بعد خسارة 8 ملايين وظيفة منذ بدء الركود الاقتصادي.. نمو طفيف في معدلات التوظيف في أميركا

أوباما يؤكد أنه «أفضل خبر سمعه خلال أكثر من عامين».. لكنه يحرص على عدم رفع سقف طموحاته بشكل مبالغ

الرئيس أوباما يلقي خطبة عن الوظائف والاقتصاد في مصنع للبطاريات في نورث كارولينا («نيويورك تايمز»)
TT

بعد خسارة ثمانية ملايين وظيفة منذ بدء الركود الاقتصادي في ديسمبر (كانون الأول) 2007، بدأت سجلات الرواتب تشهد زيادة في معدلات التوظيف خلال مارس (آذار)، وذلك حسب ما أوردته وزارة العمل يوم الجمعة، حيث أضيفت 162 ألف وظيفة غير زراعية خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، بقي معدل البطالة مستقرا عند 9.7 في المائة بمختلف أنحاء البلاد.

وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال كلمة له داخل تشارلوت بولاية نورث كارولينا: «بدأ الوضع في التحسن»، ووصف ذلك بأنه «أفضل خبر نسمعه فيما يتعلق بالوظائف خلال أكثر من عامين».

وعلى الرغم من أن جميع الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، فقد كان حريصا على ألا يرفع سقف الطموحات بصورة مبالغ فيها. وأضاف الرئيس أوباما: «سنحتاج إلى وقت كي نحقق النمو القوي والمستدام الذي نريده في الوظائف».

ويحتاج الاقتصاد إلى خلق أكثر من 100 ألف وظيفة في الشهر لاستيعاب الأفراد الجدد داخل سوق العمل، ناهيك عن توفير أسباب المعيشة لـ15 مليون أميركي يبحثون عن العمل فعلا. ومن دون نمو قوي مستمر، لن تتغير معدلات البطالة. وفي الواقع، توقع مكتب الميزانية داخل الكونغرس أن تتراوح المعدلات حول 10 في المائة خلال الفترة الباقية من العام الحالي.

ومع ذلك، يرى اقتصاديون إشارات في التقرير الأخير تفيد بأن الاقتصاد سوف يحقق تقدما مستقرا ولكنه بطيئا.

ويقول جون ريدنيغ، الاقتصادي البارز داخل «آر دي كيو للاقتصادات»: «أظهرت القطاعات الكبرى كافة، فيما عدا المعلومات والخدمات المالية، تقدما في خلق الوظائف».

وقد كان النمو في الوظائف داخل القطاع الخاص أقوى فيما يتعلق بخدمات المساعدة المؤقتة والرعاية الصحية. وأضافت البلاد 40 ألف وظيفة خدمية مؤقتة خلال الشهور الماضية، ويشير ذلك إلى أن عددا كبيرا من أصحاب العمل يختبرون الوضع قبل القدوم على تعيين موظفين دائمين. وزادت الوظائف داخل قطاع الرعاية الصحية، الذي كان ينمو باستمرار حتى خلال ذروة الركود، بمعدل 27 ألف وظيفة خلال مارس (آذار).

ولكن ربما ضخم من تقرير مارس، عودة من شهر فبراير (شباط)، حيث لم يتسن للكثير من الناس العمل بسبب العواصف الثلجية. وعلاوة على ذلك، فإن قرابة ثلث التوظيف خلال مارس كان في عمل مؤقت خاص بالإحصاء السكاني لعام 2010.

وعلى الرغم من أنهم يعرفون أن وظائفهم الجديدة إلى زوال، نجد أن الكثيرين من العمال الجدد في الإحصاء السكاني البالغ عددهم 48 ألف يحدوهم التفاؤل. وبالنسبة إليهم، فإن الوظيفة تملأ مكانا شاغرا في سيرهم الذاتية وربما تمهد إلى عمل مؤقت داخل مكان آخر.

لم يستطع غريغوري بوتلر، وهو نجار يبلغ من العمر 41 عاما داخل ويست هارلم، العثور على عمل منذ فبراير. ولكن جاءه اتصال الشهر الماضي من مكتب الإحصاء السكاني يطلب منه العمل مشرفا. وعلى عكس معظم الموظفين الجدد داخل المكتب، وهم موظفون لدوام غير كامل، فمن المتوقع أن يعمل 40 ساعة أسبوعيا لمدة شهرين تقريبا مقابل 20 دولارا في الساعة الواحدة.

ويقول بوتلر: «تعد هذه فرصة انتقالية جيدة بالنسبة إلي، حيث إني أحاول البدء في وظيفة جديدة ككاتب حر. ولا أكترث إذا ما كانت مؤقتة، فهو عمل مهم، وينقذني من البطالة».

