مخاوف من انتشار أزمة اليونان تسري عالميا.. وتحرك أوروبي ودولي لتهدئتها

قلق أميركي وأوباما يراقب الوضع * اليابان تؤكد ضرورة التعاون الدولي وتضخ 21 مليار دولار لطمأنة الأسواق

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أثناء لقائه برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني على هامش قمة قادة منطقة اليورو في بروكسل (أ.ب)
TT

تحولت المخاوف بشأن أزمة ديون اليونان إلى انشغال عالمي حيث نظر المستثمرون إليها باعتبارها نذيرا باضطراب في اقتصادات أوروبية أخرى، وسعت الحكومات جاهدة لتهدئة الأسواق.

وسعى قادة منطقة اليورو عبر قمتهم الاستثنائية أمس إلى طمأنة الأسواق فيما سعى وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى للتحرك لمواجهة أزمة اليونان عبر مناقشة خطة إنقاذ اليونان في مؤتمر عبر الهاتف أمس بعد أن أبدى مسؤولون بمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) مخاوفهم، وقال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما يراقب التطورات من كثب.

وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية أمس إن وزير الخزانة تيموثي غايتنر بحث لليوم الثاني على التوالي التقلبات الحادة في الأسواق الأميركية مع رئيسي لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ولجنة تداول عقود الآجلة للسلع الأولية. وتحدث غايتنر بالهاتف مع رئيسة لجنة الأوراق المالية والبورصات ماري شابيرو ورئيس لجنة تداول عقود السلع الأولية غاري جينسلر لكن المسؤول لم يقدم تفاصيل عن فحوى المحادثات، بحسب «رويترز». وقال المسؤول إن غايتنر أجرى عدة محادثات هاتفية أمس حيث تحدث مع جينسلر وشابيرو ومسؤولين بمجلس الاحتياطي الاتحادي ومصرفيين في البنوك المركزية الأوروبية. وشارك غايتنر صباح أمس في مؤتمر بالهاتف لوزراء المالية ومسؤولي البنوك المركزية من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لمناقشة أزمة ديون اليونان. ومن ناحية أخرى قال عضو مجلس النواب الأميركي بول كانيورسكي أمس إن موجات البيع الحادة التي شهدتها بورصة وول ستريت أول من أمس الخميس سيجري بحثها في جلسة استماع في لجنة فرعية في الكونغرس يوم الثلاثاء. وقال كانيورسكي الذي يرأس لجنة أسواق رأس المال بمجلس النواب في بيان: «الهبوط الحاد والمفاجئ لسوق المال مزعج بدرجة لا تصدق». وأضاف: «أظهرت تقارير أن هذه الحركة قد تكون نجمت عن خطأ للكومبيوتر. لا يمكن أن نسمح لخطأ تقني أن يفزع الأسواق ويثير الهلع. هذا غير مقبول». وقال إن لجنة الأوراق المالية والبورصات يجب أن تبحث الأمر. ومضى قائلا: «بالإضافة إلى ذلك فإن اللجنة الفرعية ستعقد جلسة استماع للبحث في المسألة».

ويسعى قادة منطقة اليورو عبر قمتهم الاستثنائية أمس إلى طمأنة الأسواق عبر التأكيد على وضع آليات لعدم تكرار أزمة اليونان في منطقة اليورو مرة أخرى، وذلك بتشديد القواعد التي تحكم الدول الأعضاء في منطقة اليورو والأسواق المالية، خصوصا في مراقبة الأسواق وفرض الشفافية عليها ومواجهة أي خروقات أو تلاعبات فيها.

وقد كتبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في خطاب مشترك قبل القمة: «مواجهة هذه الأزمة انفراديا لن تكون كافية. نحتاج إلى استخلاص كل الدروس واتخاذ كل التدابير الضرورية لتجنب تكرار أزمة من هذا النوع».

وشبّه مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون النقدية أولي رين تعثر اليونان بالأزمة المالية قبل 18 شهرا. وقال رين في مجلة فنلندية: «قليل ما كانت الولايات المتحدة تعلمه في سبتمبر (أيلول) 2008 عما سيفضي إليه إفلاس بنك الاستثمار (ليمان براذرز)»، وأضاف: «النتيجة كانت إصابة النظام المالي العالمي بالشلل بصورة أدت إلى أكبر ركود عالمي منذ الثلاثينات. وتداعيات تعثر اليونان ستكون مشابهة، إن لم تكن أسوأ».

