تقرير اقتصادي: استمرار الأزمة المالية في مجال الائتمان المصرفي

«الأهلي كابيتال» السعودية: سوق السندات عوضت نقص الائتمان الفترة الماضية

العودة السريعة نسبيا في ربحية قطاع المصارف العالمي من أهم قصص النجاح («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير اقتصادي حديث أن الأزمة المالية العالمية استمرت بقوة في مجال الائتمان المصرفي، على الرغم من الخطوات المهمة المتخذة لإعادة تنشيط الأسواق بعد أن كان للزيادة الحادة في تكلفة الإقراض أثر ضئيل على أحجام الإقراض.

وقال التقرير الاقتصادي الصادر من شركة «الأهلي كابيتال» إن ائتمان المصارف في معظم البلدان بقي راكدا، وقامت سوق السندات بتعويض نسبة ضئيلة فقط من هذا النقص، مشيرا إلى أنه في ظل غياب الوساطة المالية العادية، فقد عانى الانتعاش حتى تمكن من استجماع قواه وبقي معتمدا بشكل كبير على الدعم الحكومي، في وقت بلغت فيه الديون والعجز في القطاع العام في أغلب الاقتصادات الغربية مستويات تاريخية.

وبيّن التقرير الذي حمل عنوان «قطاع المصارف العالمي: من مشكلة إلى مصيبة» أنه ينظر إلى العودة السريعة نسبيا في ربحية قطاع المصارف العالمي على أنها من أهم قصص النجاح التي اتخذتها الحكومات والبنوك المركزية كرد فعل قوي لمكافحة الأزمة.

وأضاف الدكتور يارمو كوتيلاين كبير الاقتصاديين في شركة «الأهلي كابيتال» معد التقرير، أنه تم تقليص التوقعات الحالية للخسائر المتعلقة بالبنوك، كما أن حالة الاستنفار قد أفسحت المجال للتفاؤل الحذر. مشيرا إلى أنه على الرغم من استعادة البنوك توازنها من ناحية الربحية، فإنها لم تستعد بعدُ دورها وسيطا ماليا. ورغم أن سعر الائتمان منخفض تاريخيا، فإن القروض الجديدة بقيت عند الحد الأدنى، في الوقت ذاته، بعد أن دفعت ثمنا باهظا لدعم المؤسسات المالية الرائدة، فإن بعض الحكومات تواجه بشكل متزايد متاعبها المالية الخاصة، مما يدعم ارتفاع نمو الائتمان. فتخفيض الديون السيادية اليونانية إلى حد جعلها بلا قيمة تُذكر يهدد بإشعال المرحلة القادمة التي قد تكون أكثر خطرا من الأزمة ذاتها.

ولفت التقرير إلى أن قطاع المصارف هو المحرك الأساسي للانتعاش الاقتصادي العالمي الملحوظ خلال العقد الماضي، مبينا أنه في نهاية المطاف كان المحرك الأساسي ثم بات ضحية الأزمة في ما بعد، حيث ارتفعت نسبة الأصول المالية العالمية إلى إجمالي الناتج المحلي العالمي من 120 في المائة في 1980 إلى 358 في المائة في 2007، وقد أجريت نسبة متزايدة من النشاط خارج نطاق التنظيم الرسمي.

وأشار كوتيلاين إلى أن الاقتصادات الغربية على وجه الخصوص عرضة للانكماش الاقتصادي، وهو الأمر الذي أثار أقوى الاستجابات السياسية على الإطلاق. وقد تم إنقاذ المؤسسات الكبرى كما استفاد القطاع ككل من عدد من تدابير الدعم المالي والنقدي. وقد دفع هذا البنوك الكبرى إلى تحقيق الأرباح كما خفض صندوق النقد الدولي تقديراته لمجموع خسائر قطاع المصارف منذ بداية الأزمة حتى 2010م من 2.8 تريليون دولار إلى 2.3 تريليون دولار.

وبيّن أن المخاطر التنظيمية تتمثل في انعدام الائتمان الجديد الذي كان جزئيا بسبب تجنب المخاطر المستمر، وجزئيا بسبب الانخفاض الشديد في معدلات الفائدة التي ثبطت التحركات تجاه الإقراض عالي المخاطر حيث تكفي حتى العوائد المنخفضة لتوليد أرباح.

وأكد أن المخاطر التنظيمية أضافت الكثير إلى القلق العام، وسعت البنوك لبناء قاعدات لرأس المال والسيولة تحسبا للوائح أكثر صرامة، فالتقدم البطيء في صياغة القوانين الجديدة، إلى جانب التسييس المتزايد للعملية، زاد من حدة المخاوف، والدفعات السياسية المحتملة والمتعلقة بتعويض بعض الدعم الحكومي الهائل أو فرض لوائح أكثر صرامة، تم تصعيدها في أعقاب تنامي الغضب الشعبي بشأن الزيادات وقضية الاحتيال في بنك «غولدمان ساكس».

وأشار كبير الاقتصاديين «الأهلي كابيتال» إلى أن تدخل الحكومة لدعم البنوك لم يكن شيئا يُذكر، وذلك لتعزيز التدخل المالي، إلا أنه فرض تكاليف مالية هائلة وحوّل التركيز إلى الموارد المالية الحكومية الضعيفة في عدد من الدول، حيث إن التخفيض الأخير، خصوصا اليوناني، من قِبل وكالات تصنيف الائتمان، يذكّر بالبداية المشؤومة لأزمة الائتمان.

وأوضح أن الاستثمارات الآمنة يبدو أنها قد أظهرت هشاشتها والانهزام النظامي قد أثاره التخفيض الذي قامت به وكالات تصنيف الائتمان، التي كان دعمها مهما جدا لقبولها الأوراق المالية على نطاق واسع.

وبسبب معاهدة النمو والاستقرار افترض التقرير أن تكون اقتصادات منطقة اليورو منخفضة المخاطر، وبدلا من ذلك، فقد وجد بعض منها نفسه في خضم الأزمة، حيث بلغت تكاليف إقراض اليونان 18 في المائة لسندات الخزينة لمدة عامين، وهي الأعلى سياديا في العالم.

وأفاد تقرير «الأهلي كابيتال» بأن الاتحاد الأوروبي وجد نفسه مشلولا في مواجهة الأزمة اليونانية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه كان يحاول التوصل إلى تسوية مقبولة بين إظهار التضامن وتجنب المخاطر المعنوية.

وأكد أنه مع مشاركة صندوق النقد الدولي في خطط الإنقاذ، والتفكير في دعم إضافي بقيمة 10 مليارات يورو، فمن المرجح أن يكون هناك ما يكفي من المرونة للسيطرة على الوضع في اليونان ولو بشكل مؤقت، ومع ذلك، فالأدهى والأمرّ، هو عدم وجود آلية حالية رسمية للتعامل مع احتمالية انتقال العدوى إلى الدول الأخرى في منطقة اليورو.

وأوضح أن الفشل في وقف الأزمة اليونانية من خلال الجمع بين الدعم المالي المحكوم بشروط مشددة للغاية، وتدابير التقشف الصارمة، يثير الخطر المحتمل في منطقة اليورو.