اندماج «يونايتد» و«كونتيننتال إيرلاينز» يدوي في سماء نيويورك

توازن القوى في مطارات المدينة الأميركية يميل لصالح عملاق الطيران الجديد

جانب من مطار «نيوآرك» وتظهر إحدى طائرات «كونتيننتال» (نيويورك تايمز)
TT

سيقلب الاتحاد بين شركتي الطيران «يونايتد» و«كونتيننتال إيرلاينز» توازن القوى في مطارات نيويورك.

كانت شركة «كونتيننتال» بالفعل اللاعب المسيطر في مطار نيوآرك ليبرتي الدولي. لكن في ظل الاندماج مع «يونايتد» أو الخطوط الجوية المتحدة، تكتسب هذه الشركة شبكة أكبر بكثير من الممرات والاتصالات المحلية إلى بقية أنحاء العالم، والتي من شأنها أن تجعل من الصعب للغاية على منافسيها في نيويورك، مثل «دلتا إيرلاينز» و«الخطوط الجوية الأميركية»، اللحاق بها.

وفي حين أن المدينة ستكون واحدا من المراكز العشرة لشركة الطيران الجديدة، فإن المعركة حول السيطرة في نيويورك تعرض نافذة على السبب في أن شركتي «يونايتد» و«كونتيننتال» وجدتا أن الاندماج جذاب للغاية.

وتبحث جميع شركات الطيران الرئيسية عن طرق لاستعادة اليد العليا، في الوقت الذي بدأ فيه السفر بالطيران ينتعش من جديد. وكانت مدينة نيويورك بالفعل البؤرة الرئيسية للاهتمام.

وتلعب المطارات في هذه المدينة، وهي مطار كينيدي الدولي ولاغارديا ونيوآرك، دورا مهما في السفر المحلي والدولي. وبعد اتحادهما، تمثل الشركتان أربعة من الممرات الخمسة الرئيسية، وتشكلان كذلك أكبر مركز في البلاد للرحلات الدولية.

وقالت جيل غريميت، نائبة رئيس «دلتا إيرلاينز» والمسؤولة عن نيويورك في الشركة، «إنها السوق الأكثر تنافسا هناك. ويرجع ذلك إلى أنها أكبر مصدر للإيرادات».

ويتعلق جزء كبير من المعركة بالمسافرين من رجال الأعمال، الذين يشكلون الجزء الأكبر من الأرباح في صناعة الطيران. ولجذب هؤلاء المسافرين، تقدم شركات الطيران أنواعا منتقاة من الخمور، وأسرة رائعة قابلة للانبساط في مقصورات رجال الأعمال على الرحلات الدولية من نيويورك. وتقوم هذه الشركات بتطوير الصالات القديمة وتوسع شبكاتها المحلية في ثلاثة من مطارات المنطقة.

وإذا نجح هذا الاندماج بين «يونايتد» و«كونتيننتال»، فإن الشركة الجديدة ستسيطر على حصة قدرها نحو 55 في المائة من المسافرين المحليين، وحصة قدرها 65 في المائة من المسافرين الدوليين في مطار نيوآرك، الذي حققت فيه شركة «كونتيننتال» النجاح لمدة عشرة أعوام.

وعلى الجانب الآخر، استخدمت شركة «دلتا»، التي اشترت شركة «نورثويست إيرلاينز» قبل عامين لتصبح أكبر شركة طيران في البلاد، قوتها الجديدة في توسيع حضورها في مطاري لاغارديا وكينيدي. وقد فقدت شركة الخطوط الجوية الأميركية، التي كانت أكبر شركة طيران في نيويورك، التقدم الذي أحرزته. وحتى الآن، لم تكن شركة «يونايتد» واحدة من اللاعبين الأساسيين في المدينة.

وهذه المنافسة على سوق نيويورك جعلت أسعار التذاكر منخفضة نسبيا حتى الآن. بيد أن المحللين حذروا من أنه إذا أصبحت إحدى شركات الطيران في مكانة مهيمنة للغاية في أي مطار، فسيكون هناك قدر أقل من الضغوط للسيطرة على الأسعار. وهذه المخاوف من الممكن أن تثير قضايا مكافحة الاحتكار فيما يتعلق بالاندماج المخطط بين «يونايتد» و«كونتيننتال».

وكانت الشركة الوحيدة التي خرجت من السباق في نيويورك هي شركة «نورث ويست»، التي بذلت جهودا كبيرة لإرساء وجودها في مطار لاغارديا. وأعرب المسؤولون التنفيذيون في هذه الشركة عن إصابتهم بالإحباط نظرا لعدم قدرتهم على التوسع في نيويورك. وقالت ويتني إيتشينغر، المتحدثة باسم الشركة «إذا كنت تريد السيطرة على المسافرين من رجال الأعمال، فإنك بحاجة إلى أن يكون لديك حضور في مدينة نيويورك».

وتعد مطارات نيويورك أكبر بوابة أميركية إلى أوروبا، حيث ينطلق منها ثلث عدد المسافرين بالجو عبر الأطلسي. وهذه الممرات بدورها تسيطر على 26 في المائة من الحجم الإجمالي للإنفاق على تذاكر درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى، وفقا للجمعية الدولية للنقل الجوي.

وكجزء من الجهود المبذولة للحصول على حصة من سوق السفر العابر للأطلسي، تنظم شركات الطيران الأميركية الشركاء الأوروبيين من خلال ثلاثة تحالفات رئيسية، هي «سكاي تيم» و«ستار» و«وان وورلد». وتسمح هذه التحالفات لشركات الطيران بتنسيق الأسعار فيما بينها، وتخطيط الرحلات الدولية، وفي بعض الأحيان تقاسم العائدات. كما تساعد هذه التحالفات شركات الطيران على جانبي الأطلسي في جذب مزيد من المسافرين لشبكاتها المحلية.