وأقر البرلمان اليوناني خطة تقشف أمس، لكن موجة بيع تسارعت في الأسواق خلال الليل بعد أن قال البنك المركزي الأوروبي إنه لم يدرس شراء سندات حكومية للتخفيف من وطأة أزمة ديون اليونان. وكان بعض المستثمرين يأملون أن ينشط البنك أكثر من ذلك لتهدئة الأسواق. وقد صادق النواب الألمان أمس على إسهام بلادهم في مساعدة اليونان رغم الاقتراع المقرر الأحد الذي يعتبر حاسما لائتلاف أنجيلا ميركل واستياء الرأي العام من قرض يتجاوز 22 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات. وأفاد آخر استطلاع أن 56% من الألمان يعارضون منح اليونان قروضا. وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله أمام البرلمان إن مساعدة اليونان ستعلي شأن ميراث ألمانيا ما بعد الحرب في خدمة السلام في أوروبا بعد 65 عاما من «أحلك فصول» التي شهدتها البلاد في أثناء الحرب العالمية الثانية. وكانت ألمانيا امتنعت طويلا عن دعم اليونان مع اقتراب استحقاق انتخابي حاسم. وأثار تردد المستشارة التي كانت تريد مراعاة ناخبيها واعتقدت حتى آخر لحظة أن تصريحات النيات قد تكفي لتهدئة الأسواق، استياء شركاء ألمانيا. وبات يُنظر إليها في اليونان على أنها المسؤولة عن تفاقم مشكلات ذلك البلد برفضها الالتزام مبكرا. وستتحمل ألمانيا، وهي أول اقتصاد أوروبي، الجزء الأكبر من الثمانين مليار يورو من القرض متعدد الجوانب من شركاء اليونان الأوروبيين، أي 8.4 مليار يورو هذه السنة، و14 مليار يورو إضافية في 2011 و2012. وستكون فرنسا ثاني دولة تساهم في القرض بنحو 16.8 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات.

وقد شن رئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية هجوما شديدا على المفوضية الأوروبية على خلفية الأزمة المالية لليونان.

انتقد هورست زيهوفر أمس في ميونيخ عدم انتباه المفوضية للأزمة في وقت مبكر والتأخر في التعامل معها، وقال: «السؤال الذي على المفوضية أن تستمع إليه هو: كيف كان لذلك أن يحدث؟».

وحذر رئيس وزراء ولاية بافاريا، أقوى ولاية ألمانية من الناحية الاقتصادية، من أن برلين كانت ستتضرر بشكل واسع في حال تركت اليونان تعالج أزمتها بمفردها ورفض في الوقت ذاته تقديم دعم مالي بشكل دائم لدول الاتحاد الأوروبي التي تعاني أزمات مالية قائلا: «لا أريد أن يصبح اتحاد العملة الموحدة، اتحادا لنقل الأموال».

وفي طوكيو اتفق رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما أمس في الرأي مع وزير ماليته ناوتو كان على أن التعاون الدولي بشأن أزمة اليونان ضروري. في هذه الأثناء قال بنك اليابان المركزي أمس إنه سوف يضخ تريليون ين (21.8 مليار دولار) في المؤسسات المالية من خلال عمليات سوق المال الطارئة بهدف التخفيف من المخاوف بعد أن هوت أسواق الأوراق المالية في أنحاء العالم.

وقدم البنك المركزي أموالا للاقتراض في اليوم ذاته للبنوك وشركات السمسرة للمرة الأولى منذ الثاني ديسمبر (كانون الأول) الماضي في خطوة جاءت بعد يوم واحد من إعلان البنك عزمه ضخ أموال جديدة من أجل محاربة الانكماش وتخفيف حدة المخاوف بشأن مشكلات الديون في اليونان.

وكان بنك اليابان قد ضخ تريليونَي ين في المؤسسات المالية في ديسمبر عام 2008 في غمرة الأزمة المالية العالمية.