وسيستمر التوظيف المؤقت لآلاف العمال في الإحصاء السكاني حتى نهاية صيف العام الحالي، حسبما أشار خبراء الاقتصاد، مما يجعل من الصعب قياس القوة الحقيقية لسوق العمل.

وكانت الكثير من الوظائف التي جرى توفيرها الشهر الماضي دواما غير كامل لأشخاص كانوا يسعون في الحقيقة إلى دوام كامل. وتسبب ذلك في رفع المقياس الأوسع لقياس البطالة والعاطلين عن العمل إلى 16.9 في المائة مقابل 16.8 في المائة في شهر فبراير.

وبدا الوضع أكثر سوءا بالنسبة إلى العاطلين عن العمل لفترة طويلة. فقد وصل طول الفترة التي قضاها العاطلون من غير عمل إلى 31.2 أسبوع، وهي أطول فترة منذ أن بدأت الحكومة تسجيل البيانات في هذا الصدد عام 1948.

ورفع التقرير الصادر عن وزارة العمل يوم الجمعة الماضي من معدلات التوظيف للشهرين الماضيين، لكنه كان متفقا إلى حد كبير مع توقعات الخبراء.

وبينما كانت سوق الأسهم مغلقة من أجل عطلة جمعة الآلام، كانت استجابة سوق السندات للتقرير إيجابية.

وانخفضت أسعار سندات الخزانة، مما رفع عائداتها. وارتفع العائد على كل سند خزانة مدته 10 سنوات إلى 3.94 في المائة، مقابل 3.87 في المائة يوم الخميس الماضي، وهو ما يمثل أعلى مستوى له منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي. وترتبط الكثير من أنواع القروض الاستهلاكية بالعائد على سند الخزانة الذي تبلغ مدته 10 سنوات، لذا فمن الممكن أن تؤدي أي زيادة إلى رفع تكلفة الاقتراض لشراء منازل أو أي سلع أخرى.

وأظهر الاقتصاد علامات للانتعاش خلال الشهور الماضية بمساعدة الإنفاق الحكومي الكبير. وبصفة عامة، يقول محللون إنهم يعتقدون أن الانتعاش سيتواصل حتى في غياب برامج التحفيز.

وقال جيمس إف أوسوليفان، كبير الخبراء الاقتصاديين في «إم إف غلوبال»: «القوة تغذي نفسها بنفسها. إن ما يحدث في سوق العمل مفتاح لتصورات حول استمرارية الانتعاش».

لكن المخاوف الكبيرة لا تزال قائمة. ولا يزال إنفاق المستهلك ضعيفا، على الرغم من أنه تحسن بصورة متواضعة خلال الشهور الماضية. ولا تزال أسواق العقارات تعاني من الكساد إلى حد كبير، مما يعوق التقدم في التوظيف في صناعات حيوية مثل التشييد. والكثير من الحكومات المحلية وحكومات الولايات، التي تواجه عجزا متزايدا، مستعدة للقيام بإجراءات تقشفية شديدة، ففي الشهر الماضي خفضت عدد الوظائف بواقع 9000 وظيفة.

ولم يعثر العاطلون عن العمل لمدة طويلة على شيء يسعدهم خلال شهر من الأخبار السارة، ولا سيما أن الكثير منهم يقترب من نهاية المساعدات التي تقدمها الحكومة لهم. وفي روزفيل، إحدى ضواحي ديترويت بولاية ميتشغان، يقترب مارك آر هاملين من دخول عامه الرابع من دون عمل. وجرى تسريح هاملين (49 عاما) من عمله كمدير مبيعات لدى إحدى شركات توزيع الأسلاك النحاسية عندما بدأت صناعة السيارات في الانهيار. وعلى الرغم من أن زوجته تعمل، فإن الأسرة تبذل مجهودا كبيرا للوفاء بقسط الرهن العقاري الشهري الذي يبلغ 900 دولار وتسديد 5000 دولار قيمة الديون على بطاقة الائتمان الخاصة بهم. ولخفض التكاليف، يجعلون أجهزة التدفئة تعمل على 12.8 درجة مئوية.

وقال هاملين، الذي تنتهي مساعدات البطالة التي يمتلكها الأسبوع الحالي، إنه يشعر بالقلق من أنه قد لا يكون قادرا على تنشئة طفلته كارا (4 سنوات) تنشئة مستقرة.

وقال هاملين: «أعقد الآمال وأصلي. يجب علي أن أعثر على شيء ما العام الحالي. يجب علي أن أعثر على شيء ما العام الحالي!».

* خدمة «نيويورك تايمز»