«سيتي غروب» قد يصغر حجما من أجل حال أفضل

بانديت.. الرجل الأقوى في وول ستريت يعاني من العجز الشديد

ارتفعت أسهم سيتي غروب الأسبوع الماضي إلى نحو 5 دولارات للسهم مما يشير إلى تحسن عام في أداء المجموعة (رويترز)
TT

كانت أسهم «سيتي غروب» تباع مقابل دولار واحد بالكاد لكل سهم منذ أشهر قليلة، ويعد ذلك تراجعا كبيرا للغاية بالمقارنة بسعر 20 دولارا قبل عام، و50 دولارا قبل ذلك بعامين، ولكن بفضل بعض التعديلات سيصبح البنك (سيتي غروب) أصغر، ولكن ربما يكون حاله أفضل.

منذ 13 شهرا فقط، كان الرئيس التنفيذي للمجموعة فيكرام بانديت، يواجه ما لم يحسب حسابه. وبعد حزم إنقاذ وصلت قيمتها إلى 45 مليار دولار، أصبحت الحكومة الفيدرالية حامل الأسهم الأكبر داخل بنك كان من بين أكبر البنوك على ظهر المعمورة.

وظهر كلام حول التأميم، وهي الخطوة التي كانت ستدمر حملة أسهم وتكلف بانديت وظيفته وتاريخه المهني. ووصفت مجلة «نيويورك» بانديت بأنه «الرجل الأقوى داخل وول ستريت، الذي يعاني من العجز الأشد».

وفي الوقت الحالي، لا يزال بانديت في منصبه، ومن خلال سلسلة من الإجراءات البسيطة والهامة، تمكن من التأكيد على قدراته بهدوء. وشيئا فشيئا، يقوم بالتخلص من الأنشطة المعقدة مثل التأمين ووحدات سمسرة التجزئة، ليقلل من ميزانية البنك ويحقق استقرارا داخل مصادر التمويل الخاصة به.

وبدأ «سيتي غروب» ينفصل عن ماضيه الذي اكتنفته المشكلات، ولكن ببطء. وفي الواقع، عندما تبدأ لجنة التحقيق في الأزمة المالية جلسات استماع خلال الأسبوع الجاري لتتناول شبه انهيار عانى منه بنك «سيتي غروب»، لن تركز اللجنة على بانديت ولكن على من سبقوه: الرئيس التنفيذي السابق تشارلز برنس وروبرت روبن المستشار وعضو مجلس الإدارة البارز.

ومع ذلك، لن يدرج بانديت، الذي قبل الحصول على دولار فقط في العام حتى يتمكن مصرفه من تحقيق أرباح على نحو مستمر، في القائمة المختصرة التي تضم المسؤولين التنفيذيين ذوي النفوذ داخل وول ستريت. ولكن يزداد رصيده باستمرار، وكذا ترتفع قيمة أسهم سيتي غروب، التي زادت بنسبة 2 في المائة يوم الاثنين لتغلق عند 4.26 دولار.

ويلاحظ بعض المستشارين الذين يثق فيهم بانديت نشاطا في خطواته، ويقولون إنه أكثر حماسا خلال اجتماعاته. وقال مساعد بارز: «يبدو من شكل وصوت فيكرام أنه أكثر ثقة وشعورا بالأمان، حيث ترتسم بسمة على وجهه، ويتطلع إلى اليوم الذي يحصل فيه على أكثر من دولار في العام».

وبالطبع، ربما تفصلنا أشهر عن ذلك اليوم، حيث إن معدلات البطالة ما زالت مرتفعة، وعلى ضوء استمرار ازدياد الخسائر المرتبطة بأنشطة كروت الائتمان والرهون العقارية بسيتي غروب. ومن الممكن أن تقلل قواعد مالية جديدة، لا تزال محل نظر داخل واشنطن، من الأرباح بصورة أكبر.

ومع ذلك، فإنه مع تعافي الأسواق والاقتصاد داخل الولايات المتحدة، يمكن أن يحقق سيتي غروب أرباحا تشغيلية خلال الربع الأول، الذي سترد تقارير بشأنه في 19 أبريل (نيسان).

والأكثر من ذلك، سوف تبدأ الحكومة بيع حصتها التي تبلغ نسبتها 27 في المائة لمستثمرين من القطاع الخاص، وتعد هذه أخبار سارة لدافعي الضرائب الذين سيحققون أرباحا تبلغ عدة مليارات من الدولارات.

