المعارضة اليونانية: تفعيل آلية المساعدة سيجعل رئيس الحكومة موظفا لدى البنك الدولي

إضراب عام في اليونان احتجاجا على إجراءات التقشف > وفود دولية وأوروبية تبحث خطة مساعدة اليونان

TT

تشهد اليونان إضرابا عاما لمدة 48 ساعة بدءا من صباح اليوم (الخميس)، احتجاجا على التدابير الحكومية التقشفية والتغيرات في قطاع التأمينات الاجتماعية والتقاعد، ويشارك في الإضراب نقابات اتحادات الموظفين والعمال، بالإضافة إلى إغلاق المدارس والمستشفيات ومصالح الدولة المختلفة من هيئة الضرائب والمياه والكهرباء والبريد، وسوف تغلق المسارح وتظل السفن رابطة في المواني.

ويتزامن مع الإضراب تنظيم مظاهرات ضخمة تبدأ ظهر اليوم من ميدان سيندغما وسط أثينا باتجاه البرلمان، ووفقا للمصادر فقد عدل موظفو أبراج المراقبة الجوية للطيران عن المشاركة في الإضراب خوفا من زيادة أزمة الطيران التي تعاني منها أوروبا مؤخرا، حيث يوجد في مطارات اليونان آلاف المسافرين العالقين بسبب السحابة الرمادية البركانية، كما تجمّع أمس عمال الفنادق أمام ثلاثة من أكبر الفنادق في أثينا بينما أقام المعلمون خياما أمام مبنى البرلمان اليوناني ورفعوا لافتات تطالب الحكومة بإلغاء الإجراءات التي اتخذتها.

وبدأت أمس الأربعاء في العاصمة أثينا محادثات حول آلية حزمة المساعدات المالية المقدمة لليونان من قبل دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي البالغ مجموعها 45 مليار يورو. ومن المتوقع أن تطالب الأطراف الأوروبية وممثلون من صندوق النقد الدولي بسياسات صارمة جديدة من الحكومة اليونانية مقابل حصولها على القروض، الأمر الذي أثار الكثير من الغضب في الشارع اليوناني.

من جهتها، علت أصوات أعضاء البرلمان التابعين لأحزاب المعارضة، بأن الموافقة على حزمة المساعدات الأوروبية معناها التدخل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية اليونانية من قبل المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي، وسوف يعامل رئيس الوزراء اليوناني ووزير المالية كموظفين لصندوق النقد الدولي وينفذان كل ما يملى عليهما، فيما وصف آخرون من تحت قبة البرلمان اليوناني صندوق النقد الدولي بأنه أشبه بالإرهاب نفسه عند معاملته للدول المدينة.

وتعاني اليونان من ديون تصل إلى نحو 300 مليار يورو، وتحتاج الحكومة اليونانية خلال شهر مايو (أيار) المقبل ما يقارب 10 مليارات يورو لسداد الديون، ولا تعتبر الحزمة المقدمة كحلّ نهائي للمشكلات المالية اليونانية، ولذا تستمر الحكومة في إقرار إجراءات تقشفية صارمة على الشعب.

ولم يدلِ أعضاء الوفود بأي تصريح عند وصولهم لحضور الاجتماع المغلق الذي يعقد في وزارة المالية، ويتوقع أن تستمر المحادثات نحو عشرة أيام، وجاء في بيان وزعته وزارة المالية قبل بدء الاجتماع أن وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو سيبحث مع الخبراء وضع برنامج سياسات اقتصادية لثلاث سنوات حتى 2012، حتى تحظى بمساعدة مالية من دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي إذا ما قررت السلطات اليونانية طلب تفعيل هذه الآلية.

ويتكون الفريق الذي يشارك في المباحثات من نحو عشرين شخصا، غداة إصدار أثينا سندات خزينة بقيمة 1.95 مليار يورو لمدة ثلاثة أشهر. وأعلن باباكونستانتينو أن طرح سندات الخزينة المشار إليه خفض الحاجة إلى استدانة 10 مليارات دولار في شهر مايو، مؤكدا أن أموال الديون سوف تكون مؤمنة الشهر المقبل. وأوضح وزير المالية اليوناني أن بلاده سوف تقرر تفعيل آلية المساعدة الأوروبية حين ترى أن الأمر أصبح ضروريا، وذلك سيكون رهنا بشروط الاقتراض ومدى تقدم المحادثات مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

من جهته أشار رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إلى أن معدلات الفائدة البالغة 5 في المائة على القروض التي تفكر في منحها منطقة اليورو لأثينا مرتفعة جدا، وذكر باروزو أنه بحث مطولا هذا الأمر مع أبرز القادة الأوروبيين، وقال: «للأسف، إنه كان الحل الوحيد الممكن»، في إشارة إلى التسوية التي أعلنها وزراء مالية منطقة اليورو في اجتماعهم يوم 12 أبريل (نيسان).

وفي حالة حصول اليونان على المساعدات الموعودة التي تتكون من نحو 30 مليار يورو خلال العام الأول في صورة قروض ثنائية مع باقي دول منطقة اليورو وما بين 10 و15 مليار يورو متوقعة من صندوق النقد الدولي، ستكون حزمة المساعدات الأكبر التي تحصل عليها دولة واحدة من عدة أطراف. وكانت الحكومة الاشتراكية في اليونان قد وافقت بالفعل على خفض الإنفاق العام وتجميد مخصصات التقاعد في إطار برنامج للتقشف الاقتصادي، كما رفعت الحكومة الضرائب في محاولة لتوفير 8 مليارات يورو «11 مليار دولار» للخزانة العامة التي تعاني من عجز وصل العام الماضي إلى 12.7 في المائة.

وتزامنا مع المحادثات التي تجري حاليا في أثينا بين ممثلين من المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي مع المسؤولين اليونانيين، نظمت حركة العمال المقربة من الحزب الشيوعي إضرابا يستمر يومين، احتجاجا على التدابير التقشفية للحكومة التي تقول عنها النقابات إنها أضرت بالعمال، وأعربت الاتحادات النقابية عن خوفها من أن تتخذ الحكومة اليونانية مزيدا من الإجراءات القاسية، بما في ذلك تقليص المزيد من فرص العمل وخفض الأجور إذا ما قبلت حزمة الإنقاذ الأوروبية.

ويتوقع المراقبون أن تستمر الأزمة المالية اليونانية لثلاث سنوات أخرى، وأن تحتاج الحكومة اليونانية إلى المزيد من التمويل، وقد تكون المديونية العالية حاجزا في طريق البلاد إلى الانتعاش، حيث إن الدَّين سوف يشكل 120 في المائة من دخلها القومي بعد حصولها على المساعدات، والتي هي بمثابة قروض وليس منحة غير مردودة من دول الاتحاد الأوروبي.

من جانبه أكد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أنه لن يتردد في طلب الإنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إذا اتضح أن ذلك في المصلحة الوطنية، ودعا إلى محاربة الفساد، والتضامن الشعبي لمواجهة الأزمة المالية.