19 مليار دولار قيمة صفقات الاندماج الهندية في الخارج في الربع الأول من العام الحالي

تحتل الهند المرتبة الثانية كأكبر جهة توظيف أجنبية داخل المملكة المتحدة

TT

في وقت تتركز أنظار العالم الغربي على النمو داخل الاقتصاديات الناشئة كعامل من شأنه المساعدة في الخروج من حالة الركود، سعت الشركات الهندية العالمية بجد وراء صفقات اندماج وشراء عالمية.

كانت أحدث الصفقات الضخمة شراء «بهارتي»، وهي شركة اتصالات هندية، لأصول شركة «زين» الكويتية للاتصالات داخل أفريقيا مقابل 10.7 مليار دولار.

ووفقا لشركة «في سي سي إيدج»، المعنية بالأبحاث المالية، فإن قيمة صفقات الاندماج والشراء العابرة للحدود التي أبرمتها الشركات الهندية، ارتفعت إلى 19.2 مليار دولار خلال الربع الأول فقط من عام 2010، بينما بلغ الرقم المناظر خلال عام 2009 بأكمله، 11.9 مليار دولار. جدير بالذكر أن عام 2009 يعد من الأعوام هزيلة الأداء. وفي عام 2008، بلغت القيمة 32 مليار دولار.

وقد حدث التحول في فبراير (شباط) في أعقاب بداية بطيئة إلى حد ما في يناير (كانون الثاني). ومن بين الصفقات المبرمة شراء «رينوكا شوغار» لحصة من «إكويباي»، شركة إنتاج السكر البرازيلية، تخول لها السيطرة عليها مقابل 329 مليون دولار، وشراء «ريليغير إنتربرايزز» لصندوق أموال «نورثغيت كابيتال»، ومقره كاليفورنيا، مقابل 10 مليارات روبية.

من جهتهم، أعرب مصرفيون استثماريون عن توقعاتهم بأن يتحول عام 2010 إلى العام الأكبر على صعيد صفقات الشراء العالمية بالنسبة إلى الشركات الهندية.

يذكر أن مجلس إدارة «إلجي إكويبمنتس ليمتيد»، المتخصصة في إنتاج آلات ضغط صناعية، وافق على شراء «بيلير إس. إيه - فرانس» العاملة في مجال جمع وبيع وتوفير الخدمات المرتبطة بآلات الضغط الصناعية والأنابيب والمعدات الثانوية، مقابل 953823 دولارا.

وتقدر إجمالي استثمارات الشركات الهندية في المالديف بمليار دولار.

من ناحيتها، أعلنت «بهارتيا ارتيل» للاتصالات موافقتها على شراء حصة 70 في المائة من «وارد تيليكوم» في بنغلاديش. وتنوي «بهارتيا» توجيه استثمارات جديدة بقيمة 300 مليون دولار إلى الشركة، الأمر الذي سيرفع قيمة مجمل الاستثمارات الموجهة إلى هذه الصفقة إلى مليار دولار.

من ناحية أخرى، استحوذت شركة «كرومبتون غريفز ليمتيد»، وهي جزء من «أفانثا غروب» ومقرها الهند، على شركة «باور تكنولوجي سلوشنز»، للهندسة الكهربية، مقابل نحو 45.5 مليون دولار.

من بين الأسباب وراء نجاح الشركات الهندية في عقد الكثير من الصفقات الدولية، أن الأسواق الغربية لا تزال ترزح تحت ضغوط كبيرة، ولا تزال بعيدة للغاية عن المستويات المرتفعة التي كانت قد بلغتها قبل موجة الركود التي ضربتها. وتعد أسعار الأسهم منخفضة حاليا، وكذلك تقديرات الشركات الأجنبية. وكان الاقتصاد الهندي النشط، ووفرة النقد لدى الشركات الهندية والسياسات الحكومية، والنشاط الجديد الذي يبديه أصحاب الأعمال الهنود، جميعها عوامل أسهمت في هذا التوجه الجديد نحو الاستحواذ على شركات أجنبية. وتتطلع الشركات الهندية حاليا نحو أسواق أميركا الشمالية وأوروبا، لتوسيع رقعة نشاطها والتحول إلى عناصر تجارية عالمية مؤثرة.

يذكر أن «سيفا غروب»، ومقرها تشيناي، وهي تكتل من شركات متنوعة يصل إجمالي قيمتها إلى 3 مليارات دولار، اشترت حصة 50 في المائة من «إسكلار»، وهي شركة نرويجية تنتج المياه المعدنية الطبيعية.

