أمتعة أقل.. أرباح أكبر لشركات الطيران

الرسوم على الأمتعة ارتفعت في أميركا وحدها من 464 مليون دولار في 2007 إلى ملياري دولار في الأشهر التسعة الأخيرة من 2009

بدأت الخطوط الجوية في الولايات المتحدة فرض رسوم على أمتعة السفر في عام 2005
TT

في عام 2005 بدأت الخطوط الجوية في الولايات المتحدة فرض رسوم على أمتعة السفر من خلال تحصيل رسوم من المسافرين الذين يحملون أكثر من حقيبة واحدة. ومن المتوقع أن لا تصبح حتى تلك الحقيبة الأولى مجانية في وقت قريب، فقد أعلنت شركة الخطوط الجوية «سبيريت» مؤخرا أنها سوف تفرض رسوما تصل إلى 30 دولارا عن الحقائب التي يحملها المسافر إلى داخل الطائرة، والتي يكون حجمها أكبر مما يسمح بوضعها أسفل المقعد.

وعلى أية حال فإن «سبيريت» شركة صغيرة، ولم يتسبب ذلك الإعلان الذي نشرته يوم الثلاثاء في حث أي من شركات الطيران الكبرى إلى أن تحذو حذوها، حتى الآن.

ولكن من الواضح أن الرسوم التي يدفعها المسافرون لفحص حقائبهم في معظم رحلات الطيران لها تأثير قوي على موازنات شركات الطيران، ربما أكبر مما تتوقعه شركات الطيران نفسها. وذلك حيث أبرز تقاضي رسوم عن الحقائب التي يحملها المسافر معه إلى الطائرة الواقع المالي الجديد لشركات الطيران: وهو أنه يجب على الجميع وجميع الأشياء التي تستقل الطائرة أن تدفع نصيبها من تكاليف الرحلة.

ومن جهته يقول بن بالدانزا، الرئيس التنفيذي لشركة الطيران «سبيريت»: «لا أحد يجلب أمتعته إلى (فيديكس)، أو (يو بي إس) وينتظر أن يتم شحنها مجانا». وذلك حيث ارتفع إجمالي الرسوم التي تتقاضها شركات الطيران عن الأمتعة بمعدلات كبيرة منذ أن تم فرضها، فوفقا لوزارة النقل الأميركية ارتفعت تلك الرسوم مما قيمته 464 مليون دولار في عام 2007 إلى ما يقارب ملياري دولار في الأشهر التسعة الأخيرة من العام الماضي فقط، وهو ما دفع المسافرين إلى أن يحملوا حقائب أقل وأخف لكي يتجنبوا دفع مصروفات إضافية عن الحقائب الثقيلة. ومن ثم لم تعد شركات الطيران تفقد عددا كبيرا من الحقائب، أو من مقابض الحقائب، وهو ما منح شركات الطيران مساحة إضافية لحمل البضائع التجارية التي تأتي بعائدات أكبر من التي تحققها حقائب المسافرين.

يقول أولريخ أوغيرمان، رئيس الجمعية الدولية لبضائع الطيران: «تساهم مصروفات الشحن بنسبة كبيرة في موازنة شركات الطيران، فلا يمكن تجاهل العائدات التي من المحتمل أن تدرها».

وقد أشار تقرير حقائب السفر الذي أصدرته شركة «سيتا» للمعلومات المتعلقة بالطيران، والتي تدرس الاتجاهات المتعلقة بحقائب المسافرين، إلى أن واحدا من كل أربعة مسافرين اختار أن لا يودع حقائب للفحص في أثناء السفر مقارنة بواحد في مقابل كل ستة في عام 2008، وهو العام الذي شهد بداية فرض تلك الرسوم.

ومن جهة أخرى أسفر انخفاض عدد الحقائب التي تم تسليمها للفحص خلال العام الماضي، وهو ما يرجعه التقرير إلى انخفاض عدد المسافرين بشكل عام، عن انخفاض وصل إلى 24% في عدد الحقائب التي أسيئ التعامل معها على مستوى العالم، سواء التي تحطمت أو فُقدت. وهو ما جعل شركات الطيران الأميركية توفر 94 مليون دولار، وفقا للبيانات التي جاءت في التقرير الذي أعدته شركة «سيتا». ومن جهته قال جوزيف باسكاريلا الذي كان يعمل في فحص الحقائب بتامبا بفلوريدا لمدة 37 عاما، إنه لاحظ الفارق. فيقول: «قبل فرض الرسوم على الحقائب كنا نتعامل مع نحو 250 حقيبة في كل رحلة طيران. أما الآن فأصبح العدد يتراوح بين 150 و170 حقيبة. كما أصبح الناس يفكرون مرتين قبل أن يحملوا حقيبة إضافية».

ومن جهة أخرى تقول كاثرين ماير، نائب رئيس شركة «سيتا»، إنه إذا فكر المسافرون مليا بشأن الأشياء التي يحزمونها للسفر ستعم الفوائد على الجميع، لأن الضغط على شركات الطيران سيقل، كما ستقل تكلفة فحص ونقل تلك الحقائب.