وأحد الأجزاء الأكثر وضوحا في المعركة حول نيويورك يحدث في الجزء الأمامي من الطائرة، حيث تعتزم شركة «دلتا»، على سبيل المثال، إنفاق 1.2 مليار دولار على تحسين مقصورات درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى خلال السنوات الثلاث القادمة، وقد بدأت ذلك بتقديم مقاعد من الممكن بسطها لتصبح أسرة على الرحلات المقلعة من نيويورك إلى لندن.

ثم إن هناك المعركة حول الحصة السوقية، لا سيما في مطار لاغارديا، وهو المطار الذي تم إنشاؤه قبل 70 عاما، وتم تصنيفه في الدرجة الأخيرة من حيث الوصول في الميعاد، لكن يفضله المسافرون من رجال الأعمال لأنه الأكثر قربا إلى منطقة ميدتاون مانهاتن.

وقالت شركة «دلتا» الصيف الماضي إنها تعتزم تبادل 42 حقا من حقوق الإقلاع والهبوط في مطار ريغان الوطني في واشنطن مع 125 حقا من حقوق الإقلاع والهبوط المملوكة لشركة خطوط الولايات المتحدة الجوية «يو إس إيرويزي» في مطار لاغارديا.

بيد أن إدارة النقل طلبت من شركات الطيران بيع 34 حقا من حقوق الإقلاع والهبوط من أجل المحافظة على المنافسة. وردا على هذا الطلب، عرضت شركتا «دلتا» و«خطوط الولايات المتحدة الجوية» الإقلاع عن 20 حقا، والتي لا تزال تضاعف الحصة السوقية لشركة «دلتا» إلى نحو 40 في المائة في مطار لاغارديا.

وفي يوم الثلاثاء، قالت الإدارة إن هذا العرض لا يزال «غير كاف»، لكنها كررت أنها ستوافق على الصفقة إذا التزمت الشركات بحكمها الأصلي. وقالت شركات الطيران يوم الثلاثاء إنها ستطعن على هذا القرار.

وتواجه شركة «الخطوط الجوية الأميركية»، التي تعمل في نيويورك منذ 80 عاما، خطر فقدان حصتها السوقية. وردت على تحرك شركة «دلتا» بقولها إنها ستتعاون مع «جيت بلو» بشأن بعض الممرات، وستضيف كذلك 31 رحلة جديدة من مطاري كينيدي ولاغارديا، بما في ذلك ممرات جديدة إلى مينابوليس سانت بول وأتلانتا وتشارلوت وإن سي، على طائرات محلية مجهزة بمقاعد الدرجة الأولى.

وفي خطاب للعاملين عقب هذه الإعلانات، قال جيرارد جيه آر بي، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه إم آر»، الشركة الأم لشركة الخطوط الجوية الأميركية «إننا في معركة قاسية ومهمة في نيويورك، وننوي الفوز بها».

لكن في حين أن «دلتا» لديها خطط كبيرة في نيويورك، إلا أن أحد الأمور التي تؤرقها هو الصالة رقم 3 الرديئة والضيقة في مطار كينيدي، والتي بنيت عام 1965. وتعاني هذه الصالة الآن من أجل استيعاب المسافرين الدوليين لدى شركة «دلتا»، والذين يبلغ عددهم خمسة ملايين مسافر في العام.

وانتقد المدير التنفيذي لهيئة موانئ نيويورك ونيوجيرسي، وهي الوكالة التي تدير مطار المدينة، هذه الصالة، ووصفها بأنها لا تصلح أن تكون نقطة دخول للرحلات الدولية.

وعلى النقيض من ذلك، افتتحت «جيت بلو» صالة أنيقة بتكلفة 743 مليون دولار في مطار كينيدي الخريف الماضي. وتمتلك شركة «الخطوط الجوية الأميركية» صالة جديدة وحديثة في مطار كينيدي أيضا. وبلغت تكلفة هذه الصالة، التي بنيت عام 2007، 1.3 مليار دولار.

ويقر المسؤولون التنفيذيون في شركة «دلتا» بأنهم يواجهون مشكلة في مطار كينيدي، وقالوا إنهم يعملون على حلها. وقالت غريميت «إذا سألتني ما يؤرق مضجعي أثناء الليل، سأقول لك هذه المشكلة. إنها تجربة غير سارة».

والجبهة الثالثة في المعركة حول المسافرين في نيويورك غير واضحة لمعظم المسافرين، لكنها من المحتمل أن تكون الأكثر أهمية بالنسبة لشركات الطيران.

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول)، انسحبت شركة «كونتيننتال» من تحالف «سكاي تيم»، الذي تسيطر عليه شركة «دلتا» والخطوط الجوية الفرنسية أو «إير فرانس»، لتنضم إلى تحالف ستار، الذي أسسته شركة «يونايتد» وشركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا».

وأمد هذا التحول تحالف «ستار» بمركز في نيويورك كان في أشد الحاجة إليه. وتتوقع شركة «الخطوط الجوية الأميركية»، التي تعد جزءا من تحالف «وان وورلد» مع الخطوط الجوية البريطانية، كسب حصانة ضد الاحتكار بالنسبة لممراتها في الأطلسي في نهاية العام الحالي، وتأمل أن تكون في وضع أفضل لمنافسة الخصمين الآخرين.

وقال ويليام إس سويلبار، المهندس بقسم الأبحاث في المركز الدولي للنقل الجوي التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، إن نيويورك هي بمثابة مختبر رئيسي للتحالفات.

وقال «تعد نيويورك حيوية بالنسبة لكل من التحالفات الثلاثة. إنها لعبة عالمية، وإنها تلعب أمامنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»