف التجارية.

وأوضح في التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن عام 2010 يبقى عاما للتعافي الحذر، إلا أن التفاضل يتكشف بوضوح في منطقة الخليج، وتحتفظ السعودية بأقوى التوقعات بالنسبة لاقتصادها الكلي وتليها كل من أبوظبي وقطر.

ولفت مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي، إلى أن السعودية أخذت على عاتقها تنفيذ خطة لإنفاق 400 مليار دولار على مدى خمس سنوات في عام 2008، التي تعتبر أكبر عملية تهدف إلى تنشيط الحياة المالية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في مجموعة العشرين بحسب بتقديرات صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن تلك الخطة الخمسية تعتمد على الأصول الخارجية للبنك المركزي (مؤسسة النقد العربي السعودي) التي تبلغ بحسب آخر التقديرات 415 مليار دولار، أي ما يزيد على 111 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009.

وأضاف أن الحكومة السعودية أنفقت حتى الآن ما يقرب من ثلث هذا المبلغ، مما يجعلها في وضع قوي للوفاء بالتزامها حتى عام 2013، وبين أن المملكة سجلت عجزا طفيفا في ميزانية 2009، ونجحت كذلك في خفض ديونها منذ عام 2002، وليس هناك ما يمنع من استمرارها على هذا النحو خلال العام الحالي، مشيرا إلى أن ديون الحكومة قدرت بنحو 13.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010.

وذهب التقرير إلى إن عوائد صادرات النفط ستؤدي حتما إلى فائض في الحساب الجاري والميزانية العامة لعام 2010، حيث إن الديون التجارية الإجمالية الخارجية تبقى الأقل في منطقة الخليج، كما أن جميع الديون المترتبة على الحكومة السعودية تبقى محلية، في حين أظهرت السعودية أخيرا عدم وجود فقاعات للأصول واعتمدت قانونا جديدا للرهن - من المتوقع أن يصدر في النصف الثاني من عام 2010 - الذي يمكن أن يوفر المزيد من الأموال على المدى المتوسط للإسكان والوساطة المالية للمصارف.

وأشار اسفيكياناكيس إلى أن قصة النمو السعودي تحظى بدعم خمسة وعشرين مليونا من السكان بما في ذلك 7.5 مليون وافد تقريبا، ومعدل نمو سنوي للسكان يصل إلى 2.5 في المائة تقريبا، مشيرا إلى إن التوجهات الإيجابية تظهر واضحة في بيانات القروض المصرفية والتجارة الخارجية، حيث سجلت الواردات والصادرات غير النفطية أفضل معدلاتها في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2009. وفي الشأن الإماراتي، أوضح التقرير أن الاقتصاد يتعافى بمعدلات أبطأ وذلك نتيجة انخفاض أسعار العقارات وانخفاض الطلب المحلي، حيث إن إمارة أبوظبي التي تمتلك الحصة الأكبر من احتياطيات النفط في البلاد، تبقى أكثر ثراء وأقل ديونا من إمارة دبي، ومن المتوقع أن تسجل ارتفاعا في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3.8 في المائة في عام 2010، في حين سيشهد الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي تراجعا وانكماشا.

إلا أن التقرير أشار إلى أن مصارف أبوظبي وشركاتها التجارية العائلية، تبقى مكشوفة على قطاع العقارات في دبي.

وأوضح مدير عام وكبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي أنه من المرشح أن تشهد قطر أسرع نمو في الناتج المحلي الإجمالي في العالم ليصل إلى 19.2 في المائة، وذلك مع زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي، ولكنها لا تزال تعاني من حلقة مفرغة من الانكماش بسبب تراجع أسعار العقارات، الذي من المتوقع أن يستمر هذا العام بسبب زيادة العرض.

وبين التقرير أن أسعار الاستهلاك في قطر انخفضت بنحو 4.7 في المائة عام 2009، ووصل معدل الانكماش إلى 5.7 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2010. وأوضح أن الإمارات لا تزال تشهد معدلات منخفضة من التضخم تقدر بنحو 2.4 في المائة في عام 2010 مقارنة بنحو 1.6 في المائة عام 2009. وأشار إلى أن أماكن أخرى، توجد زيادة مطردة فيها من التضخم بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والإيجارات الثابتة في بعض الأسواق، موضحا أن معدل التضخم ارتفع في المملكة إلى 4.6 في المائة في فبراير (شباط)، ولكنه تراجع في عُمان لما دون الواحد في المائة خلال العام الماضي ليرتفع إلى 1.7 في المائة. وقال اسفيكياناكيس إنه في يناير أقر البرلمان الكويتي خطة تنمية تمتد 4 سنوات، تهدف إلى تنشيط القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على موارد النفط، وذلك باعتماد مبلغ 104 مليارات دولار، ولتعزيز هذه الخطة عمد البنك المركزي إلى خفض المعدل الأساسي للخصم إلى 2.5 في المائة.