«سيكو» هل هي مستعدة للربط الاستراتيجي؟

سعود الأحمد

TT

من الواضح أن دول مجلس التعاون جادة في مشروع الربط الكهربائي الاستراتيجي، ليشمل جمهورية مصر الشقيقة.. فهناك تواريخ محددة لتنفيذه. ولأن المشروع يقع ضمن مفهوم إطار التعاون الأخوي، فحري به ألا يتقوقع في النطاق الضيق لربط الطاقة الكهربائية. بل إن المعول على شركات الكهرباء بدول المجلس، أن تقوم بعمل دراسة شاملة ووافية لأوضاع شركات الكهرباء بدول المجلس، بحيث تستهدف هذه الدراسة تبادل الخبرات في الجانب المعرفي التقني والإداري في مجال توفير الطاقة وتطوير الأنظمة الداخلية لشركات الكهرباء، لتستفيد شركات توليد الطاقة بهذه الدول من بعضها، وليعطى هذا التعاون ما يستحقه، بالنظر لما يمثله من علاقة مباشرة بمصلحة المواطن، لما تقوم به شركات توليد الطاقة من دور حيوي مهم بهذه الدول.

فلو نظرنا لحال الشركة السعودية للكهرباء «سيكو»، وما تحتاجه من دعم وتطوير بالنواحي التقنية والإدارية، لوجدنا الكثير من الملاحظات. ولعلها حالة لا يستبعد أن لها مثيلا بشركات الكهرباء ببقية دول المشاركة. فمن مشكلات «سيكو» أنها لم تستكمل خط الربط الاستراتيجي بين مراكز الإنتاج والأحمال بين مختلف مناطق المملكة، فكيف ستكون جاهزة للربط الخارجي؟!. كما أن الطاقة التي تقدمها الشركة على وجه العموم، لا تقابل حجم الطلب عليها، حتى أصبحت الخدمة الكهربائية بمثابة عنق الزجاجة في تنفيذ المشاريع السكنية، إلى درجة أن المشترك السعودي يبقى ينتظر أشهرا (بعد السداد).. والشركة تتحجج بحجج غير مقنعة، مثل عدم توافر صناديق عدادات وغير ذلك من الأعذار!. ناهيك عن المتوقع مستقبلا جراء الفجوة في حجم التسارع في نمو الطلب على الخدمات الكهربائية، والذي لا يقابله توسع في توليد الطاقة الكهربائية. كما أن هناك عجزا في حجم احتياطي توليد الكهرباء وقت الذروة تبلغ نسبته (1 - 2%)، في حين يبلغ احتياطي التوليد المقبول عالميا (15 - 20%) كحد أدنى، مما يُعرض الخدمة الكهربائية للانقطاع في حالة عطل بعض وحدات التوليد!.. وحالات انقطاع التيار بفصل الصيف خير دليل على هذا العجز!.

ومما لا شك فيه أن الشركة بحاجة إلى سيولة نقدية لبناء مشاريع رأسمالية إضافية لتوليد الطاقة. والشركة حاليا مدينة للبنوك التجارية بمبلغ 13 مليار ريال. وكانت الشركة قد أصدرت صكوكا إسلامية بقيمة 12 مليار ريال، وهناك مشاريع قامت ببنائها بتمويل من القطاع الخاص، ليتم سدادها على أقساط.. بمعنى أن الشركة تتحمل مصاريف تمويل تثقل كاهل قائمة دخلها. وتقول خطط الشركة المستقبلية إنها بحاجة (في العقد القادم) إلى بناء مشاريع رأسمالية ضخمة لمقابلة التنامي المتصاعد على الطاقة الكهربائية وتطوير الشبكات الحالية واستكمال مشروع الربط بين المناطق. ولا أدري لماذا هذا التردد في دعم خطط الشركة، بتمويل حكومي (عاجل) في وقت لدينا فيه استثمارات مالية حكومية بالخارج، هي في حقيقتها تمول لمشاريع شركات بدول أجنبية؟!. وهناك فجوة كبيرة بين التعريفة الحالية وتكلفة تقديمها، والوضع محل اجتهاد للبحث عن مصادر دخل وتخفيض لمصروفات الشركة.

وختاما.. إنني أدعو لتكوين لجنة بين الدول الخليجية والدول الأخرى المشاركة في مشروع الربط الكهربائي، لتتعاون فيما بينها، وتحدد لهذا المشروع هدفا أكبر من الربط، وليكون مشروعا تعاونيا تطويريا للطاقة.

* كاتب ومحلل مالي