ويقول تشارلز بيبودي، وهو محلل مصرفي داخل «بورتالز بارتنرز» في نيويورك: «لقد ورث فجوة كبيرة، ويبذل أفضل ما يستطيع. ولكن عليه أن يرهن قوة الأرباح المستقبلية داخل البنك لإصلاح ميزانيته». وأضاف: «هذا هو سبب الشعور بالمعاناة عند التفكير في الوقت الذي ستظهر فيه طفرة في الأرباح».

وقد طُرح هذا التساؤل منذ اليوم الذي ظهر فيه «سيتي غروب» من عملية دمج «سيتي كورب» مع «ترافلرز غروب» عام 1998. في ذلك الوقت، تعهد سانفورد ويل، المؤسس والرئيس المشارك، بأن البنك سيحقق أرباحا كبيرة من خلال عمليات في مختلف أنحاء المعمورة.

وروج ويل لفكرة سوق كبيرة للخدمات المالية يمكنها تقديم «كافة الخدمات» للعملاء وسط أنشطة متنوعة مثل الصيرفة بالتجزئة والتأمين والصيرفة الاستثمارية والإقراض من خلال كروت الائتمان. وافترض أنه يمكن معادلة الأداء الضعيف داخل أحد الأنشطة أو المناطق من خلال تحقيق نتائج أقوى في الأنشطة أو المناطق الأخرى، الأمر الذي يساعد على تقليل المخاطر.

ولكن لم يظهر ذلك في يوم من الأيام. وفي المقابل، كان من الصعب إدارة البنك، بسبب الحجم الكبير والتعقيدات، وتأثرت أنشطة البنك مرة واحدة بسبب الأزمة المالية.

وفي الوقت الحالي، يقوم بانديت بالتخلص من بعض أجزاء الكتلة المالية الضخمة، ليجعله مصرفا عالميا على غرار مؤسسة «سيتي كورب». وقال الشهر الماضي أمام لجنة رقابة داخل الكونغرس: «سنقوم بتقسيم».

ويشعر بانديت بالتردد إزاء التفاخر بالنجاحات التي حققها، وهو نوع من التواضع ينسبه زملاؤه القدامى إلى إرثه الهندي. ولكن بدأت نتائجه تتحدث عن نفسها.

وفي الواقع، لقد قام بانديت بتقليل الميزانية الضخمة داخل «سيتي غروب» بدرجة كبيرة، حيث تبلغ حاليا 1.86 تريليون دولار (أقل بنحو 500 مليار دولار أو 21 في المائة) بالمقارنة مع ذروتها قبل الأزمة.

وجاء جزء كبير من هذا التقليص من «سيتي هولدينغز»، وهي وحدة أسست في مطلع عام 2009 وتحتوي على أنشطة تجارية وأصول يأمل بانديت أن يبيعها. وبالنسبة لسوق المشترين، قام بتقليل حجمها إلى 547 مليار دولار بالمقارنة مع 662 مليار دولار العام الماضي.

وجاء جزء من الانكماش من التحويل المعتاد للرهون السكنية وكروت الائتمان ذات علامة القطاع الخاص التي تواجه مخاطر أكثر، ويشكلان سويا نحو 60 في المائة من «سيتي هولندينغز». وجاء جزء كبير آخر من بيع أذون رهن عقاري محفوفة بمخاطر جمة تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات وقروض شراء الحصص الحاكمة الضخمة وغيرها من الأصول، غالبا في وضع ربحية.

وقام بانديت بالتخلص من 30 أو نحو ذلك من الأنشطة مثل وحدة سميث بارني للسمسرة واستثمار داخل منتجع تزلج ياباني. وخلال الربع الحالي، قام ببيع مستثمري سيتي بروبرتي، وهو ذراع العقارات داخل البنك تبلغ قيمته 12.5 مليار دولار، إلى «أبولو مانجمنت»؛ كما دخل في محادثات مع «سكاي بريدج كابيتال» لبيع وحدة صندوق التحوط المتعثرة داخله. وعلاوة على ذلك، يبحث عن مشتر لمجموعة الأسهم الخاصة التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار التابعة له. (يقوم بانديت تقريبا بتبني ما يعرف باسم «قاعدة فولكر» التي تمنع المصارف من رعاية الأسهم الخاصة وصناديق التحوط). وفي الأسبوع الماضي، حقق بانديت نجاحا في اكتتاب عام قيمته 320 مليون دولار لـ«بريميركا فاينانشال» بعد أعوام من محاولة القيام بذلك. وقام بتحويلها إلى شركة جذابة عن طريق الإبقاء على أجزائها الأضعف، مثل أصول إعادة التأمين، وضمان «وربورغ بينكوس» كمستثمر رئيسي.