من جهتها، أعلنت «ماهيندرا ساتيام»، شركة استشارية في مجال تكنولوجيا المعلومات، توسيعها نشاطات «غلوبال سلوشن سنتر»، التابع لها داخل ماليزيا، من خلال نقل المزيد من جهود التنمية العالمية المتعلقة بالبرامج وعمليات التوصيل إليه.

كما اشترت شركة «إنديان فارزمرز فرتيليزرز كوأوبريتف ليمتيد» حصة 10 في المائة من «أميركاس بتروغاس إنك»، ومقرها كندا، و20 في المائة من شركة «غروماكس أغري كورب» التابعة لها. إلى جانب ذلك، دخلت الشركة في صفقة مشتركة مع الشركة الكندية للتنقيب عن البوتاس والنفط والغاز الطبيعي.

أيضا، وقعت «نافا بهارات بتي ليمتيد» (سنغافورة) عقد شراء مع حكومة زامبيا، لشراء حصة 65 في المائة من «مامبا كوليريز ليمتيد».

وتشير الأرقام إلى أن قيمة الصفقات الهندية الخارجية التي قدرت بـ0.7 مليار دولار عام 2000 - 2001، ارتفعت إلى 4.3 مليار دولار عام 2005، وتجاوزت حاجز الـ15 مليار دولار عام 2006.

من ناحيتها، اقتحمت شركة «ماهيندرا آند ماهيندرا» الضخمة العاملة في مجال إنتاج السيارات، مجال الطيران من خلال شرائها حصة أغلبية في شركتين أستراليتين: «إيروستف أستراليا» و«غيبسلاند إرونوتيكس».

واشترت «باروان كومار رويا غروب»، ومقرها كولكتا، حصة 60 في المائة من «هينيغز أوتوموتيف غريفراث» الألمانية العاملة في مجال أنظمة ختم السيارات، التي تخدم الشركات الكبرى المصنّعة للسيارات.

واشترت «إيسار غروب» منجم فحم في إندونيسيا، سعيا لتوفير الوقود اللازم لمشروعاتها القادمة في مجال الطاقة الحرارية القادمة، وأصبحت بذلك رابع شركة هندية تشتري مناجم فحم في دولة في جنوب شرق آسيا.

وبالمثل، اشترى «بنجاب ناشيونال بانك»، ثاني أكبر مصرف في القطاع العام الهندي، حصة 64 في المائة من «جيه إس سي دانا بانك» في كازاخستان، مقابل 24 مليون دولار في أول صفقة شراء دولية له. ويتفاوض المصرف أيضا حول صفقات للدخول إلى أسواق جنوب أفريقيا وإندونيسيا، سعيا لتوسيع دائرة نشاطه الدولي، وزيادة نصيبه إلى 7 في المائة خلال السنوات الثلاث القادمة.

ونجحت «فيدانتا ريسورسيز» الهندية العاملة في مجال إنتاج المعادن، في تحقيق عائدات تقدر بـ4.7 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، عبر سندات بالعملة الأجنبية قابلة للتحويل وشهادات الإيداع الأميركية وغيرها.

في هذا السياق، قال فيديكا بهانداركار، المدير الإداري ورئيس الاستثمار المصرفي في «بي جيه بي مورغان إنديا»، الذراع المحلية للمصرف الاستثماري العالمي: «تحولت الهند والشركات الخارجية الآن إلى السعي الحثيث لانتهاز الفرص والتطلع إلى عقد صفقات. وزادت سهولة الحصول على رؤوس أموال بدرجة كبيرة عن ذي قبل. ويبدو الآن الوقت المناسب للشركات الهندية للتطلع نحو امتلاك الأصول المتاحة في الخارج بأسعار جذابة، في الوقت الذي لا تزال الشركات الأجنبية حذرة، نظرا إلى أن النشاط الاقتصادي لا يزال يتعافى».

الملاحظ أن نسبة كبيرة من صفقات الشراء الخارجية التي نفذتها «إنديا إنك» فيما يخص القيمة، تركزت حتى الآن في قارة أميركا الشمالية، التي شكلت ما يصل إلى 32 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات الخارجية، تلتها أوروبا بنسبة بلغت 23 في المائة من إجمالي قيم الصفقات الخارجية.

كان من الممكن أن تصل قيمة الصفقات الخارجية إلى مستوى أعلى بكثير، لولا أن الكثير من الصفقات التي جرى التفاوض بشأنها من العام الماضي لم تنجز. على سبيل المثال، أخفقت محاولة «سترلايت إندستريز» شراء «شركة التعدين الأميركية» العاملة في مجال النحاس «أساركو» مقابل 2.56 مليار دولار. وبالمثل، فشلت المحاولة الثانية لـ«بهارتيا ارتيل» لشراء شركة الاتصالات جنوب الأفريقية «إم تي إن» في سبتمبر (أيلول) 2009 بسبب قضايا تنظيمية.

