أوروبا تعلن مساعدة اليونان.. وأثينا تستبعد اللجوء إلى آلية الدعم الأوروبي

طرح سندات يونانية جديدة رغم ارتفاع سعر الفائدة

TT

لاقت تصريحات الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني بشأن مساعدة اليونان في مواجهة الأزمة المالية التي تحل بها، أصداء إيجابية على الصعيد الرسمي والشعبي في أثينا، حيث تنفس المواطنون اليونانيون الصعداء، وشعروا بأن هناك من يساعدهم في وقت الشدة، وأن الأزمة التي يواجهونها تؤثر على دول المنطقة بأكملها، وليس على اليونانيين فقط.

ولكن اللافت للنظر أن تصريحات وزير المالية اليوناني، جورج باباكوستنتينو، جاءت معاكسة تماما، حيث صرح عقب لقائه رئيس الوزراء جورج باباندريو، بأن بلاده لا تنوي اللجوء إلى استخدام آلية الدعم الأوروبي، والتي تم التوصل إليها في القمة الأوروبية الأخيرة.

وفي هذا الصدد، وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أرجع أحد كبار المحللين الماليين في اليونان وجهة النظر اليونانية إلى أمرين مهمين، الأول أن اليونان حققت تقدما كبيرا خلال الربع الأول من العام الحالي، واقتربت من تحقيق أهدافها، حيث أعلنت أنها أنجزت في حسابات الربع الأول من العام الحالي نسبة تقلص في العجز العام للميزانية بنسبة 40 في المائة، وتقلص العجز بقيمة 4.3 مليار يورو، وإن استمرت الأمور كذلك فسوف لا تحتاج مساعدة خارجية.

أما الأمر الثاني فيرجع إلى عدم استخدام اليونان آلية الدعم الأوروبي، يتم تفسيره بأنه حال اللجوء إلى استخدام هذه الآلة سوف يكون هناك تدخل مباشر من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي في شؤون اليونان الداخلية المالية، وقد تجبر الحكومة اليونانية على إقرار إجراءات تقشفية أكثر صرامة، وهذا يجعلها في مواجهة العاصفة أمام الشعب الذي سوف يثور ويستمر في الإضرابات والاحتجاجات، وقد يطيح ذلك بالحكومة الاشتراكية الحالية.

على صعيد آخر، بدأ المواطن اليوناني في الأيام الأخيرة يتجرع كأس مرارة الإجراءات التقشفية، حيث عم الركود الشارع اليوناني، وبدأ المواطنون يشتكون من قلة الأموال، كما علت أصوات المسؤولين في المصارف بنقص السيولة، ومن المقرر أن تنظم اتحادات نقابات العمال والموظفين في اليونان إضرابا عاما لمدة 24 ساعة خلال الأيام المقبلة ضمن سلسلة الاحتجاجات الشعبية لإجراءات الحكومة القاسية، التي تطول كل شيء في البلاد فيها الممتلكات والسيارات والودائع والمرتبات.

في غضون ذلك، تعتزم الحكومة اليونانية طرح سندات جديدة للاقتراض من أسواق المال على الرغم من سعر الفائدة المرتفع لهذه السندات، ونسبت مصادر مطلعة إلى هيئات حكومية يونانية القول بأن المزايدة الأولى للسندات الجديدة ستقام يوم 13 أبريل (نيسان) الحالي، حيث يمكن للمستثمرين شراء سندات تتراوح مدتها بين 26 و52 شهرا، ومن المتوقع أيضا طرح مجموعة سندات قصيرة الأجل يوم 20 أبريل الحالي ومدتها 3 أشهر، ولم تتضح بعد القيمة الحقيقة للسندات الجديدة.

وكان المستثمرون قد فقدوا الثقة بالسندات اليونانية في أعقاب إعلان الحكومة الاشتراكية المنتخبة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وصول العجز في ميزانيتها إلى 12.7 في المائة، وأدى ذلك إلى ارتفاع كبير في سعر الفائدة على السندات الحكومية اليونانية، مما زاد من تكاليف اقتراض اليونان من الأسواق.

وارتفعت علاوة المخاطر التي فرضت على سندات الحكومة اليونانية إلى أكثر من 7 في المائة مؤخرا، أي أكثر من ضعف القيمة على السندات المعيارية الألمانية، مما آثار تكهنات بأن أثينا ربما تصبح عاجزة عن الاقتراض من الأسواق الدولية في غضون أيام، وهذا ما نفاه وزير المالية، الذي قال: «كل شيء على ما يرام، وسوف ننجز صفقة الاقتراض بطريقة عادية».

وفي أسواق العملات، قفز اليورو إلى 1.3491 دولار، وهو أعلى مستوى له في الفترة الأخيرة، وذلك على الرغم من قيام مؤسسة «فيتش ريتنجز للتصنيفات الائتمانية» بخفض تصنيفها لديون اليونان درجتين إلى مستوى BBB، وكان سعر اليورو قد ارتفع قليلا أمام الدولار والين منتعشا من خسائر سابقة، وسط تكهنات بأن اليونان قد تتلقى قريبا مساعدة في التعامل مع دينها العام الضخم.

وفي الوقت الراهن، فإن المخاوف المتعلقة بمنطقة اليورو تتعلق باتساع عجز الموازنة لدى الدول الأعضاء وعلى رأسهم اليونان، التي تمثل أعلى عجز بين الدول الأعضاء، هذا في الوقت الذي يتوجب فيه على اليونان أن تسدد 12 مليار يورو من الديون، بالإضافة إلى سندات لأجل 10 سنوات مقيمة باليورو تبلغ 8.5 مليار يورو بنهاية مايو (أيار) المقبل، وتحاول اليونان تقليص عجز الموازنة إلى 8.7 في المائة خلال العام الحالي من 12.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.