لجنة الأوراق المالية الأميركية «تحشد» فريقا من الخبراء لمعركتها مع «غولدمان ساكس»

يواجه فريق دفاع قويا يضم محاميا سابقا في البيت الأبيض

عاملون في «غولدمان» يتابعون خطاب الرئيس أوباما (أ ف ب)
TT

في وقت متأخر من الليل، كانوا يندفعون من مكتب إلى آخر، يحملون كمية كبيرة من الوثائق، ويستعدون لأبرز دعوى قضائية أفرزتها الأزمة المالية.

وفي الطابق الخامس من مقر لجنة الأوراق المالية والبورصات، عمل 5 رجال وامرأة، تناولوا بيتزا «سبارو» وساندويتشات «سابواي»، على مدى ساعات طويلة خلال أشهر ثلاثة من أجل إنهاء دعوى قضائية تزعم أن «غولدمان ساكس» خدع عملاءه.

وكان الفريق، الذي يتزعمه مدع فيدرالي سابق ومحققان بارزان داخل اللجنة، يستعد إلى تقديم دعوى قضائية ضد الشركة المالية الأميركية البارزة. وكانت ثمة مخاطر تتهدد تعهد رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات ماري شابيرو، الذي عينه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، العام الماضي، بأن تستعيد اللجنة دورها التقليدي كمراقب للتجاوزات التي تقع داخل وول ستريت.

ويتكون الفريق من 3 محامين كبار و3 أصغر. ويقول زملاء سابقون إنهم جمعوا معا مزيجا من الخلفيات تناسب الأبعاد الكثيرة المتضمنة في قضية «غولدمان». ويمكنهم فهم تفاصيل المنتجات المالية المعقدة للغاية، وفهم الفوارق القانونية وتبسيط القضايا المعقدة أمام هيئة المحلفين.

كان لورين ريزنر (48 عاما) مدعيا فيدراليا، واختاره مدير قسم التنفيذ الجديد روبرت خزامي العام الماضي ليكون نائبا له. وتحت ريزنر كانت توجد شخصيات مخضرمة داخل اللجنة، مثل كين لينتش (47 عاما) وريد مويو (43 عاما)، الذي يترأس مجموعة جديدة داخل اللجنة متخصصة في أنواع الاستثمارات الدخيلة التي قوضت المنظومة المالية.

ويواجه الرجال تحديات قوية، حيث إن شركة «غولدمان ساكس»، التي أنكرت مزاعم الخداع يحشد فريق دفاع قوي يتزعمه ريتشارد كلابر، الذي قضى 30 عاما في «سوليفان آند كرومويل»، إحدى أبرز شركات المحاماة في الولايات المتحدة، التي لعب شركاؤها دورا بارزا في صياغة التنظيم المالي داخل واشنطن على مدار الأعوام. كما استعملت شركة «غولدمان» أيضا المحامي السابق في البيت الأبيض غريغوري كرايغ.

وبعد عام ونصف العام من الاستعداد، قامت لجنة الأوراق المالية والبورصات برفع دعوى قضائية مدنية ضد «غولدمان» مطلع الشهر الحالي. والنقطة الأساسية في القضية تزعم أن صندوق التحوط «بولسون آند كو» كان يبحث عن وسيلة للرهان عن تراجع في سوق الإسكان وطلب من «غولدمان» أن يساعده على إنشاء منتج مالي يسمح بهذا الرهان. وبعد ذلك ساعد «بولسون» على تجميع هذا المنتج عن طريق اختيار أوراق مالية فردية لتكون فيه. وكانت هذه أوراق مالية مرتبطة بالرهن العقاري اعتقد «بولسون» أنه من المحتمل أن تفقد قيمتها.

وتزعم لجنة الأوراق المالية والبورصات أن دور ودوافع الصندوق كانت سرية عندما قام «غولدمان» بتسويق وبيع الاستثمار إلى عملاء كانوا يأملون أن ترتفع قيمتها.

