مصرفيون يقرون بضعف بنية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البنوك المصرية

البنك المركزي يجري حصرا شاملا

TT

أقر مصرفيون مصريون بأن البنية الأساسية في أغلب البنوك المصرية غير مهيأة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووصفوا الإقبال المفاجئ على تمويل تلك المشروعات بأنه أصبح «شديد السرعة»، رغم أن تأسيس وحدة للعمل في هذا المجال يحتاج لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات. يأتي هذا في وقت قال فيه البنك المركزي في البلاد إنه يجري حصرا شاملا لوضع مثل هذه المشروعات على الخارطة الاستثمارية.

وأكد مصرفيون في لقاء بالقاهرة أمس أن دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة برز في دعم الاقتصاد، خلال الأزمة المالية العالمية، لما لهذه المشروعات من قدرة على التكيف مع الأوضاع الاقتصادية المختلفة.

وكان مراقبون في السوق اتهموا البنوك بتعنتها في منح القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسط، خاصة أن نسبة القروض إلى الودائع لم تتجاوز 52%، وهو ما يعني توافر سيولة كبيرة لدى البنوك لتمويل تلك المشروعات، مما أدى في النهاية إلى تباطؤ نمو هذا النوع من الشركات في مصر.

إلا أن المشاركين في مؤتمر «البنوك والناس»، الذي أنهي فعالياته أمس بالقاهرة، أقروا بأن عدم منح القروض لهذا القطاع من الشركات يرجع إلى أن أغلبها غير مؤهلة لعمليات التمويل، كما قال علي شاكر، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي. وأضاف أن الكثير من الأفراد ينشئون تلك المشروعات دون دراية كافية بها وبمخاطرها، مما يخلق في النهاية مشروعا غير جيد، ذا معدلات نمو محدودة، مما يتسبب في إعاقة عملية تمويلها.

وطالب المشاركون بإيجاد مؤسسة رقابية تعمل على منح رخص لإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، بهدف توعية القائمين على تلك المشروعات بالعائد والمخاطر التي قد يتعرض لها. وأشار محمد عشماوي، رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إلى أن عمليات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة مكلفة، لذا تجب دراستها بشكل كبير، حتى يتم منح الائتمان بتكلفة أقل، وقال «إننا عندما نمنح قروضا تقدر بنحو مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإننا نحتاج إلى 500 موظف للقيام بهذه العملية، وهي عكس القروض الكبيرة التي لا تحتاج إلى هذا الحجم من الموظفين».

وقال المشاركون في أعمال المؤتمر، إن تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يجب أن يتم تبنيها من أعلى المستويات، ويجب أن تُضمّنها الدولة في الخطة الخمسية. ورأوا أن تمويل تلك المشروعات يحمل خطورة كبيرة.

وكان البنك المركزي قرر إعفاء البنوك التي تمول المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الاحتياطي القانوني لديها والذي يقدر بـ14% من إجمالي قيمة الودائع لديها، إلا أن البنك المركزي لا يدرس الآن أي حوافز جديدة لتشجيع عمليات إقراض تلك المشروعات. وقال جمال نجم، وكيل محافظ البنك المركزي المصري لقطاع الرقابة والإشراف على البنوك، لـ«الشرق الأوسط»: «لا ندرس الآن تقديم أي حوافز جديدة للبنوك التي تمول المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. لا نرى أي تقدم في تمويل تلك المشروعات من قبل البنوك، وسنفكر في إعطائهم حوافز جديدة في حالة وجود أي تقدم في عملية الإقراض».

إلا أن عملية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى وجود خارطة استثمارية، وهو ما تفتقده مصر، بحسب الخبراء، لكن هالة السعيد، المدير التنفيذي للمعهد المصرفي المصري، أكدت أن البنك المركزي يقوم الآن بحصر شامل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وبدأها من محافظة الشرقية بالدلتا.

وتسعى مصر بكل الوسائل إلى تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأعلنت هيئة الاستثمار أخيرا عن طرح صندوق بقيمة مليار جنيه لدعم تلك الشركات، هذا إلى جانب إنشائها بورصة النيل لتكون وسيلة فعالة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنها تفرض قيودا كبيرة على إدراج الشركات في تلك البورصة التي لم تبدأ نشاطها حتى الآن. وبلغ عدد الشركات المدرجة بها منذ بداية تدشينها في عام 2007 عشر شركات فقط. ويقول القائمون عليها إن التشديد على دخول الشركات في هذه البورصة هدفه نجاح التجربة لتكون أداة فعالة في تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.