وكان يمكن إضافة صفقة شراء «ريليانس إندستريز» لشركة «ليونديلبيسيل» للصناعات الكيماوية التي أشهرت إفلاسها مقابل 14.5 مليار دولار، لولا رفض مجلس إدارة الشركة الأميركية العرض الهندي. وعلى الرغم من ذلك، تسعى «ريليانس إندستريز» لشراء شركة كندية متخصصة في مجال استخراج النفط من رمال القطران، «فاليو كرييشن»، مقابل ملياري دولار، وهي صفقة من المحتمل أن تنتهي بنجاح، حسبما ذكر مصرفيون.

الملاحظ أن الشركات الهندية تعمل على نحو متزايد على شراء شركات في الخارج باعتبارها صفقات استراتيجية، في مؤشر على تنامي روح المنافسة داخل قطاع الشركات الهندية. وتحتل الهند المرتبة الثانية كأكبر جهة توظيف أجنبية داخل المملكة المتحدة، بعد الولايات المتحدة، وفقا لبيانات رسمية صادرة عن المملكة حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة عام 2009.

وتأتي القفزة الهندية على درجة من الضخامة دفعت الكثير من العناصر التجارية المخضرمة إلى توقع كسب الشركات الهندية مكانة بارزة على الساحة العالمية بحلول عام 2015.

وأشارت دراسة أجرتها شركة «غرانت ثورنتون» و«اتحاد الصناعة الهندي» إلى أنه بحلول عام 2015، سينتمي ثلث أكبر 500 شركة في العالم إلى أسواق ناشئة.

إلا أن مصرفيين استثماريين ومراقبين أعربوا عن اعتقادهم أن هذه لا تعدو مجرد البداية، حيث يتوقعون حدوث زيادة في عمليات عابرة للحدود للاندماج والشراء بين الشركات خلال الشهور المتبقية من العام، مع تحسن مستويات الثقة وتوافر المال على نحو أفضل، وتحسن البيئة التجارية بوجه عام.

ويأتي شراء «تاتا» لـ«كورس غروب» الأنجلو -- هولندية عام 2006 لخلق أكبر خامس شركة للحديد الصلب في العالم، على رأس أكبر صفقات الشراء التي عقدتها الشركات الهندية في الخارج. وبلغت قيمة الصفقة 7.6 مليار دولار آنذاك، وتعد أكبر صفقة شراء لشركة في التاريخ الهندي.

في المرتبة الثانية، تأتي صفقة شراء «هيندالكو إندستريز ليميتيد»، أكبر شركة هندية في مجال المعادن غير الحديدية، لشركة «نوفاليز» الكندية مقابل 6 مليارات دولار. من جانبها، أحدثت «تاتا» هزة كبرى في سوق السيارات عام 2008، عندما استحوذت على أشهر شركتين بريطانيتين منتجتين للسيارات، «جاغوار» و«لاند روفر»، في صفقة بقيمة 2.3 مليار دولار مع المالك السابق للشركتين، «فورد» الأميركية. وسلطت الصفقة الضوء على الطموح العالمي الهندي المتزايد الساعي إلى امتلاك أفضل العلامات التجارية.

واستحوذت «إسيل باكدجنغ» على شركة التغليف السويسرية الكبرى «بروباك»، لتصبح أكبر شركة في العالم منتجة للأنابيب المصنوعة من صفائح رقيقة.

وكان من شأن شراء «سترلايت إندستريز» لشركة «أساركو» للتعدين المعنية في مجال النحاس مقابل 2.6 مليار دولار عام 2008، وضعها في المرتبة الثالثة من حيث الضخامة بين الشركات العالمية العاملة في هذا المجال. من ناحيتها، سيطرت «الشركة الهندية للنفط والغاز الطبيعي» (أو إن جي سي)، على «إمبريال إنرجي» مقابل 1.9 مليار دولار في مطلع عام 2009. وقد لاقى العرض قبولا من جانب نحو 96.8 في المائة من إجمالي حاملي أسهم الشركة المدرجة في سوق الأسهم في لندن.

ومن بين القطاعات الجاذبة لاستثمارات الشركات الهندية، الصناعات المعدنية والدوائية والسلع الصناعية والمكونات، التي تدخل في صناعة السيارات وأدوات التجميل والمشروبات والطاقة