ويعد ريزنر، الذي يحتمل أن يكون المحامي الأول في قضية «غولدمان»، واحدا من الكثير من المدعين الفيدراليين السابقين الذين استعملتهم لجنة الأوراق المالية والبورصات خلال آخر عام ونصف العام. وقد قضى ريزنر، الذي تخرج في جامعة برانديز وكلية هارفارد للقانون، أكثر من 10 أعوام داخل شركة مقرها نيويورك.

وعندما كان مدعيا، كان يعمل بالأساس في قضايا تتضمن فساد عام وجرائم مالية. وفي منتصف التسعينات، وفي معرض قضية ضد أعضاء عصابة حطموا متاجر فاخرة وبعد ذلك سرقوا سلعا تحت تهديد السلاح، جذب ريزنر الانتباه بسبب موهبته في تحويل الأدلة المعقدة إلى نقاط بسيطة أمام هيئة المحلفين.

ويقول غوي بيتريلو، وهو مدع فيدرالي سابق: «كان قادرا على التعامل مع المعلومات الفنية المعقدة وجعلها مفهومة (لهيئة المحلفين) من دون تبسيط مخل». وقال إن مهارة ريزنر ستكون ذات أهمية في قضية «غولدمان»، التي تتضمن أداة مالية معقدة تعرف باسم التزام الدين المضمون. ويقول بيتريلو: «هذه المقدرة العامة على تركيب وتوضيح المعاملات المعقدة أو سيناريوهات الحقائق جزء هام من خبرته».

وكان مويو يدير التحقيقات المعتادة داخل لجنة الأوراق المالية والبورصات، وعمل مع 3 محققين آخرين، جيث ليشور وجاسون أنطوني وكريولا كيلي. وبدأ مويو، الذي تخرج في جامعة وليامز وكلية ييل للقانون، العمل في لجنة الأوراق المالية والبورصات في عام 1998 كمحقق بعد أن عمل لفترة قصيرة داخل شركة محاماة في نيويورك، ومع قاض فيدرالي في شيكاغو.

وأثار مويو إعجاب زملائه بمهاراته البارزة. وكان من بين دعواه القضائية الكبرى دعوى ضد لويس ريفلين، وهو محام بارز في واشنطن يزعم أنه غش مستثمرين، ومن بينهم مؤسسات خيرية، في عملية شراء أوراق نقدية مزورة قيمتها 6.2 مليون دولار.

وتولى مويو إدارة التحقيق، ولكن عندما ذهبت القضية إلى المحكمة، وكلت إليه مهمة المساعدة في استجواب الشهود داخل المحكمة، وهي المهمة التي تترك عادة إلى المحامين الأكثر خبرة.

ويقول ستيفن كريمينز، وهو محام سابق في لجنة الأوراق المالية والبورصات: «عندما يكون لديك محام صغير غير خبير (يستجوب) شاهدا، يقف ويتعثر كثيرا. ولكنه كان قادرا على الوقوف والاستجواب من دون أسئلة صعبة... شيء طبيعي. وبالنسبة لشخص لم يتناول قضية داخل المحكمة من قبل، كان ذلك جيدا جدا».

ولدى لينتش معرفة عميقة بالأدوات المالية الخفية، حسب ما يقول زملاء سابقون، ودائما ما يبحث عن معلومات في مقالات أكاديمية حول المشتقات وغيرها من المنتجات المالية المهيكلة.

وتخرج لينتش في كلية القانون بجامعة برانديز وبوسطن، وكان على رأس فريق اتهم ضد بنوك يزعم أنها باعت سندات محفوفة بالمخاطر ودخيلة لعملاء كان يريدون استثمار محافظ. ويقول وولتر ريتشياردي، نائب المدير التنفيذي السابق للجنة البورصة والأوراق المالية، عمل مع لينتش في هذه السندات: «لدى كين مقدرة فكرية وصبر للتأكد من أن لديه الوقت لتكوين فهم عميق» بالأدوات المالية المعقدة. وأضاف: «دائما ما كان يثير إعجابي بفهمه العميق الشامل للطريقة التي تعمل من خلالها الأدوات».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»