ومع ذلك لم تسرع شركات الطيران إلى الإقرار بتلك الحقائق، حيث قالت كل من «يونايتد إيرلاينز»، و«دلتا إيرلاينز»، و«أميركان إيرلاينز» إنهم لا يرصدون العلاقة بين رسوم الحقائب وغيرها من العناصر المالية. ولكن دانييل ماكنزي، المحلل بالطيران لصالح شركة «هادسون للأوراق المالية» بشيكاغو، يقول إن شركات الطيران كانت تستشهد بمزايا تلك الرسوم في المؤتمرات المالية التي يتم عقدها عبر الهاتف. فيقول ماكنزي: «إنهم يتحدثون حول مزايا انخفاض معدلات التعامل مع الحقائب، ومطالب تعويضات العاملين، مما ساهم في توفير المزيد من السيولة. ومن جانب آخر، إذا كان الموظفون لديك يتعاملون مع عدد أقل من الحقائب فإن ذلك يعني أنك لن تكون بحاجة إلى استبدال كامل عدد الموظفين الذي يغادرون الشركة».

وأضاف أنه يعتقد أن شركات الطيران لا ترغب في الحديث علانية حول المزايا التي تحصل عليها من تلك المصروفات؛ «نظرا لحذرهم بشأن تصريحاتهم العلنية، في ظل الانتقادات التي يتعرضون لها والتي كان آخرها الانتقادات التي وجهها الكونغرس إليهم والمدافعون عن حقوق المسافرين بوزارة النقل».

ومن جهة أخرى تنظر حاليا شركة «رينير»، وهي من شركات الطيران منخفض التكلفة، التي تقع في أيرلندا والمعروفة بتذاكرها قليلة الثمن، في اتخاذ خطوة كبيرة صوب تشجيع المسافرين على أن يصبحوا أخف. وذلك حيث تخطط الشركة إلى أن تقصر فحص الحقائب على أوقات محددة من اليوم ووضعها في مسارات محددة بدءا من الخريف المقبل. فيقول ستيفن مكنامارا، مدير الاتصالات لـ«رينير»: «ليس منطقيا أن تأتي بحقيبة ضخمة إلى الشركة وتتوقع أن تسافر بها مجانا، وذلك حيث إن شحن شيء ثقيل الوزن عبر الطيران مكلف للغاية، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الوقود». وأضاف مكنامارا أن شركات الطيران تستهدف تغيير سلوك المسافرين. مضيفا: «يحمل الناس الكثير من الأمتعة عند السفر، فتحمل النساء أربع أزواج من الأحذية، ومجففات للشعر، وغيرها من مثل تلك الأشياء».

وفي الولايات المتحدة كانت أكثر العواقب وضوحا، التي ترتبت على فرض رسوم على الحقائب، هي ارتفاع عدد الأشياء التي يحملها المسافرون معهم إلى الطائرة وزيادة وزنها، وقد دفع مثل ذلك النوع من السلوك شركة «سبيريت» إلى فرض مصروفات جديدة على الحقائب التي يحملها المسافر معه على الطائرة. وقد وجدت دراسة أجرتها رابطة مسافري الطيران أن «زيادة عدد الأشياء التي يحملها المسافرون على الطائرة كانت تتسبب في زيادة معدلات إصابات المسافرين عن طريق الطيران، حيث كان نحو 80% من المسافرين بالطيران يصابون بالتواء في المفاصل أو شد عضلي، فيما كان يعرب نحو 35% عن تعرضهم للإصابة إثر سقوط الحقائب عليهم.

ومن جهة أخرى فإن الإصابات والإزعاج داخل الطائرة هما العاملان اللذان ذكرهما النائب داننيل لبنسكي الديمقراطي من إلينوي في أثناء تقديمه مشروع قانون للحدّ من حجم الحقائب التي يمكن حملها إلى داخل الطائرة. فيقول النائب في رسالة إلكترونية: «سوف يعزز ذلك القانون من سلامة المسافرين، ويساهم في تقليل حمل الأمتعة وإنزالها ويمنع اكتظاظ الطائرة بالأمتعة».

وهناك شيء واحد كان من المتوقع أن يؤدي إليه تقاضي الرسوم عن البضائع، ولكنه لم يحدث، وهو تقليل الوقت الذي يستغرقه المرور عبر البوابات. فنظرا لأن المسافرين يجلبون معهم كل شيء قد يحتاجون إليه إلى داخل الطائرة، فإن مغادرة الطائرات عادة ما تستغرق وقتا طويلا نظرا لمحاولات وضع ذلك العدد من الحقائب في تلك المساحة الصغيرة.

فيقول باسكاريلا، المسؤول عن التعامل مع الحقائب: «في كل الرحلات يزيد عدد الحقائب التي يحاول المسافرون حملها معهم عن المساحة المتاحة، فهناك من 10 إلى عشرين حقيبة في كل رحلة طيران».

وفي عام 2005 تمت مراجعة متوسط وزن المسافرين وحقائبهم ورفعه لكي يعكس على نحو دقيق حجم المسافرين والمعدات التي يحملونها معهم، ولكن إدارة الطيران الفيدرالي لا تقوم بمتابعة عدد الأمتعة التي يتم شحنها وعدد الأمتعة التي يتم حملها في الطائرة. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني قال لي دور الابن، المتحدث الرسمي باسم إدارة الطيران الفيدرالي، إن ذلك قد يتغير. وأضاف: «نحن مدركون للتغير المحتمل في سلوك المسافرين نظرا للمصروفات التي تم فرضها على أمتعة المسافرين، ونحن ننظر حاليا إذا ما كان يجب علينا إعادة النظر في لوائحنا الحالية».

* خدمة « نيويورك تايمز»