وبدأ بانديت إقناع المنظمين بأنه يحقق تقدما. وعلى الرغم من التوتر المستمر بين «سيتي غروب» ومؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية، فإن بعض المنظمين الآخرين داخل البنك رفعوا تقييماتهم التنظيمية الخاصة بإدارة البنك، وذلك حسب ما أفاد به أناس على اطلاع بالوضع.

وأنهوا صفقة تسمح له بزيادة استثمار في مصرف أجنبي. وفي الشهر الماضي، أنفق 519 مليون دولار لزيادة نفوذ البنك داخل الشركة التي سيطرت على «بانكو دي شيل» عن طريق استعمال خيارات داخل صفقة معقدة عام 2007. وربما كانت هناك صعوبات بخصوص هذه الموافقة الحكومية قبل عام.

ويتفق موظفو «سيتي غروب» بصورة عامة على أن إدارة المصرف قد شهدت تحسنا. فقد أجريت تعديلات على مجلس «سيتي غروب» ورقابة المخاطر المكونة من 15 شخصا. ويقول مسؤولون تنفيذيون بارزون إن مراجعات الأنشطة أكثر شمولا. ويحصل المصرفيون على مكافآت لحصولهم على أنشطة عملاء على المدى الطويل، وليس لتحقيق أرباح ربع سنوية كبيرة.

وحتى وسط اللغط، يتضح عدد القيادات التي تمكن بانديت من المحافظة عليها. لقد قام بعض المتداولين والمصرفيين في المستويات المتوسطة بالهروب إلى كيانات منافسة خلال العام الماضي. ولكن لم يرحل سوى اثنين من أعلى 25 مسؤولا تنفيذيا داخل «سيتي غروب» خلال 2009، بالإضافة إلى شخص واحد فقط في لجنة الإدارة بالبنك الاستثماري التي يبلغ عدد أفرادها 34 شخصا.

وللمرة الأولى خلال عدة أعوام، ربما يضع بانديت الأساس لعملية نقل قيادة بصورة منظمة داخل مصرف استثماري. ويقول الكثير من العاملين داخل «سيتي غروب» إنهم يعتقدون أن جامي فورز، رئيس وحدة التداول بالبنك، سوف يخلف جون هافنز في إدارة المجموعة.

وعلى الرغم من ذلك، فأمام بانديت مهمة شاقة طويلة، فعلى المدى القريب يجب على سيتي غروب قبول رقابة أشد من واشنطن، وبما في ذلك تنظيمات جديدة خاصة بكروت الائتمان وقواعد محاسبة جديدة سوف تفرض على البنك إعادة أصول خارج الموازنة قيمتها عشرات المليارات من الدولارات إلى أرصدته.

وستحدث المزيد من عمليات التصحيح، فعلى سبيل المثال، قام «سيتي غروب» فعلا بتقليل سعر أوراق مالية في مجال العقارات التجارية بنسبة 6 سنتات فقط لتصبح 94 سنتا على الدولار. ويقول محللون إنه من المؤكد أنه ستحدث المزيد من عمليات تقليل الأسعار.

كما لا تظهر استراتيجية متماسكة لامتياز صيرفة المستهلك داخل «شمال أميركا» التابعة لـ«سيتي غروب»، الذي يعاني منذ عدة أعوام. ويقول أقرب مستشاري بانديت إنهم لا يعرفون خططه.

وبصورة عامة، يجب عليه تحديد إطار للنمو حتى في الوقت الذي يقوم فيه بتقليص الشركة، وعلى ضوء قرابة 28 مليار سهم غير مدفوعة، وهو الأثر الجانبي للتدخل الحكومي الاستثنائي، سيكون من الصعب رفع سعر السهم إلى أعلى. وربما تكون هذه هي المشكلة الأكثر إرباكا بالنسبة لبانديت، وربما تستغرق أعواما قليلة أخرى.

* خدمة «نيوريوك تايمز»