أوروبا تفاجئ العالم بأضخم خطة إنقاذ في تاريخها تقارب التريليون دولار

مسؤول أوروبي: الاتفاق سيكون حاسما بالنسبة للدول المعرضة لهجمات افتراضية

شخص يتحدث في هاتفه الجوال في البورصة اليونانية وقد ظهر خلفه لافتة إلكترونية تشير إلى ارتفاع أسعار الأسهم والسندات أمس (أ.ب)
TT

وافق القادة الأوروبيون صباح أمس الاثنين على خطة إنقاذ ضخمة قاربت التريليون دولار لمحاربة أزمة الديون التي اجتاحت القارة الأوروبية وألقت بظلالها على الأسواق العالمية، تمثلت في الانخفاضات الحادة التي شهدتها الأسواق العالمية خلال الأيام القليلة الماضية.

وخلال الجلسة الاستثنائية التي امتدت حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين، وافق وزراء مالية الاتحاد الأوروبي على تقديم 560 مليار دولار في هيئة قروض جديدة و76 مليار دولار بموجب برنامج الإقراض الحالي. وقالت إيلينا سالغادو وزيرة مالية إسبانيا التي كشفت عن تفاصيل الاتفاق إن صندوق النقد الدولي أبدى استعداده لتقديم 321 مليار دولار على هيئة دفعات.

وعبّر المسؤولون عن أملهم في أن تتمكن ضخامة البرنامج - 957 مليار دولار - من السيطرة على الأزمة بنفس الصورة التي تمكنت بها خطة الإنقاذ الأميركية التي تكلفت 700 مليار دولار والتي قدمتها الحكومة الأميركية لمساعدة أسواقها المالية المتداعية في عام 2008. وكانت ردود الفعل الأولية إيجابية للغاية حيث عاد اليورو ليتخطى حاجز الـ1.30 دولار للمرة الأولى خلال أسبوع، ليصل إلى 1.3014 من 1.2757 دولار يوم الجمعة.

في حين هبطت الفوائد على سندات الخزانة اليونانية ذات العشر سنوات، التي ارتفعت في السابق إلى أرقام قياسية نتيجة تزايد خشية المستثمرين من عجز اليونان عن سداد الديون، 5.9 درجة لتستقر عند 6.6%.

وفي بداية جلسات التداول في البورصات العالمية، ارتفع مؤشر يورو ستوكس 50، الذي يقيس السندات في منطقة اليورو، أكثر من 7% فيما ارتفع مؤشر إف تي إس إي 100 بنسبة 3.5%.

وكانت البنوك الأوروبية الرابح الأول بعد الإعلان عن الاتفاق فقد ارتفعت أسهم بنك بي إن باريبا بقيمة 14% وبنك كريدي أجريكول بنسبة 16% وبنك دويتشه بنك أكبر المصارف الألمانية بنسبة 10%.

وفي طوكيو أغلق مؤشر نيكاي 225 على أرباح بلغت 1.6% فيما ارتفع مؤشر سوق سيدني إي آند بي إيه إس إكس 200 بنسبة 2.7%، وارتفع مؤشر هونغ كونغ بنسبة 2.4% في نهاية جلسة التداول. فيما ارتفع مؤشر شنغهاي بنسبة 0.4%.

كانت الخطة التي فاقت التوقعات وشكلت خطوة ضخمة لجبهة تعرضت لانتقادات كبيرة التردد، وعدم التنسيق في مواجهة هذه الأزمة المتصاعدة.

وللتأكيد على أهمية وضع حلول سريعة، تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم الأحد بشأن الحاجة إلى تصرف حاسم لاستعادة ثقة المستثمرين. وفي إشارة إلى القلق المنتشر أعلن المصرف الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في كندا وسويسرا وبريطانيا عن تأسيس الأدوات المعروفة خطوط المقايضة. وأن المقايضات ينوي بها تخفيف الضغط على المصارف الأوروبية والأسواق المالية عبر تقديم المزيد من السيولة إلى هذه الأسواق.

إضافة إلى ذلك، أعلن البنك المركزي الأوروبي في أعقاب الإعلان عن الاتفاق أنه ستدخل في أسواق سندات الشركات والسندات الحكومية وتقديم السيولة أيضا.

ومع تصاعد المصاعب الاقتصادية، اندلعت الخميس الماضي أعمال الشغب في اليونان، وتم تشديد شروط الائتمان وشهدت سوق الأوراق المالية الأميركية انخفاضا غير مبرر وهو ما يعني أن عجز الاتحاد الأوروبي في معالجة أزمته من الديون السيادية قد يؤدي إلى نوع من الانهيار المنهجي الذي تبع سقوط ليمان براذرز.

إيلي رين المفوض الأوروبي للسياسة المالية، وصف هذا الإجراء بأنه «اتفاق تضامن سيكون حاسما إلى حد كبير بالنسبة للدول المعرضة لهجمات افتراضية خلال الأسابيع القليلة القادمة. وأشار رين إلى أن صندوق النقد الدولي سيقدم نصف ما سيقدمه الاتحاد الأوروبي في أعقاب المحادثات المطولة مع مسؤولي الصندوق».

وقال رين: «سندافع عن اليورو مهما تطلب الأمر».

ما تظهره النقاشات، التي استمرت لما يزيد على 10 ساعات، مثل تراجعا جزئيا من النظام الذي تمت مناقشته في بداية اليوم الذي يوسع من سلطة الاتحاد الأوروبي في جمع الأموال اللازمة.

عوضا عن ذلك توصل الوزراء إلى نظام يقوم بتسريع المادة التي تنص على قيام الدول التي تستخدم اليورو من الإقراض إلى بعضها البعض على أسس ثنائية وتطوعية. أحد القرارات الرئيسية التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع كان إنشاء ما سموه أداة ذات أغراض خاصة لتوزيع 560 مليار دولار في صورة قروض جديدة إذا كان ذلك الدعم سيكون مطلوبا من قبل الدول الأعضاء التي تواجه مشكلات اقتصادية.

يعكس استخدام هذه الأدوات الاقتصادية الصعوبات التي تواجهها بعض حكومات الدول الأوروبية - وخاصة ألمانيا - في التزامها بمبالغ ضخمة لسلطة مركزية. وترى بعض الدول وجود مؤسسة مثل المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في أوروبا للإشراف على الإدارة الاقتصادية للجبهة الجديدة على أنها نوع من الصدام مع السيادة الوطنية.

وتعكس اللغة على الأغلب تحفظات بعض الحكومات على تقديم المزيد من الأموال بخلاف ما وفرته في خطة الإنقاذ التي تم الاتفاق عليها بالفعل.

وأوضح الوزراء أن خط الدفاع الأول ضد الانهيار المالي يمثل توظيف برنامج القروض القائم، والذي تمت توسعته بنحو 76 مليار دولار واستخدام المزيد من القروض التي تم الاتفاق عليها «كتكملة» كما هو مطلوب.

- شارك في إعداد التقرير جيمس كارتر من بروكسل، ولاندون توماس من لندن، وسيويل تشين من واشنطن، وبتينا واسنر من هونغ كونغ.

* خدمة «نيويورك تايمز»